الميمر الثانى ( 14 )
الصلاة و الأفكار الشيطانية
+ فلتكن لك هذه العلامة في كل درجـة ابتدائك أن تميز و تعرف أنك عندما تكون :
متيقظاً و محترساً في خدمة الأوقـات ( أي صلوات المزامير )
و حفــظ قــــــوانين السـكون ، فإنك لا تطيـــــش كثــــــيراً . أما عن تحريك الأفكار الرديئة فاعلم بالحقيقة أنها :
ليست أفكــار آلامـك ، بل مجاذبات الشياطين ؛
لأن الأفكــــار الألميـــــــــة التــــي من العـــــــــــــــادات القديمــــــــــــــــــــة ،
لا تتحــــــرك في الإنسان ما دام متيقظـاً و نيَّراً و حريصـاً في عمله الروحـاني ،
و إن تحركت فهي سريعاً تضمحل بسبب يقظة و حرص عمله و بغضتـــه لهـــا .
أما مجاذبات الشياطين :
فما دام الإنسان عقله متيقظ و مضيء و محترس في عمــل البر،
و بالأكــثر في خدمة المزامـير و صــلاة أبانا الــذي في الســموات ،
و كــلام التلاوة الذي يرتبه الإنسان من عنده و يصلي به بغير فتـور،
إن أكــل أو شرب أو نام أو مشي ، فإن هذه الأعمال و هذه اليقظة
و هــذه الصلـــوات بالأكـــثر تحـــرِّك الشــياطين بالحسـد مقـابله ؛
لأنهــم يخافـــون أن يقتني منهـــــا ســــــــــلاحاً ضـــــــــــــدهم .
و لهــــــــــــذا فهُــــم على الـــــــدوام يحـــــرِّكون فيه مجـــــاذباتهم و أفكـــارهم ،
لعلـــــــــــــه ينحـــــل و يرتخـــــــــــي من الأعمــال و يمـــــــلّ من تدبـــــــــــيره .
+ لأن خدمة المزامير و صلاة أبـــــانا الذي فـــــــــــــي الســــــــــــــــــموات ،
و صلاة التـلاوة التي يرتبهــا الإنســـان من ذاتــــــــــه ،
و يمجِّــد بهـــا الله من أجـــل عظـــــــم مجــــــــــــــــده ،
و يعترف بها بالخيرات التي أعطانا إياها و وعدنا بهـا ،
و بها يتضرع و يطلب الرحمة و الشــفاء و الخلاص ،
هذه الثلاثة أنواع من الصلاة :
تكون للشياطين كمثل السهام المتقدة المسمومة فتقتلهم و تستأصلهم .
+ و إذا ما طشـــت بأفكــارك و أنــــت في الســـــــــكون ،
ثــم تهاونــت بتكميــل خدمـــة المزامــير و قوانينـــك ،
فإن أفكار آلامك أنت
هي التي تنمـــــــو بالأكـــــــــثر داخــل قلبـــــك ،
و تضغطك أزيد من مجاذبـــات الشـــــــــــياطين .
+ و مع معرفـــة الآلام هـــــــذه ، و الجهـاد مقابل مجـــاذبات الشــــياطين ،
و الاعتنــاء بنقــاوة القــــــلب ، و نقـاء الضمـير و صفـــــــاء النفـــــس ،
تعلَّم أيضـاً ، بشــــــوق زائد ، و محبـــــــــــــة و أعمال مفروزة بالعقل ،
أن تقتني حقــاً الصـلوات التـي بغـير فتــــــــور و لا طياشـــــــــــــــــة .
لأن كل تدبير العقل :
حسب شريعة السكون هو محدود ، كما قلنا , بهذه الصلوات .
فبالصـــــلاة التي بلا فتــــــــــــــور و هـــــدم الأفكـــــــــــــار ،
إذ لا يتلذذ الإنسان على الإطلاق بإرادتـــــه
في شيء من دغدغات الخطية بالتنازل مع الأفكار ،
ما خـــلا ما يكـــون من غصــب و ضغـــط صعــوبة القتـــال ،
بل يقتــــني بغضـــــــة كثــــــيرة لهـــــــــــذه الأفكــــــار –
فبهــــــذه الصـــــــلاة التي بلا فتـــور مع هدم الأفكــــــار ،
يحــــــــــلو للإنسـان تدبـــــــــــــــير الســـــــــــــــــكون .
+ إن كنت ما تتعـــب جســدك ,
و تفني نفسك في كل حـــين ،
و في كــــــــل شــــــــــــــيء ،
و كـــــــــــــــل موضــــــــــع ،
و بكـــــــــــــل فعــــــــــــــــل ،
و لو أن فكــرك قد يطيـــــش من أجـــل ترتيب ابتدائــــــك ,
فلن تُعطى لك الصلاة التي بلا فتور .
و إن لـــم تتيقظ نفســك في هــــــدم أفكــــار الآلام و الشـــــياطين ،
فلــــــــن يجود الله عليك بجمع العقل و الانقباض من طياشة الأفكار .
+ إن هاتين الفضيلتين :
أي الصــلاة بلا فتـــور و نقــــــــــــــاوة الأفكــــــــــــــــــار ،
محـــــدود بهمـــا و محصور فيهما جميع سيرة العقل .
و هما مرتبطتان الواحدة مع الأخرى و مركَّبتان و متحدتان معاً .
و كمـــــا أن طبــــــع الجســـــــــــد شــــيء ,
و طبيعــــة النفـــــــــــس شــــــيء آخــــــــــر ،
و باتحادهما ببعــــض يكوِّنـــــــــــــان إنســــاناً و احــــــــــداً ،
و من غــير اتحادهما و شركتهما معاً لا يكمـل لهمـا فعـــــل ،
هكذا أيضـــاً :
فالصــلاة شــيء و نقــاوة الأفكــار شـيء آخـــــــر ،
و لأجل شركتهما و اتحادهما معاً يقام منهما تدبير سيرة واحدة .
تُســمى من الآبـــــــــــاء ســــيرة العقـــل ،
و كل واحدة منهما مفتقرة إلى تكميل الأخرى .
حسب قول القديس مرقس :
« إن النية الصالحـة بالصــلاة توجد ،
و الصــلاة بالنية الطاهرة توجــــــــــــد ،
و كل واحدة منهما محتاجــــة إلى رفيقتهـا كمثـل الطبيعـة » .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق