إنهـا يارب ساعة مباركة، تلك التي أجلس فيهــا إلي ذاتي .
ذلك لأني عندما أجلس إلي ذاتي، إنما أجلس معــــــــــــــك .
إذ أنت في داخلي، وإن كنت لا أراك كما كنت في العالم، والعالم لم يعرفك .
لذلك يارب كانت احدي خطاياي الكبري في العالم، هي الهروب من ذاتي .
لم يكن لي وقت لأجلس فيه مع ذاتي .
ويعطيني فرصة أجلس فيها إلي ذاتي، وأجلس فيها معك،
كنت أنا – لفرط جهلي –
أبحث عن مشغولية جديدة أو اهتمام جديد، لأشغل بها الوقت !
كان الجلوس إلي ذاتي نوعاً من الكسل !
كنت وأنا في العالم أعرف نظرياً أهمية الجلوس إلي النفــس ،
ولكنني من الناحية العملية لم اعر هــــذا الأمـــــر اهتمامـــاً .
فكنت مشغولاً علي الدوام، مشــغولية مســـتمرة لا تنقطـــــع...
من أجل ذلك يارب، لم أر الكـــنز الموجـــــود داخـــل نفـــسي ،
الذي هو أنت …
وعندما كنت أجلـــس بعض الوقــت إلي ذاتي ،
واري ولــــو شـــعاعاً ضئيــلاً من ذلك الكـــنز ،
كنت أخفيه إلي أن أجد وقتاً أطول أتفرغ فيه له ،
كنت اخفيه حتي أذهب أولاً، وأدفن أبي . واري حقلي واختبر بقــري!
وأخيراً يارب، عندما سمحت لي في يوم ما لا استطيع تحديده تماماً،
أن أجلس إلي نفسي ذلك الجلسة الطويلة الهادئة ،
وأكتشــــــف ذلك الكـــــــنز المخبـــــــأ فيهــــــــا ،
عند ذلك بعت كل شئ وأشــــتريته ذلك الكـــــــنز ،
الذي هو أنت ، فصرت ..
وهاأنذا يارب أعترف لك :
إننـــــي عندمـــــا أجلــــس إلــــى نفســـــــــي ،
اشعر في كل مرة ان نفس أثمن من العالم كله .
وعندما أشعر أن نفسي أثمن من العالم ،
يصـــــغر العـــــالم في عيـــــني جــــــــداً،
واخـــــذ منـــك نعمـة الزهـد في كل شــئ.
وعندما أزهــد كل شئ ،
أنظر فأجدك أمامي تشجعني وتقول لي :
{ لا تخف.. أنا معك }.
وعندمــا أجلــس يــارب إلي ذاتي ، , اكتشـــف ما بداخلهــــــــــا ،
وأري أيضاً ما فعله الغربـاء الذين تطـــالوا علي مقادســك فيها ..
وعندما أري ذلك، وأعرضه عليك، لكي تحفظ من الغرباء نفسي ،
عندئذ تطول بي الجلسة ، وأجد أشياء كثيرة لأقولهــا لك وله . .
عند ذلك تضـــــؤل أمامي التعزيـــات البشرية ،
ولا ابحـــــث عـــن الاســــــتئناس بالنـــــــاس ،
بل بالأكثر أحـــب الوحــدة والخـلوة والسـكون ،
حتي لا أحرم من تلك الجلسة اللازمة لي جـــداً،
التي تجلب لي الانسحاق والنقاوة .
وأحياناً يارب ،
عندمــا أجــلس إلى ذاتي وأتعمــــق في بحثـــي داخلهـــا ،
أجد في بعض أركانها حيات وعقــــارب كامنـــة نائمــــة ،
أو هي تحاول أن تأكل حبات قلبي في صمت أو في خفية ،
وتنفث سمومها في دمي وفي فكري وفي مشــاعري، دون أن أردي...
وهذه عندما كنت أنظر إليها ، كانت تستيقظ و تلدغ ضميري وتتبعني .
ولكني كثيراً ما كنت أتركها نائمة حتي لا تتعب نفسي ،
ولكن ما الفائدة يا رب في ان اتركها هكذا ،
وأتعابي عنها باحثاً عن نيــاح نفســـاني ؟!
خداع هو في الحقيقة ، وهرب من النفس ...
أليس من الأفضل أن أكشف هذه الحيــات وأقاتلهــا ؟
ارحمــــني يـــــارب فـــــإني ضعيـف ،
وشاعر وعجزي من مقاتلة أصغرها .
اصلح أن اكشــفها لك يارب ، وأنت تقاتــل عني ،
{ علي رجز الأعداء تمد يدك وتخلصني يمينـك } .
وعندمـا أجلــس يـــارب إلى نفـسي، اعــــرف حقيقتـــي ،
وأرى إنني تراب ورماد قدامك، فتتضع نفسي في داخلي ،
وتشعر بأن مجد العالم إنما هو طــــــلاء خـــارجي زائف ،
لا يغير من حقيقة النفس شئياً…
وعندما أجلس إلي ذاتي وأشعر بضعفي ، التصق بك بالأكثر .
متأكداً أنني بدونك لا استطيع شــيئاً .
وكلمــا ألتصــق بـــك، تكشف لي ذاتك،
فأري أنـــــــك أبرع جمالاً من بني البشر،
فأحبك، وأحب الجلوس معك أكثر من جلوسي مع سائر الناس ..
وفي كل مرة أعرف عنك شيئاً جــديداً، فتزداد نفسي تعلقــاً بك .
أعطني يـــــارب أن اترك النــاس، وانشغل بنفـسي،لأربطها بك ،
ثم أعطني يارب أن انسي نفسي، وأنشغل بـــــــــــــــــــــــــــك...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق