الميمر الرابع ( 19 )
التنكر للمواهب الإلهية :
كثيرة هي مواهب الله للبــــــــــشر ، ومتعددة الجوانـــــــب بل فيها فــــــرق وأنـــواع شــــــتى ،
وهي وإن كانت جميعها عجيبة ، لكـــــن منها الكبــير ومنها الصغير ، وهى تزيد وتنقص ،
وهناك موهبة ترجـح على موهبة في المجد والكرامة ،
ودرجة أرفــــع من درجة حسب قـــول الكتـاب ،
وأنهــا لواحـــدة من المواهــــــــــــب الكـــــبرى ،
أن يكرس الإنســــان نفســـــــه ،
لفعل الصــــلاح وخدمـــــــــــــــــــة اللـــــــــــه .
كثيرون ضلوا عن معرفة أن هنــــاك فرقــــــــاً بينهم ، وبين بقية الناس ،
إذ أهلوا من الله ليكونوا مستحقين لهذه الموهبة ولخدمـــــة الرب .
ولكنهم عوضاً عن الشـــــــــــــــــكر الجزيل والاعــــــــــــــتراف ،
الذي كــــان ينبغـــي أن يكـون عــلى الدوام فى أفواههــم ،
فإنهــــم مالـــــــــوا إلـــى الافتخـــــــــــــــــــار ،
وزاغـــــت أفكارهم بالكبريـــاء ( كأن هــذه النعمة هى منهـــــم ) ،
وليســـــت مــــــــــن اللــــــــــــــــــه الــذي أهلهم ليفــوزوا بها ،
وليخدموه بالســــيرة الطــــــــــــــاهرة ،
والأعمال الروحانيــة معترفين بجميـله ،
( بل يفكـــــرون ) أنهم المحسنين إليه ،
وكأنهــــــم أشرف مــن بقية النـــاس ،
ولهــــــذا صـاروا مــن خاصـتــــــــه ،
ويعرفون أسـراره .
ولا ترتعب نفوسهم عندما يفكـــرون هكــــــــذا ،
وينظرون غــــيرهم ممن ألمت بهم هذه الأفكار ،
وكيف أخذت منهم القوة التي كانت تحفظهــــم ،
وفي لمح البـصر ســــــــــــــــــــقطوا مــن كرامتهـــــــــــــم ،
وزلــــــــــــــوا ف الفسق ، ورجعوا إلــى الأعمال القبيحة ،
والتصـــــرفات البهيميـــة لأنهـــــــم لــــم يخـتبروا قوتهـم ،
ولــــــــــــــــم يعترفـــــــوا ويذكــروا بــلا فتــــــــــــــــــور ،
الـــــــــــــــذي أهلهـــــــــــــــــــــــم لهذه الكرامــــــــــــــة ،
أي أن يكونوا خدامــــــــــــــــــــاً له فــي جــــــــــلال ملكه .
وأنـــه جعلهـــــم خلاناً للروحــــــــــــــــــــــــــانيين ،
وأدنـــــــاهم مــن سيرة الملائكــة القديســــين ،
فلهذا نبذهــــــــم مــن خدمتـــــــــــــــــــــــــــــــــه ،
فـــي الوقت الذي فيه تغير فكرهم .
لأن ثباتهم فى السيرة الحسنة ،
والصبر على ضغوط الطبيعة وشر الشـياطين ،
وبقيـة المصاعب والضيقـات لم يكن بقوتهــم ،
بل بقوة عنايتـه ،
وموهبتـــــــــه .
الأمــر الذي إذا سـمعه الناس لا يصدقونه لصـعوبتـــــه ،
وقـــد ثبتوا فيــه زمــــــــــاناً لأن القــــوة الملازمة لهم ،
كــان فيها الكفايــــــــــــــــة للحفـــــــظ و التعضـــــيد ،
ولكن لجحـــــودهم هـــــــذه المعـــــرفة لم يغلبـــــــــوا ،
وتم فيهم قول الكتاب :
لأجـــــل أنهم لم يستحسـنــــــــــــوا أن يبقـــــــــــــــــوا الله في معرفتهــــــــــــــم ،
أعــــني سيدهم الذى أهل التراب ، وأدنـــــــــــــــــــــــــــاه إلى خدمة الروحانيين ،
أسلمهم الله للــــرأى الفاســــــــد ، ومكافأة ضلالتهم نالوها في أجســــــــــــادهم .
( رو 28:1 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق