السبت، 28 نوفمبر 2015

القديس انطونيوس و التعليم :

القديس انطونيوس و التعليم :
  لم ينعم طويلاً بالخلوة التي تاقت نفسه إليها، لأن صيته ذاع، و فاح عبيره، فتقاطرت عليه الناس من مصر أولا ثم من كافة أنحاء العالم، و حين وصلت إليه أول جماعة منهم رفض أن يراهم، ولكنهم اقتحموا الباب بقوة مدفعين نحوه بدافع غيرتهم لرؤيته ، و الإغتراف من روحانيته ، و الحصول على بركته، ومن تلك اللحظة لم ينعم بالخلوة مع الله إلا فى فترات متقطعة، وروض نفسه على استقبال الجماهير المتقاطرة عليه بوجه مضيء و ابتسامة هادئة، ولم يكتف بذلك بل كان يسأل عن احتياجاتهم، ويشفى مرضاهم، ويعزى الحزانى منهم، و يهدىء النفوس الثائرة.

 اعتاد القديس انطونيوس أن يترك عزلته بين الحين و الآخر ليجتمع بتلاميذه العديدين و يلقى عليهم دروسه و ارشاداته، حاثا إياهم على النمو فى النعمة، ومثبتا أقدامهم فى هذا الطريق الوعر – طريق الرهبانية الذى إرتضوه لأنفسهم طوعاً و إختياراً، و مشدداً عزائمهم على المضى فى جهادهم دون ضجر أو ملل.. و كثيراً ما يقص عليهم طرفا من جهاده ومحارباته، لا لشيء إلا لينير السبيل أمامهم لئلا ينخدعوا بحيل الشياطين فيسقطوا، وقد بلغ بعض هؤلاء التلاميذ قمة القداسة، وصاروا ضمن القادة الروحيين الذين أناروا السبيل أمام الإنسانية المتطلعة نحو مجد الله.
نقتطف هنا بعضاً من أقواله التي ورد ذكرها فى كتاب بستان الرهبان،
وتاريخ الكنيسة القبطية للقس منسى يوحنا :
 
فى المحبة :
قال القديس يوما لتلاميذه: " أنا لا أخاف الله! "
فدهشوا وقالوا له وكيف ذلك؟ فقال:
" لأنني أحبه يا أولادى، والمحبة تطرد الخوف إلى خارج! ".
" لا خوف فى المحبة، بل المحبة الكاملة تطرد الخوف إلى خارج، لأن الخوف له عذاب، وأما من خاف فلم يكتمل فى المحبة " (1 يو 4: 18).
فى التواضع :
قال الأنبا أنطونيوس: أبصرت فخاخ الشياطين مبسوطة على كل الأرض فتنهدت وقلت: من يستطيع أن يفلت من كل هذا يارب؟
فاتانى صوت من السماء قائلاً: المتضعون يقلتون منها!
.. فقريب هو الرب من المنكسري القلوب و يخلص المنسحقى الروح
(مز 34: 18).
عن دينونة الغير :
قال: لا تدن أخاك ولو رأيته عاجزا عن تأدية جميع الفرائض لئلا تقع فى أيدى أعدائك إذ من أنت يا من تدين غيرك؟! (يع 4: 12)
عن الأحلام الشيطانية :
جاء بعض الأخوة إلى القديس ليخبروه عن أحلام يرونها ليعلموا هل هى حقيقة أم من الشياطين، فأوضح لهم القديس أن الشياطين ليس لهم سابق معرفة بالأمور، وإنما إمكانياتهم (كأرواح) فهم سريعاً التنقل فى الهواء، فإذا علموا نية أحد فى الأتيان بأي أمر فأنهم يسرعون بالأخبار به قبل وقوعه، و عندما لا ينفذ صاحب الفكرة ما أنتوى عليه.. هنا يكتشف كذب الشياطين، لأن علم الغيب لله وحده.


و قال معزياً :
كان القديس انطونيوس صديقا حميما لديديموس (ناظر المدرسة اللاهوتية بالإسكندرية فى عصر القديس أثناسيوس الرسولي) الذى فقد بصره، وإذ صادفه عند ذهابه إلى الإسكندرية للدفاع عن الأيمان و وجده متألماً أراد تعزيته فقال:
" إني لمتعجب من حزنك على فقد ما تشترك فيه معك أحقر الحيوانات كواسطة للشعور بها، ما دام لا شعور عندها غير البصر، و لا تفرح متعزياً لأن الله خولك نظراً آخر لا يهبه تقدس أسمه إلا لمحبيه، فأعطاك عينين كأعين الملائكة تبصر بهما الروحيات بل بواسطتهما عرفت الإله نفسه وسطع نوره أمامك فأراح دياجير الظلام عن عيني قلبك فاستنرت ".
و يقال أن ديديموس قد تعزى بهذا القول، و كان يردده طيلة حياته


و قال منشطاً تلاميذه :
الشياطين يفزعون جداً من الصلوات و الصوم و السهر و التقشفات، لا سيما احتقار العالم و الفقر الأختيارى وكسر حدة الغضب لأن هذه الفضائل تسحق رأس ابليس، كما أن أسلحة محاربتنا لأعدائنا هى الأيمان الحى و السيرة النقية.


وقال لاظهار و سائل الأنتصار :
" إن السلوك فى سبيل الفضيلة هو أفضل من فعل المعجزات، والأنسان يستطيع أن ينتصر بسهولة على الشيطان إذا أخلص العبادة لله من كل قلبه بسرور باطنى روحى مستحضرا الله فى ذهنه كل حين لأن هذا النور يمزق ذلك الظلام ويزيل تجارب العدو سريعا، ومما يفيدنا فى ذلك النظر إلى سير القديسين واقتفاء آثارهم فإن فيها تحريضا على الأقتداء بهم ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق