ضبط الفكر و الصلاة
ضبط الفكر :
+ لا تشتهِ أن لا تصلي إلا عندما تتنقَّى من طياشــــــــــــــة الأفكـــــــــــــار ،
بل اعلــــــــــــــــم أن مـــن مداومتــك على الصــلاة ،
فـإن كنت لا تصلي إلا إذا ارتفع الفكر تماماً من تذكار هذا العالم ،
و إذا نظـرته هكـذا عندئـــــــذ تبـــــــــــدأ فــي الصــــــــــــــــلاة ،
فـإنك لــــن تصــــــلي إلــــى الأبـــــــــــــــــد .
لأن انقباض الفكر من الطياشة إنما يكون من الصلاة .
+ قد يهدأ الفكـــــر وقتــــــــــــــاً مــــــــــــا ،
و يجتمع إلى ذاته ( و يصمت ) من الصلاة ،
و هـــذا الأمــــر سمعنــــا أنه يعــــرض – حسـب قولهــــم –
للــــذين يداومـــون الصــــلاة مـــدة طويلــــة مـــن الزمـــــان ،
فيجدون من أنفسهم هذا الاحتراس الحقيقي بعــد جهــــــد ،
( و لكن ) لوقتٍ قليل و ليس في كل وقت .
لأن هذا الأمر ( أي صمت الفكر ) يعرض أحياناً بسبب الدوام في الصــلاة ،
و ما سمعنــــا أن أحــــداً نـــال هـــذا مــن غـــــــــير مداومـــــــــة الصـــلاة ،
و لا سمعنــــا قـــط أنـــه ما ينبغــــي أن نصــــلي ،
إلا إذا ما ارتفع الفكر تماماً من أشكال الأمور الحاضرة و عندئذ نسجد و نصلي .
و الذي يخرف (يهذي) بكلام مثـــل هــذا إنمــا يطلب الكمال من قبــل العمـل ،
و هــذا شـــــــــيء لا يمكن أبداً .
لأنه إذا صمــت الفكـــــر من كل ذِكر و طياشة في الأشياء الحاضرة ،
فإنــــه لـــــم يعــد محتاجـــاً إلى الصـــلاة ؛
لأن العقــل يكــون حينئــذ قد كمـل و اتصـل بالله و صار الله فيه .
+ فأنت أيها السائر قبالة وجهه ،
إن كنـــتَ تريـد أن تكــون منقبــض الفكــر من وقـت لآخر فقـــط ،
فبئس ما ترى ؛ لأن الشيء الذي يمكن دوامه أنت تطلبه جزئيــــاً .
و إن كنت تريده على الدوام ههنا ,
فاعلـــم أنـــــك تطلب الكمال من غير عمل كبدعة المصلين ( 1 ) .
أمــــا أننا لا نوافق الأشــــياء التـــي تتشكل للعقل عندما نصلي ،
فهــذا مرده إلينا ( أي في مقدورنا ) ،
و أمـــا أن يمكث الفكر في الصمت :
مبتعــداً عن كل ما يظهـــر له ،
و متعالياً عن كل شكل و جهاد ،
فهــــذا ليس في قوة الطبيعــة .
+ فـإن كنت تريــد أن تنقبض من طياشة الأفكــار , و تجد فسحة للصلاة بعقلك ، اجمـــــــع ذاتــــــك من الهيــــــــولي (الأمــــــور المــــــادية ) ،
و مـــــــن الاهتمــــــــــــــام بالأشياء ,
و مـــــــن الطموح والطياشة بالحواس ؛
لأنـــــــه كلما نقصت هذه الأشـــياء ،
وَجَــــدْتَ للصلاة الطــاهرة موضعــــاً .
و فســـــــحة من الطياشة .
و هذا الهدوء يمكن أن يحصل جزئياً و ليـــــس عــــلى الدوام ،
و ذلك مع الاهتمام الدائم ،
( بجمع النفس من الهيوليات و من الطياشة بالحواس ) .
+ إننــــا لا نُدان لأجل تحرك الأشـــكال و الأفكــــار فينــــــــــا ،
بـــــل نجـد نعمـــة إذا لــم نوافقهـــا و قاتلنــــــا معهـــــــــا .
و لكننا نُـــــــــــدان إذا كنـا نوافقهـــا و نعطيها موضعــاً فينـــا .
و لسـت أعنـــي بقــــــولي هــــــــذا ، أن نعطي للطياشــة فسـحة فينــــــا ،
بل أن لا نكف عن الصلاة بســـببها ، و أن نحذر من أن نتخلف عن العمل .
لأنه من حــين يبـــدأ الإنســــــــان بتدبـــــــــير ســــيرة العقـــــــل
– التي هي الهذيذ الدائم بالإلهيات –
إلــــى حيث يبلغ التدبـــير الروحـاني الذي هـو الدهـــــــــش باللـــــه ،
فهـــو أكثر من كل الأعمــال يكـون مفتقـراً إلى الصـــــــــلوات الغصبية ،
التــــي تكمــل بضـرب المطانيــات ،و لا يبطــل الصـــــوم أبــــــــــــــــــداً ،
و يأخذ من القوت حسبما يكفي الجسد للقيام بالصـــلاة و العمل فيهــــــا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ هم جماعة من الجهلة المتكبرين الذين يقولون
عن أنفسهم إنهم متى شاءوا
يمكنهم أن يصلّوا « ا لصلاة الروحية . «
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق