الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

مؤسسات نظام الشركة للقديس يوحنا كاسيان ــ الكتاب الاول ــ ملابس الراهب

الكتاب الأول
ملابس الراهب
إن كان قد اهتم القديس كاسيان حتى بملابس الراهب لكنه كقائد روحي حيّ يركز على أعماق النفس الداخلية بفكر إنجيلي. ففي مقدمة حديثه عن ملابس الرهبان يقول: [عندئذ يمكننا أن نشرح في الوقت المناسب حياتهم الداخلية عندما نضع أمام أعينكم إنسانهم الخارجي. فإن الراهب كجندي للمسيح مستعد دائمًا للمعركة يلزمه أن يسير على الدوام ممنطقًا حقويه[1].]
1. غطاء الرأس أو كوكوللا: cuculla يرتديه الرهبان المصريون ليلاً ونهارًا. يرى فيه القديس كاسيان تمثلاً بالأطفال ليعيش الرهبان في بساطة واتضاع، ولكي يعودوا إلى الطفولة في المسيح يسوع، مترنمين في كل الساعات بالقلب والنفس: "يا رب لم أسلك في العظائم، ولا في العجائب التي هي أعلى مني، فإن كنت لم أتضع، لكن رفعت صوتي مثل الفطيم من اللبن على أمه" (مز1: 131، 2) [2].
2. ثوب الراهب: يجب ألا يكون فاخرًا، بل يكون ثوبًا ليغطى به جسده[3].
3. قميص tunic من الكتان يصل إلى الركبة وبلا أكمام، ليدرك الراهب المصري أنه قطع كل أعمال هذا العالم، وأنه قد مات عن كل أحاديث أرضية (كو3: 5؛ غلا2: 20؛ 6: 14)[4].
4. اسكيم من الصوف، يمر خلف الرقبة ثم ينقسم أمامها ليعبر كل منهما تحت الإبط ويدور حول الوسط. غايته أن يضم ملابس الراهب حتى لا تعوقه عن العمل، بل يكون دائمًا مستعدًا لكل عمل، ساعيًا بكل قوته أن يحقق وصية الرسول: "حاجاتي وحاجات الذين معي خدمتهما هاتان اليدان" (أع 20: 34)، "ولا أكلنا خبزًا مجانًا من أحد بل كنا نشتغل بتعب وكدٍ ليلاً ونهارًا لكي لا نثقل على أحدٍ منكم" (2 تس 3: 8)، "إن كان أحد لا يريد أن يشتغل فلا يأكل أيضًا" (2تس 3: 10)[5].
5. ثوب من جلد الماعز يُدعى melotes أو pera، يرتديه الراهب متمثلاً بالذين عاشوا في العهد القديم كظل للحياة الرهبانية، وكما يقول الرسول: "طافوا في جلود غنم وجلود معزى، معتازين مكروبين مُذلين، وهم لم يكن العالم مستحقًا لهم، تائهين في براري وجبال ومغاير وشقوق الأرض" (عب 11: 37،38). يشير هذا الثوب الجلدي إلى تحطيم كل ملذات الجسد لكي ينطلقوا على الدوام في سمو الفضيلة، فلا يبقى في أجسادهم شيء من شهوات الشباب والتفكير القديم التافه[6].
6. العصا: يستخدمونها متشبهين باليشع النبي (2 مل 4: 29)، أما مفهومها الروحي فهو أنه لا يليق بالراهب أن يسير غير مسلح بين كلاب الخطايا التي تنبح والوحوش الروحية في الشر غير المنظورة، هذه التي أراد داود الطوباوي أن يتخلص منها، قائلاً: "لا تسلم يا رب للوحش النفس التي اتكلت عليك" (مز 74: 19). عندما تهاجمه يلزمه أن يضربها بعلامة الصليب ويطردها بعيدًا. وعندما تثور بعنف ضده يبددها بمصالحته الدائمة التي لآلام الرب وإتباعه مثال حياة الإماتة[7].
7. لا يلبسون النعال (ربما لأنهم يشعرون دائمًا انهم على أرض مقدسة خر3: 5 ؛ يش5: 16). لكن يمكنهم ارتدائه في حالة ضعف الجسد أو صقيع الأرض صباحًا في الشتاء أو حرارة الظهيرة، فهو للحماية فقط، متذكرين أنه يلزم للنفس أن تكون دائمًا مستعدة للسباق الروحي والكرازة بإنجيل السلام، حيث تجري أقدامنا نحو رائحة المسيح الذكية. وكما يقول داود "أجري في عطش" (مز62: 3) وإرميا: "اتبعك بغير اضطراب" (إر17: 16 LXX). يلزمنا ألا نربك أقدامنا باهتمامات العالم القاتلة.
8. يختم القديس كاسيان حديثه عن ملابس الراهب المصري بتأكيد ارتداء المنطقة الروحية، فيكون الذهن مستعدًا لكل عمل للدير دون عائق بثيابه، وبأكثر غيرة نحو نقاوة القلب فينمو روحيًا ويتمتع بمعرفة الإلهيات، ويمارس الإماتة عن الشهوات والملذات، متذكرًا على الدوام وصية الإنجيل: "لتكن أحقاؤكم ممنطقة" (لو 12: 35)[8].
----------------
[1] فصل 1.
[2] فصل 3.
[3] فصل 2.
[4] فصل 4.
[5] فصل 5.
[6] فصل 7.
[7] فصل 8.
[8] فصل 11.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق