الرسالة التاسعة للقديس أنطونيوس
أحبائي فى الرب أرسل لكم السلام …
إن الإنسان إن كان يريد أن يحب الله بكل قلبه و بكل نفسه و بكل قدرته ،
فإنه ينبغى أن يقتنى مخافة الله أولاً ،
و المخافة تولد فيه البكاء ،
و البكـــاء يولد الـــــــفرح ،
و الفــــرح يولد القــــــوة ،
و فى كل هذه تكون النفس مثمرة ، و حينما يرى الله أن ثمرها جميل هكذا ، فإنه يقبلها إليه كرائحة طيبة ، و يفرح مع ملائكته بتلك النفس فى كل حين ، و يملأها بالبهجة ، و يعطى للنفس حارساً ليحفظها فى كل طرقها لكي يجعلها تصل إلى موضع الحياة و الراحة و ليمنع الشيطان من أن يقوى عليها . لأن الشرير حينما يرى هذا الحارس الإلهي ، أي القوة المحيطة بالنفس فإنه يهرب ، خائفاً من الاقتراب من الإنسان .
و الآن يا أحبائي فى الرب ، الذين تحبهم نفسي و أنا أعلم أنكم محبون لله :
اقتنوا فى أنفسكم هذه القوة ، لكي يخاف منكم الشيطان ، و لكي تكونوا مجتهدين
و فرحين فى كل أعمالكم و لكي تحلو لكم الإلهيات .
فإن حلاوة الله سوف تمدكم بأعظم قوة ، لأن حلاوة حب الله ” أحلى من العسل
و الشهد ” ( مز 19 : 10 ) . إن كثيرين من الرهبان و العذارى فى المجامع لم يذوقوا حلاوة الله العظيمة هذه ، لأنهم لم يقتنوا القوة الإلهية ـ فيما عدا قليلون منهم هنا
و هناك ـ لأنهم لم يتاجروا فى هذه القوة و لم يسعوا لطلبها ظانين أنهم قد إقتنوها ،
و لذلك فإن الله لم يعطها لهم . لأن كل من يسعى للحصول عليها ، فإنه ينالها كعطية من الله ، فإن الله ليس عنده محاباة ، و لا يأخذ بالوجوه ، بل هو فى كل جيل ، يعطيها لأولئك الذين يستثمرونها .
و الآن يا أحبائي فى المسيح :
أنا أعلم أنكم تحبون الله . فبما أنكم أتيتم إلى هذا الطريق ، فقد أحببتم الله بكل قلبكم ، و لهذا السبب فأنا أيضاً أحبكم بكل قلبي ،
أنا أعلم أنكم تحبون الله . فبما أنكم أتيتم إلى هذا الطريق ، فقد أحببتم الله بكل قلبكم ، و لهذا السبب فأنا أيضاً أحبكم بكل قلبي ،
و لأن قلوبكم مستقيمة ، فإنكم تستطيعون أن تقتنوا هذه القوة الإلهية لنفوسهم ، لكى تصرفوا كل زمان حياتكم فى حرية و فرح ، و يصير كل عمل من الله خفيفاً و سهلاً عليكم بتأثير هذه القوة التي يعطيها الله للإنسان هنا ( على الأرض ) ، و أيضاً , فإن هذه القوة تقود الإنسان إلى تلك الراحة ، و تحفظه حتى يعبر كل ” قوات الهواء ” ( أف 2 : 2 ).
فإنه توجد قوات عاملة فى الهواء تحاول أن تعوق البشر و تمنعهم من المجئ إلى الله .
لذلك فلنرفع صلاتنا إلى الله ، لكى لا يمنعونا من الصعود إليه . فمادام الأبرار يحصلون على القوة الإلهية فيهم ، فلا يستطيع أحد أن يعوقهم . و هذه القوة الإلهية
حينما تسكن فى الإنسان فإنها تجعله يحتقر كل إهانات ، و كرامات البشر ، و يبغض كل أمور هذا العالم ، و كل راحة جسدية ، و يطهر قلبه من كل فكر شرير ، و من كل حكمة هذا العالم الفارغة ، فقدموا طلبات مع صوم و دموع ليلاً و نهاراً ، و إن الله الصالح لن يتأخر عن إعطائكم هذه القوة .
و حينما تنالون هذه القوة ، فإنكم تصرفون زمان حياتكم فى راحة و سلام و حرية من كل هم ، و تجدون دالة عظيمة أمام الله ، و هو يعطيكم بنفسه هذه الدالة .
و كان لي كثير أريد أن أكتبه لكم ، و لكنى كتبت هذا القليل بمحبة عظيمة أكنها لكم .
كونوا معافيين فى قلوبكم فى الرب , فى كل فعل محبة نحو الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق