الميمر الخامس
العمل الذي يغضب الإنسان ذاتــــــــــــــــــــه ، و يقسرها عليه :
تتولد منه أفكـــار جديـــدة حـــــارة تلتهـــــــــب فى القــــــلب ،
والعمـــــــــــل والاحتراس يعطيــــان للعقــــــــل صــــــــــــفاء ،
ويمنحانه بصيرة تـــــــــلد الأفكار الحــــارة التي ذكرتهـــــــــا ،
وذلك بواســــطة رؤيــــــا النفـــــــــــــــــــــــس العميقــــــــــة ،
والتى تــــــدعى ثاؤريـــا ( أى الرؤيا الإلهية ) .
وهذه الرؤيا تولد الحرارة التي منهـــا تنســكب الدموع .
وفى البداية يأتى القليــــل منها للإنســــــــــــــــــــــــان ،
أى أنها تظل يوماً واحـــــداً في معظم الأحوال ثم تتوقف ،
لكنهـــا بعد ذلك تـــــــتزايد بغير انقطـــــــــــــــــــــــــاع .
ومن هذه الدموع يحـــــل في النفس ســــــــلام الأفكـــار ،
ومن سلام الأفكار ترتقي إلى نقاوة العقـــــــــــــــــــــــل ،
وبواسطة نقاوة العقــــل ينظر( العقل ) الخفيـــــــــــــات ،
لأن الطهــــارة مكنـــوزة في الســــلام النــــــــــــــــاتج ،
من الانتصــــــــــــــــار على القتـــــــــــــــــــــــــالات ،
وبعد هذه يبلغ العقل إلى نظر الاستعلانات والآيــــــات ،
كما شـــــــــــــاهـــــــــد النبي حزقيال ( تلك الرؤيــــا )
التي تمثل الدرجات الثلاث التي بها تدنو النفس من الله
( راجع حز 43 :3-5) .
وأنه لا يمكــــــن العبــور بعد المرحــــــلة الثالثــــــة .
وبداية هذه المراحل ، الإرادة الجيــــــدة والنية الصالحة نحـــو اللــــــــــــــــه ،
ثـــــــم أعمال السكون التي بلا تراجع ، وعدم الانحراف ( عن طريق الجهاد ) ،
وهــــــذا يتولـــــد من فرط الانقطـــــاع والابتعـــاد عن الأمـــــــــور العــالمية .
ولا ضرورة لوصف كل نوع من أنواع الأعمال لأنها معلومة عند الكل ،
ولكن لما كان شرحها للقراء لا خسارة فيه بل مفيد جدا – حسبما أرى –
فالواجب يبان ذلك فنقـــــول ان هذه الأمور هى :
الجـــــــــــــوع ،
القـــــــــــراءة ،
الســــهر بتيقظ كل حين حسب قـــدرة كل واحـــــــــــــــــــــــــــــد ،
والمطانيـــــات التي يؤديها الإنســـان فى سواعى الليل والنهــــار ،
كثيرة كــــــــانت أم قليلة ينبـــــــــغى أن تكون ثلاثين فى كل دفعة ،
وبعـــــــد ذلـــك يقبل الصليب المكرم ثــــــــم تتكـــرر ،
وقوم يزيــــدون عن هـــــــــــذا العدد حسب قدراتهم .
وقوم يقضــــون في صلاة واحدة ثلاث ســـــــــاعات بعقول متيقظـــــة ،
وهم ملقـــون على وجوههم وعقولهم بلا تغصـــب ، ولا طياشة أفكار .
إن هذين الأمرين ( عدم التغصب وعدم طياشة الأفكار )
يدلان ويوضحان كثرة النعمة ووفرة غنــــــــــــاها
التي تفتقد كل إنسان حسب استحقاقه بحرارة ووفرة ،
أو تقبل فى النفس بهدوء .
أما من جهة الصلوات الأخرى والثبات فيها بدون تغصب ،
والمتحــــــــررة من القسر ،
فما أظـــــن أنه من الواجـــــب والعدل إظهار ذلك وإبرازه
بقـــــــول أو بكتابـــــــــــة
خوفاً من أن القارئ
إذا لم يحصل على شيء من ذلـك يظن أن ما سطر لا فائدة منه .
أما إذا كـــــان من العارفــــــــين فإنــه يزدرى بمن لا يعــــرف
حدود الأمور التي أوضــــحها
فأصير من هذا ( الذى يعـــــــــــــــــــــــــرف ) مذمة
ومن ذلك ( الذى لم يحصل على شيء ) هزءاً ،
وأوجد كأعجمى حسب قول الرسول الذى قـاله
عــــن الذى يتكلم باللسان ( 1 كو 11:14) .
والذى يؤثر أن يعرف هـــــــذه الأمـــــــــــور ،
فعليه السير فى الطريق الذى سطرت ،
ويتبع ذلك العمـــل فى فكــــــــــــــــــــــــــره ،
فإذا باشره فإنه يختبره بنفسه عمليــاً ،
لأنه يقول : اجلس فــــي قلايتــــــــــــــــــك ،
وهــي تعلمـــك كل شــــــــــــيء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق