كرامة السكون و أفضليته
كرامة السكون :
+ العمـــل الأول في الفضيـــلة هو الســــــكون ..
إذا ما وضعـــت كل الأعمــــال فـــــــي ناحيــــة ،
و السكون في ناحية أُخرى ،لرجح السكون أكثر.
+ لا تظـن أنه يــوازن كل التدبيــر و العمــل فيــــه ..
أن يكون الإنســان غير معــروف و لا محســــوب
و أن يبتعـــــد عـــن كــل أمـــر و كـــل شــــيئ ..
لان البعــد إنمــا يحـــدث و يتــربى و ينحفظ من
كون الانسان غير معروف ..
+ السكون يصلح جداً لعمل الله ..
لأجــل هـذا قبـض القديســون حواسهم من العــالم
و بعد هذا اهتموا باستعداد القلب بعمل الله الخفى..
+حِـــــــــب النــــــــوم الهـــــاديء في الســـــــــكون،
لأنَّ خيـــــالات أحـــــــــــــــــــــــــــــــــــلامه
أنفــع من أفكـــــــار اليقظــــــة الَّتي خارج السكون.
+ غير أن كثيرين أو لعل جميع النصارى
يحتملـــون أعمــــال الجســــد بشــــجاعة و حـــلاوة ،
و كـــــــل الفضـــــائل المذكــورة يعملــــــوها بفــــرح ..
اما عـلى الســـــكون فلــــــــــــم يجســــــــــــــرون ..
+ لا تحزن أيها الأخ الضعيف الجسد السكان فى الهـدوء
لأجــــل انـــه ليســـــت لــــك أعمـــــال جســــدانية..
لان نصيبك أعظم من أولئك الذين يعملون الفضائل الكبار
و هم خارج السكون .
+ متعالٍ جداً و فاضــل هو
مُحب الملك و صاحب سره و مُجالسه على المائـــــدة،
أكـــثر مــن جميـــع الجبـــابرة ،الَّذين يصنعــون القتــــــال
و ينتصــــرون في الحــــروب الشــــجعان ذوي الأمـــــوال..
أفضل من العلمانيين الأبرار و رهبان المجمع :
+ عــــار عظيم على المتوحد الذى بعد بكمال السـيرة ،
و عنـف عظيم و محقـــــــــــــرة فــــــى حقــــــــه أن
يوجد تدبيره مساوياً لتدبير من هو خائف من الله و بار ،
و مهتـــم بعمـــل الــبر الذى هو علمــاني و متــــزوج..
+ لانه ان لم يكن الراهب مرتفعاً عن جميع البشريات ،
شاخصاً فى كل وقت فى الله بالتدبير فى السكون ..
ما يٌعـــــرف أنــــه أفضــــــل من العلمـــــانى البــــار ..
لان العلمانيين الفضلاء
يعلمــون الفضــائل الظـاهرة بأجسادهم و بالصــــدقة
و لا يحسبون بالتدبير الخفى الكامل الذى للمتوحدين ..
+ و ينبغي عليهم أن يعرفوا، أنَّه
* كمــــــا أنَّ النفس أفضل من الجسد ، و بطبيعتها ،
كـــــــــذلك التدبير الخفــــــــى بالســـــــــــــكون ،
أفضـــل من تدبير العلمـــانيين الظـــــــــــــــاهر..
* وكمـــا أن تدبير الملائكة أفضل من عمل الناس ..
كـــــــذلك تدبير العقـــــــــــــل بالســـــــــــــكون ،
أفضـــل من تدبير الرهبـــــــــــان بالمجمـــــــــــع ،
و فضائلهم التى تشبه فضائل العلمانيين الأبــرار..
* كما أنَّ حُب الله أشرف و أرفع من حُب الناس ،
كذلـــــــك عمـــــل المتوحِّـــــــــــــــــــــــــــــــــد ،
أفضـــل من عمـل العَلمَـــــانيين الصـــــــــدّيقين ،
لأنَّ العَلمَــانيين بمحبّــــَة النــــاس يرضــــــــون ،
أمَّا المتوحِّـــدين فلا يشــــتهون شـــــــيئاً مــــا ،
ممَّا في السماء أو على الأرض إلاّ إيَّاه وحــده ..
لأنَّهـــم تعــرّوا بإرادتهـــم مـــن كل شــــــــيء ،
و ألبســـوا ضمـــيرهم نظــــــر اللــه و حُبـــــــّه ،
لذلك عــالٍ جــداً و أفضـــل مـن جميـع الفضـائل ،
هــــــــو عمــــــــــــــــــــل الســـــــــــــــــــــكون.
+ بالحقيقــة عمل مــائه أخ فى السجس و المفــاوضة يصـــومـــــون ،
ما يساوى عمل متوحد واحد جالس فى السكون و لو كان ضعيفـاً ..
ما خـــــلا أن يكــــــون عــــــادم الخلطــــــة و مفاوضـــــة النــــــــاس ،
و متجلداً داخل بابه بغير انقطاع و ليس من يدخل اليه ولا من يخرج ..
+ صـــلاة واحـــــدة يُقدِّمها الإنســــان للـــه و هـــــــو وحــــــــــــده ،
خــــــير مــــــــن مائــــــة صــــــــلاة يصنعهـــــا مـــــــع النــــــاس..
+بالحقيقـــة أن :
عمــل مائــــــة يـــــوم صومــــــاً و صـــــــــــــلاة
يصنعهـــا المتوحـــــــد بســجس و مفاوضـــــــة ،
ما توازن نوم ليلة واحدة فى الوحدة فى الهدوء .
و عــــــدم الخبـــــــــــاط و الاضطـــــــــــــــــراب،
يقتنى الإنسـان بسهوله طهـــارة القــــــــلب ..
و بســـــاطة الإيمـــــان و يؤهـــــل للنقــــــاوة .
إن هو حفــــظ حقـــــــــوق الســـــــــــــــــكون ،
و احترس بواجبـــــات الســــــــــــــــيرة ..
+ أما الـذي يســــــــكن فى المجمـــــــــــــــــــــــع ،
فهـــــو مثــــل الــذى فى الســــــــــــــــــــــــــوق ،
و حتى لو أغمـض حواسـه لا يمكـن أن يلفــت من
الملاقاة النافعة و المخسرة التى تصادفه بالضرورة ..
و هكـــذا بالنظــر و الســمع و الكـــلام و الأفعـــال ،
و تغير العوائد واختلاف خصال الذين يسكن معهم ..
يتحــرك الضمـــير و ينتقـــل إليهــم و يفقـــد ماله ..
+ و إذا طار ذهنه بأجنحة الروح الى بلاد السلامة الداخليـــة ،
و منازل النور مثــل ســابق عهـــده فان نظرته تتعطــل من
ظلام الهيولى الذى يحيا فيه و يخيب من النظرة الروحانية ..
+ إمض .. نم ..
فى البطــالة أو طــف باطــــلاً فى الجبــل أنــت وحـــدك ..
و لا تذكــــر ســــماع شـــيئ من الأحـــاديث الباطـــــلة ..
و لا تعــــــود ذاتـــك القــــــرب و الدنـــو من معتــــــاديها ..
و عند ذلك تعرف :
كم تنفع البطالة مع الوحدة أكثر من السماعات الباطلة ..
+ إن الإنســـــان إذا ما انقبــــض عن مفاوضـــة النـــاس
رجع الى ذاته و إلى تقويم تدبير سيرته حسناً قدام الله
أفضـــــــل من الخـــــــــدمة و عمـــــــل المعجـــــــــزات ..
+ و الــــــــذى قــــــد أحــــس بخطــــــاياه يعــــرف أن الوحدة
خـــــير لــه من ان ينفــــــع المســـــكونة بمنظـــــــــــــــــره .
+ و الــــــــذى يتنهــــد على نفســـه ســـاعة فـــى الوحـــــدة
أفضـــل من الـــــذي يقيــــــــم المــــــــــوتى صـــــــــــــلاته
و مســـــــــــــــكنه فـــــــــــــــى السجــــــــس .
+ و الــــــــذى اسـتأهل أن ينظــر نفسه هــــو ،
أفضـل مــن الذى اسـتأهل أن ينظر الملائكة .
لان هـــذا بعــــــين الجســـــد يشـــــــــاركهم ،
و ذلــــــك بعــــــين الــــــــروح يــرى نفســـــه .
+ و الـــــــــذى بالحــزن و النـوح فى الوحدة يلصق بالمسيح ،
أفضـل من الـــذى كل يــــوم يمدحــــونه فى المجـــامع .
+ خير لنـــا أن : نســـــتنشق الحيـــــاة بالبعـــد عن الكــــل ،
مــــــــن أن نغــــرى الأحيـــــــــــــاء بالاستنشـــــــــــــاق .
+ و الذي يبنى نفســــــــــــــه
خــــير لـــــه من أن ينفـــــع المســـــكونة جميعهـــــــــــــا ..
+ خـــير له ان يأخــــذ الحيـاة من أن يقسم الحيــاة للآخرين .
+ العمـــــــــــــل الذى بين النــــاس فيــــــــــه افتخــــــــــــــــار ،
و الضعـــــــــف فى الســـــــــكون فيــــــــــه انســحاق قــلب .
+ لا تقــــــــــــــــس : صانعـي الآيات و المعجزات و القوات فى العالم
بالســــاكنين بمعـــــــرفه فـــي الهــــــــــــدوء .
لأن الأفضل لك ان : تفــــك ذاتــــــك مــــن ربــــــــاط الخطيــــــــة ،
مـــــــــــــــــــن أن : تعتق عبيد من العبودية و من سجن أسرهم ..
+ اصطلح أنت مع ذاتك باتفــاق الثـــــالوث الــــذي فيـك
– أعني النفس و الجسد و الروح –
أكـــثر مـــن أن تصـــلح المتغاضــــــبين بتعليمــــــــــــك ..
لأن الثيؤلوغوس يقول :
حســـن هو الكــلام عـــن الله تعــالى لجــلاله
و أجل من هذا أن يطهر الانسان ذاته لله تعالى..
+ الأفضل لك أن تكون :
قليل الكـــلام مع أنك عالم محنك و ذو معرفه بتجربة الأشياء بداخلك ..
من أن تفيض أنهار تعاليم مع حد عقل مع اكتساب السماع و الأسطر ..
+ الملائم لك أن تهتم :
بإقامة ميتوتك من الالام الى الحظو بالله اكثر من إحيائك أمـــــواتاً ..
+كثيرون :
صنعـــوا قـــــــــــــوات و أقــــــــــــــاموا أمواتـــــــــــــــــاً ،
و تعبوا فى رد الضالين و عمــــلوا عجـــائب عظيمــــــــة .
و بيدهم أى بإرشادهم اهتدى كثيرون الى معرفه الحق .
و بعد هذا
سقط هؤلاء الذين احيوا الاخرين فى آلام نجسـه مرذولة
و أماتوا نفوسهم و صاروا شكاً للذين آمنوا عـلى أيديهـم
بما ظهر من انقلاب عملهم فى الآخر ..
لانهم كانوا :
مرضى النفــــوس و لم يهتمـــوا بإيراد الصحــة عليهـم ،
بل انصبــــوا الى بحـــــر هـــــــــذا العــــــــــــــــــــالم ،
رغبة فى أن يعالجوا نفوس آخرين و هم بعد مرضى ..
فأهلكــــوا ذواتهـــــم و خابــــوا من رجــاء الله تعــالى ،
على الجهة التى قلتها ..
+ ثمة عمل :
يدلك على سبل قاطعة و من أنواعـه ،
و ذية يعلمـك التواضـــع و يحببــك فيها
و يعلمــــــــك الطـــريق و يجعلك قريباً ..
ثم آخــــــر
يطوف بك على جانب الطريق بنشاط .
و يضـــــع قدامــــــك ســـــفراً طـــــويلاً ..
و اذ يكون المدخل قدامك يمنعك من أن تنظره .
و يجعــــــــل ســـــــيرك دورك كبـــــــــــــــير ..
و الاثنــــان
يوصلان الى رب واحد من جهة العمل بهما.
السكون أفضل من عمل الرحمة
تدبيران لا يجتمعان :
+ قال أحد الشيوخ :
إن كنت عَلمَانياً فتدبّر بالسيرة الحسنة الَّتي للعَلمَــــانيين،
و إن كنت راهبـــاً فتدبّر بالأعمال الفاضلة الَّتي للمتوحِّـــــدين ،
و إن كنت تريــــد أن تســـــــــــــير في التدبــــــــــــــــــــيرين
– أعني تدبير العَلمانيين و تدبير الرهبان- تسقط و تخيب من الاثنين،
لأنَّ عمـــــل الرهبــــان هــــو
الانعتـــاق من المحسوســــــــــــــات ،
المداومـــة مـع الله بمناجــــاة القـــلب ،
تعــــــب الجســــــد بالصــــــــــــــــلاة ،
فهـــل يمكن أن نقـــــرن مــع هــــــذا الفضيـــــــلة العالميّـــــــــــــــة ؟
أو هل يمكن للمتوحّد العمَّال في سيرة السكون أن يُكمّل التدبيرين ،
الداخلي و الخارجي
أعني الاهتمام بالله بقلبه و الاهتمام من أجل الآخرين؟
+ أمَّا أنا فأقول:
إن الذى يريد أن يسير مع الله –
و لو رفض كل شيئ و اهتم بنفسه فقط فى تدبير الســــــكون هذا –
ليست له كفاءة أن يتدبر بغير نقص بكل واجبــات عمل الســــــكون ..
لانه عاجز عن حمل أفعاله حتى له رفض كل استعمال و هذيذ العـالم
فكــــم بالحــــري اذا حمـــل ذاته و وضــع نفسه للاهتمام بالآخرين ؟!
إنَّ ســـيِّدنا له فى العـــالم من يخدمـه و يفتقــــد عبيــده و بنيـــــــه
و قد اختار الذين يخدمونه فقط .
الســــكون أفضـــل :
+ و ان كـــان بحجـــــــة الصـــــــــدقة يهــــدس فيــــك الفكـــــر ،
فاعلم أن الصـــــــلاة رتبتهــــــــا أرفــــــــــــع من الصــــــدقة .
+ انظــــــــــــر إنَّ :
صانعي الصـــدقة، ومُكمِّلي محبَّة القريب بأمور جِســــــدانيّة
يوجدون فــي العـالم، و أمَّا الســـائرون في
تدبير الســــكون و المتحـــــــــــــــــــدِّثون مــــــع اللـــــــــــــه
فبعـــــد جهـــــد تجــــد قليليــــن و أفـــراداً..
+ إن الذي يريد أن يســــــير مع الله ــ في تدبيــــر الســـكون هـذا ــ
ليست له كفاءة أن يتدبر بغير نقص . بكل واجبات عمل السكون ..
فكم بالحــري إذا حمل ذاته و وضع نفسه للاهتمــام بالآخــرين ؟!
+ أسألك ألاّ تنخدع ،
فإنَّ الرحمـــة مشـــابهة لتربيّـــة الطفــــل ،
أمَّا الســـكون فهـــــــــو غايــــــة الكمـــال .
ليست الرحمة عملك
+ قال احد القديسين :
ليـــس هـذا هو غـــرض ســيرتك و قصــدها :
أن تشــــبع الجيــــاع أو أن تكـــون قلايتــــك ملجـــــأ للغربــــــــــــــاء ..
لان هذه السيرة تليق بالذين يريدون أن يتدبروا في العــــالم حســناً ..
و ليســـت هـــذه للمتوحــــدين المنعتقـــين من جميــــع التصــــورات
الذين قصدهم حفظ العقل بالصلاة ..
+ متى داخلتـك شــهوة اهتمـام بغيرك بنــوع الفضيــلة ،
حتى يتشـــــــتت ما فى قلبــــــــك من الســــــــكون ،
فقل لها طريق المحبة جيد و الرحمة لأجل الله مقبولة ..
و لكنني أنا من أجل الله ما أريدها..
+ حسب قول السائح لما كان يجرى وراءه وذلك المتوحد ،
و يقــول له من اجــل الله قـــف لي و الا أجــرى ورائــــك ،
فأجابه : و أنا من اجل الله أهرب منك ..
+ تكميل واجبات حُب القريب بنياح الأمور الجِسدانيّة ، هــــو
بر أهـــل العالم ، و الرهبان الَّذين من خارج عمل الســـكون ،
أو الَّذين في المجمـــع المجتمعــين بعضهـــم مــــع بعـــض ،
و يدخـــلون ويخرجـــون كل وقــت .. ، و هذا يليـــق بهـــؤلاء ،
و ليس المتوحِّدون الَّذين اختاروا البعد عن العالم بالجسد و بالعقل،
و يريدوا أن يقتنــوا في ذواتهم الصـلاة و حدهـــــا ،
بالمـــــوت عــــــن جميــــع الأمـــــــور الزائلـــــــة ،
و اهتمام كل عمل، و عدم نظر و ذكر كل الأشياء..
+ تدبــــــير المتوحـــدين هـو شــــــــــــبه الملائكــــــــــــة ..
فينبغي ألا تترك عمل السمائيات و تربح البر بأمور أرضية..
+ الذي يتدبــــر بســـيرة الملائكـــــــــــة - أعنى بهذيـــذ النفـــس –
فليس أن يتفاضل بأمور جسدانية و يلقى ذاته في هم عمــل اليــدين
و ينتظر أن يأخذ من واحد و يعطى لآخر ... لان عمله هو في السـماء.
+ و ليس يليق بالمتوحد أن يحرك و ينزل فكره من القيـــام قــدام الله
إلى الاهتمــــام بشــــيء من الأشــــياء.
+ أما أنت فإن كنت تريد عمل السكون :
فكــن مثـــل الشـــاروبيم الذين لا يهتمــــــون بشــــيء من الأرضيــات ..
و فكر أنه ليس في الدنيا سـواك أنت و الله الذي اهتمامك و هذيذك به ..
حسبما علمك آباؤنا الذين ساروا قلبك في هذا التدبير.
لماذا ليست الرحمة عملك ؟
+ لان عمل الرهبان هو هذا :
الإنعتـــاق من كل المحسوســـــات و المداومـــة مــع اللـــــــــــه
بهذيذ القلب و تعب الجسـد بالصلاة .لانه معلـــوم لكل أحــد أن :
الذى ابتعد عن المحادثات و الخلطة بالناس و القرب منهم بالكلية
و صـــار مائتــــــاً عنهــــــم لأجــــل مفاوضتـــه مع اللــه و حــــده
ليس يطلب من مثل هذا أن يخدم الناس ..
+ الراهب الذي ما عليــه الرحمــة فضيــلة ظاهـــرة هو الذي يمكنـه
أن يقـــول للمسيح بوجه مكشوف
– على ما كتب – ها نحـــن قد تركنــــا كل شــــيئ وتبعنـــــــــــاك ..
لا يعــــــــنى بــــــــذلك الــــــــذى مـــــا له فى الأرض مشــــــــيئة ..
و لا يمـلك عليهــا شـيئاً و لا يتعــب نفســه فى الأمور الجسـدانية ..
و لا يخطر بباله شيئ من هذه المرئيات .. و لا يهتم باقتنـاء شيئ ..
و إن أعطـــاه آخــــر شـــيئاً لا يأخـــذ منـــه الا ما بــه إليه حاجــــة
و لا يحفل بما يفضل عنه ..
و تكــــــــون ســــــــيرته كســــــيرة الطــــــــائر هذا الذى هذه صفته ..
ما عليه الرحمة فضيلة لانه فكيف يعطى غيره شيئاً قد انعتق هو منه ؟!
+ إن كنا لا نملك شيئاً من القنية مما أمرنا الله أن نلقى بأنفسنا فى
اهتمامات واختباطات لاجل المساكين .. و لكنه يطلب منا ما نقدر عليه ..
و إن كانت ســيرتنا توجـب علينــا الابتعـــاد عن الناس و عن نظــــرهـــم
و ســـماعهم و عن الاختــــــلاط بهـــــــم و الجلـــــوس معهــــــــــــــــم
فما يليق بنا أن نترك قلالينا و موضع توحدنا و تفردنا و نسلم نفوســـــنا
لندور و نطوف العـالم و نتعهــد المرضـى و نتشـاغل بهــذه الاعمـــال ..
لانه ظاهــر أن الأمــور هى انحطـاط و انحــدار من الأعلى الى الــدون ..
+ لانه لا يمكن ان نهتم بأمور كثيرة و نقدر أن نرض الله بسيرة السكون .
+ و اعرف من نفسك بدون رفض كل الإشياء و كل أمر و كل اهتمام _
إن كان من النظر او السمع ان قلت انك تضبط السكون ضحـــك هـــو ..
بأســــباب كثيـــــرة يعرقـــــــلك الشـــــــيطان عـــــلى وجـــــه الخـــير ..
لانه يعرف قصد ضميرك لكى ما يشتتك من هذه الفضيله (السكون)
الشاملة كل خير..
+ إيَّاك أن تُحِـــب القنيــــة من أجـــل محبَّــــة المســـــــاكين،
و تلقى في نفسك خباطاً بأن تأخذ من واحد و تعطى لأخـــر...
و تبيد كرامتك بخضوع الطلب من الناس و تخيب من حسبك،
و تعدم حُرِّيّة فكرك باهتمامك بالأُمور العالميّة..
لأنَّ منزلتــــك أعـــــلى مــــن الراحمـــــــــين.
+ إن محبــــــة القريـــــــب لحســــــــنة و محمـــــــــودة
إذا لم يصرفنا الإهتمام بها عن محبة الله تبارك اسمه...
أمثلة من سير القديسين :
بماذا أرضـــــى الله القديســـــون القدمــــاء
الذين طرقوا لنا هذه السيرة المحنكون فيها ؟
القديس يوحنا التباسي : كنز الفضـــــائل و ينبـــــــــوع النبــــــــــــوة ـ
ألعلة بأمور جسدانية كان ينيح إخوته و الذين يأتون إليه داخل حبسه ؟
أليس بالصلاة ارض الله ؟
أنبا ارسانى :
من أجل الله ـ ما كان يفتح فاه و ما كان يتكلم لا كلام منفعة و لا غيره.
و آخر من اجل الله ـ يتكلم النهار جميعه و يقبل الغرباء الذين يأتون إليه
" لعل المقصـــود هــــو القديــــس موســــى الأسود " .
أما ذلك عوضاً عن هذا اقتنى له الصمت و السكون
و لأجل هذا مع روح الله كان يسير داخل بحر هذا العالم بسلام
مرتفـــــع في ســــــــفينة الســــــكون
حسبما ظهـر لواحـد من قديسي الله لما فتـــش و بحــث هذا الأمر .
+ فان كان أولئك الذين في العالم كله
محتاج الى صلواتهم و تعاليمهم و كلامهم و المنفعة من منظرهم
أكرم الله ثباتهــم فى الســكون أفضل من منفعــة الناس كلهــــم –
فكـــــم بالأكــــثر بزيــــارة الذي و لا نفســــه يقـــــدر أن يحفـــــظ ؟
+ و إن احضر احـد ذكــر بولـــس إنه كان يعمــل و يعطـى صــــدقة ؟
نقـــــــــــــــول :
إن بولس واحد ظهر في العالم كفأ لكل الأشياء ولم نعرف بولس آخر .
و ان أمور الســياسة في التبشـير لم تدخل في أفعــال العـــامة .
شيئ هو عمل التبشـــير ؟ و آخـــر هــــو عمـــــل الســــــكون .
سؤال الآب سيماون :
+ لماذا حد سـيدنا الرحمة في تشبيههـا بتلك الرحمـة العظمى
– رحمـــة الآب الــذي فـي الســموات –
فاختار الرهبان السكون و آثروه عليها ؟
الجواب:
إن الرب حد الرحمة :
فى تشــبيه الآ بما أن متمميها يقربهـــــــم اليــه .
هـــــذا الأمـــــــــر صحيــــــح لا شـــــك فيــــــــه ..
و نحـــن الرهبـــان لا تلــزم السكون بلا رحمــــة ..
فلنغضب أنفسنا دائماً لنصير كاملين فى كل وقت
داخــل الرحمـــة لســــائر الطبـــائع النـــــــــاطقة ..
+ فلسنا نحفظ هذا فقط ، و لكن متى دعا وقت و أضطررنا الى العمل .
– بحدوث أمر من الأشياء الضرورية –
فما يليق بواحد منا أن يتهاونفى إظهار محبته بالفعل إظهاراً واضحاً ..
+ فإن الجأتنـــا الضـــرورة فى وقـــت ما الى مقـــدار من الزمــــان ..
فما يليــــــق بنا أن نتهــــــــاون بالمحبـــــــة لأجــــل الســـــــكون ..
+ لا نمتهــن الاســـم العظيــــم – اســــم الســــــكون –
بجهلنــــا لان لكــل ســــيرة و تدبــــــير و قتــاً و زمـــاناً و افــــرازاً ..
و خلـــــواً من هذا باطـــــل هـــو عمل كل المهتمــين بكل منزلة ..
+ و إعـــلم هــــذا
إن المتهــــــــــــاون بالمريـــــــــض ما يبصـــــــــــر ضــــــــــــــــوءاً ..
و مـــن يشـــح بوجهـه عمن هو في ضيقة يظــلم عليه النهــــــار ..
و المــــــزدرى بصـــــــوت المتعـــب في الظــــــــلام يســـــــــلك ...
+ إن كنــا قــد عرفنــــــا أنــه خلـــــواً من محبـــــــة القـــــــــــريب
ما يمكــــن للعقــــل أن يســـتنير في المحـادثة و الحـــب الإلهي.
+ فمـن هـــو إذن الراهــــب مــــن الرهبـــــــان الحكمـــــــــــــــاء
الذي يكون له ملبس أو مأكل و ينظر قريبه أو أخاه عارياً أو جائعـــاً
و يحتمـــــل أن يشـــفق على شــــيئ ممـــــــا ذكـــــــــــرناه ؟!
+ أو من هو الــذي يشـــــاهد أخـــــــــاه مريــــــــض الجســـــــــم
و ليــــس له مــن يفتقــــده و يريد هــو لشهوته في الســــــــــكون
أن يؤثر قانون التفرد و التوحد و السكون على نياح أخيه أو قريبه ؟!
و لكـــن ربمــــــــــا يكــــــون إنســـــــــــــــــــــــاناً قاســــــــــــــــــياً .
بعيـــداً عن محبــة بشــرية و يكـــون ســــــــكونه ريـــــــــــــــــــــــاء ..
إن كان يعمل بيــديه و يأخـــذ من آخـــرين يجب عليــه هو أيضـــــــاً
أن يتصــدق و يعطــى .. لان إهماله هذا هو تجاوز ظاهر لوصــايا الله ..
+ إن كان الراهب بالقرب من كثيرين و مسكنه بجوار مسـكن الناس
و يتنيح بتعب آخرين فى زمان صحته و مرضه فيجب عليه هو أيضــاً
أن يعمل معهم كما عملا معه ..
+ و إن رأى ابــــن زيــــــه و ابـن شــــــكله فـــــــى ضيـــــــــــق
لا بل الأولى ان نقول : ان أبصــر المســيح طريحـــــاً متعبـــــــــاً
فهل يفر هو و ينهزم و يختفى منه و يتخيل السكون الكاذب ؟!
لان كل من كان هكـــذا فهـــو غــير رحيـــــم ..
+ فإن كان هـــو ماســـكاً الســكون بقـــوانين الأســـــابيع ..
و بعد كمال الأسبوع يخرج و يختلط بالناس و يتعزى معهم
و يهمـــل الاعتنــــاء بأخيــــــه اذا ما نظـــــــره متضيقـــــــاً
و يظن أنه يحفظ قانون الأسابيع فهذا قاسى على الحقيقة
+ و أما اذا كانت هذه الأمور ما هى الا حاصلة ولا قريبه منا –
فلنحفـــــظ بعقلنــــا المحبــــــة و الرحمــــــــة للقـــــــــــريب .
و لكـــن متـــى كانــت هـــــذه الأمــــــــور قـــــــــــريبه منـــا –
فلنكمـــــل المحبـــــة محبـــــة و رحمـــة القريــــــب بالفعــل .
لان الله يطالبنا (فى هذه الحالة) أن نكملها و نتممها بالفعل .
+ و إن أتيت لي بذكر يوحنا التبايسى أو ارسانيوس و من يشبه هذين
و قلت لي من هو من هؤلاء قد أسلم نفسه الى مثل هذه الأشــــياء
أو اهتــم بأحد المرضـى أو المسـاكين ؟
فانـــــا فأقــــــــــول لـــــــك :
لو بعدت عن كل نياح بشرى و زهدت لقاء الناس كما كان هؤلاء –
لكـــان قد أذن لــــك أن تطـــــرح هـــــــــؤلاء و لا تتعــــــــداهم ..
+ فإن كنت بعيداً عن ذلك و عن طريق الكامـلين و أنت مــداوم على
أتعــاب الجسد و مــلازم محـادثة النـاس و قـربهم في كـــل وقــت –
فينبغي عليك آلا تتهـاون بالوصــــايا التي مقـدارك يقتنـــــى حفظهـا .
و لا تحتــــج بســـــير الابـــــاء العظمــــاء و القديسيـــن الكامــــــلين
الذين أنت بعيد عن طرقهم ..
+ و أنا اذكــر عن هذا الآب العظيـــم أنه قد كتب عنه لأجــل قطـــع حجــج
الذين يتهـــاونون بأخوتهم إنه في بعض الأوقات مضى لينقــذ أخاً مريضــــاً .
فلما سأله عمــــــا يشـــــــــتهيه قــال له أشـــــــهى خبــــــــزاً طريـــــــــاً .
مضى ذلك المستحـــق الطـــوبى مـــــن الإســــقيط الى الإســـكندريــــة
و كان ابن ســبعين سـنة و أبدل خــبزه اليابـس بخبز طرى وأحضـــره للأخ ..
+ و قد فعــل قديـس آخـر من الآباء – و هـو الأب أغاثــون – أعظـم من هذا
و هو الذي كان يلزم الصمت و الســكون كل أيام حيـــاته أكثر من كل أحد .
اذ أنه مضى في بعـــض الأوقـــات الى الريـــف ليبيــــع شـــــغل يديـــــــه .
فوجد في السوق :
إنســـان ملتقـى غريبـاً مريضـاً فاكترى له بيتـاً و أقام عنده يعمـل بيديـــه
و ينفق عليه و يزيد أجرة البيت و يخدمه ستة أشهر إلى أن عوفى وبرئ ـ
وكان يقول أيضاً:أنى اشتهى و احداً مجزماً فأعطيه جسدي و اخذ جسده..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق