الخميس، 16 مايو 2013

المنزلة الثالثة فى السكون ـ ميامر مار اسحق ( الميمر السابع ) ـ الجزءالاول .


الميمر السابع ( 4 )

المنزلة الثالثة فى السكون



 + إنه من حيث يبدأ الإنسان بتدبير سيرة الفكر، 
                                                           الذي هو الهذيذ بالإلهيات، 
 و إلى أن يصــل إلى تدبــــير السيرة الروحانية، 
                                                          الذي هو الدهـــــــش بالله، 
فهو أكثر من كل الأعمال مضطر للصلوات بتغصب، التي تكمل بالمطانيات،
 وأن لا يبطل من الصوم أبداً، 
و أن يأخذ من الغذاء على قدر ما يقوم به الجسد في عمل الصلاة هذا.

فإذا ما دنا واقترب من سيرة المنزلة الثالثة،وحظي بحدودها،
فإنه من ههنا يجد أن :
الأشياء التي كان يعملها بتغصب في هذا الموضــــع، 
أصبح الآن ينجذب إليها باضطرار الحلاوة في كل وقتٍ، 
و يتخلف عنه التغصب

و الذي يجذبه إلى هـذا بغير إرادته هو الدهــش حيث يوجـد على الدوام  
-  من أجل تنعمه بالأفهام - جاثياً على وجهه، بلا أفكار ولا حواس الصلاة،
 و بلا طياشة ولا هذيذ،بل يكون له إحساس بما هو هناك. 

ولا أعنى بذلك عن الدهش الكامل في طبيعة المسجود له سيد الكل، 
بل أن العقل يرتفع عن هذه الأمور السفلية, ويبقى في حس الدهش 
بســياسة تدابـــــير الله الممـــلوة إفـــرازات، والعــــــوالم والأجيـــــال.
 ويقع هذا في النفس، وبالأشياء التي تنفعل بها كل يوم وفي كل وقت، 
إن كان في الخفاء أو في الظاهر. 

لأنه متى تحرك العقل فــــي النعمــــة في الأمـــــور الروحـــــــــــــــانية،
فلأجل حلاوة المعرفة يتخلف من الهذيذ و الذكر وقتاً كثيراً وهو في دهش.

+ لقد شبَّه الآباء القدماء نفس المتــوحد بالعــــين، 
لأنهــــا كلمـــــا كـــانت هــــادئة مــن كـــل طـــنين الســـماع والنـــــظر، 
يستطيع المتوحد أن ينظر الله وذاته بصفاءو ينشل من ههنا مياهاً عذبة، 
التي هى أفكار التقانة (أي نقاوة التجديد المزمع)، 

أما إذا اقـــترب من الســماع و النــــــظر، 
فهو بسبب الاضطراب الذي تقبله نفسه، 
يشبه إنساناً يسير في الليل وقت انتشار السحب 
في الجو فلا ينظر أمامه طريقــاً و لا سبيلاً،
و بسهولة يتوه ويضل في بلاد قفرة مؤذية.

فإذا ما هدأ مع نفسه يكون كمن تهُبُّ له ريح حسنة، 
و تجعل الجو بهجاً فوق رأسه، و يبـــدأ أن ينير أمامه ،
 فينظر ذاته ويتمــيز كـــيف هــو ، وإلى أين ينبغي أن يمضى،
 و ينظر منزل الحياة من بعيد.

+ ولأن جيلنــا الردئ هذا يا إخوتي، لا يســاعدنا لكــي نجــــــد 
الهدوء بالتمام والسكون الحقيقي مثلما كان في الأجيال الأولى، 
فأي موضع نكون فيه، فلنجلس مع نفوسنا و لو كان ليــوم واحـدٍ، 
ليس في الدير فقط  ، بل وفي الطــريق وفـي أي موضــع كــــان، 
ولو لساعة واحدة . فقــد عــبر ذلك الزمــان الــذي كان يــتوافق؛ 
ولهذا لا تنتظر العدل والترتيب، بل يوماً بيوم نطلب أن نهـدأ قليلاً، 
ولو تحت سقيفة أو في خرابة. 

باختصار : كل موضع يقع بيدنا السكون
 فلنضبطــه حســناً بالانقبـــاض إلى نفوسـنا، إن كــــان يومــاً أو اثنــين؛
 لأن الحكماء هكذا يقتنون أنفسهم في هذه المدة القصيرة من حياتهم،
 لئلا يدركنا الموت بغتة، و ما نبلغ أملنا. 
وإن كان ثمة راهب فيه كفاءة لنعمة السكون هذه،
و حظي بها من الله، ويعترضه أحد من الأســــاقفة 
أو رؤسـاء المجــــامع ليمنعــــه مــــن الســــكون، 
تكون عليه دينونة ويعطي عنه الجواب قدام المسيح، 
ولربنا المجد دائماً أبدياً
 أمين.
كمل بسلام من الرب ما وجدناه
في الجزء الأول لمــار إسحاق،
و بقيته لا توجد إلا في بلاد السريان.

 الرب يغفر لنا خطايانا وخطايا الرهبان آمين.



العوده الى :
   
          

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق