كيف ينبغي للعارفين ذوو التمييز
اسمع أيها الأخ الحبيب :
إن كنت تريد ألا تكون أتعابك فارغة و
أيامك باطــلة عديمـة المنفعــة ،
و أسـأل الذين يعرفــون هـــذا بالاختبــــار
الشــــــخصي و ليــس من القــراءة فقـــط ،
و لا تهدأ حتى تتعرف على جميــــع
طـــرق أعمـــــالك ،
وكل قدم تضعه فتش و افحص :
إن كنت ســـــــــائراً
في الطـــــــــــــــــريق
أم زغت إلي سبل أخرى تـــؤدي إلي التيه .
و لا
تظـــن أنه بالأعمـــال الظـــاهرة فقـط يكمـــــــل تدبير ســيرة السكون الحقيـقي .
إذا كنت تريد أن تكــــون عارفــــاً و مختــــبراً ،
و
تكون لك علامات وإشارات وأدلة خفية في نفسك فكل قدم تضعه استوضح
الحقيقة ،
هل هذا حسب ( طريق) آبائنا
أم من ضلال الشياطين .
و أنا أوضح لك بعضاً منها لكي تكون حكيماً في طريقك :
علامات السكون الجيد :
1ـ عندما تكون في السكون و
تجد فكرك يستطيع بحريته أن
يسـتعمل إرادتــه في الأمــــور اليمينيــــــة (أي النافعة
)
بلا تغصـــــب و لا بمحـاولة
التحكــم في أي
من نزعـــاته ،
2ـ إن كنت في و قت خدمة ( أي صلاة ) المزامير :
تمارس خدمتك بتمييز بلا طياشة بقدر الإمكان ،
و ينعقد لســـــــانك بغتــــــة عــــن
الكــــــــلام ،
و
يلقي على نفسك قيـــود الصمـــت لا إراديـــا ،
فأعلم أنك متقدم ناجح في سكونك و بدأت بســاطته تتضـــاعف ،
لأن السكون الساذج مرذول ،
فالتدبير الساذج يعتبره ذوي
التمييز :
كمثل العضو المنفرد الذي ليس له
تعضيد من عضو آخر .
3ـ إن كنت وأنت في السكون تجد أن : مع كل فكر يتحـــرك في نفســـــــــــــــــــــــك
و كل تذكــــار و كل منظر تمتلئ عينيك دموعــاً
فاعلم أنه بدأ
الانكسار لمعسكر الأعداء .
4ـ إن كنت في وقت ما : قد غاص فكرك داخــلك دون أن تحـاول أنـت ذلك ،
و كــــان هــــــذا على غـــــــــــــــــير المــــألوف ،
و يثبت هكـذا
دقيقة أو ســـــــــاعة أو أقل أو أكثر
و كـــان هـــذا
على الـــــدوام ( أي يتكرر حـدوثه )
فأعلم أن السحابة قد بدأت تظلل المسكن .
5ـ إن
كان بعد مكوثك زماناً في السكون و تجد أنه : قد تسلطت على نفسك
أفكـار مشتتـة تســـــوق إلي
الغضـــــب كل وقـــت ،
و
ينجذب فكرك كل
حــين إلي ما فعلتــــه قديمـــــاً ،
فأعلم أنك باطلاً تشقى في السكون ، فالطياشــــــــة متســــلطة على نفســــــك ،
و مســــــبباتها إمـــــــــــا من خــــــــــــــارج ،
أو أنك متهــاون في الأمــور الواجبــة من داخل ،
6ـ إن كنت عند دخولك السكون لا تجد سلاماً بسبب كثرة التلذذ بالآلام (فكر الشهوات )
فلا
تتعجب مـن ذلك لأن
مثـــل هــــذا ملمــــــوس في العــــالم ،
إذ بعد ما تغيب عنه أشعة الشمس يبقى تأثير حرارتها و
قتا طويلاً ،
و رائحة الأدوية ( أي الكيماويات ) وبخور اللبان عندما يطلق في الفضاء
يبقى وقتـــاً إلي
أن تتلاشـــى ، فكـــم بالأكـــثر الآلام ! .
فهي مثــــل الكلاب التي اعتادت لعق الدم في المجزر ،
إلا إذا منعت عنها ( أي عن الآلام )
المسببات التي اعتادت عليها قديمــــاً .
علامات السكون الخاطئ :
إذا بدأ الإهمــال يتســلل إلي نفســك (و هذا يكــون
دون انتبــاه كمـا يحـدث )
في حــــــــــالات الســـــــــــــــــــرقة ، فتتـراجـــــع إلي الــــوراء في
ظــــلام ،
و عندما يوشك بيتك ( أي حياتك ) أن يسوده الظلام ، تكون لك هذه العلامات :
1ـــ تشعر خفية في ذاتك أن إيمـانك يضعف ،
و
تكــون شـرها للأشــــياء الماديـة ، و
تنقص ثقتـــك و تخســـر قريبــــــك ،
و تمتلئ نفسك
لوماً لكل إنســـــان ، بالفم
و بالقلــب و بالأفكار أو بالحواس ،
و على كل أمر ، و كل شيء تلاقيه ، و حتــى علـــى الـــــرب العــــــــلي .
2ـــ تخــاف
من مؤذيـــــــات الجســــــد التي بسببها يتسلط
عليك صغر النفس
و في كل و قت ترتعب نفسـك خوفاً حتى تخـــاف و
تجـــــــبن من خيــالك .
و قــــولي الإيمـان (يضعف إيمانك) لا أعني الإيمـــــــان العــــــام الأســـــــــــاسي ،
بل القوة المعقولة ( أي
الروحية ) التــــي باستنارة الفكر تسند القلب بشهادة النية ،
وأنه ليس هو الذي يحمـل هــم نفســـه
بـل يلقي على الله اهتمامه في كل شيء .
أما عندما تتقدم في العمل فانك تنظر في نفسك
هذه العلامات والدلائل :
ــــ تحــــس في ذاتك بالرجاء ،
ــــ تتشـجع في كـــل أمــــر ،
ــــ و فــــي الصــــلاة تنجـــح ،
ــــ لا يخلـو فكرك من أمر نافع على الدوام .
+ في كل شيء تصـــادفه تحـــــس بضعـــف و عجــــز الطبـــــــــع البشــــــــــري،
و هذا لكــــــي تحفظ من التكبر من
ناحيـة ، و من ناحية أخرى يهون عليك زلل قريبك .
و تشتــــــــهي الانتقال من هذا الجســـد ،
شـــــــــــــــوقاً إلي اقتراب الأشياء التي نحن عتيدين أن تكون فيها ( في السماء ).
و في كل ما يصادفك من المحزنات الظاهرة
أو الخفية تجد أنه قد وقعت عليك بالعدل
( أي
يشعر الإنسان أنه مخطئ و أن هــذه المحـــزنات ما هي إلا عقـــاب يســـتحقه )
و يكون ذلك بيقين كامل و بدون شك ،وتعترف
و تشكر ( الله )على جميع ( ما يصادفك )
ــ هذه الأشــياء وضعتهــــا للحريصين و الثابتـــــــــين في
الســــــكون
الذين يريــدون البلــــوغ إلي تحقيـق (الهدف من هذه ) الســـــــيرة .
ــ أما المنحلون و المتهـاونون فليســـــوا محتــــــــــــــاجين
إلي الدلائـل الدقيقة
( التي تكشـــف لهــــم ) مكامن السقطات لأنهم
بعيدون عن الفضائل الخفية .
فعلى أي حـــــال إذا بـــــدأت واحــــدة مــن هــــذه تظهــــــر في
نفســـــــك
فميز في الحـــال إلي أي ناحية قد ملت ، و في الحال تعرف من أي نوع هي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق