السبت، 8 نوفمبر 2014

كلمة عامة عن الملائكة




 كلمة عامة عن  الملائكة  :
                                  +  الملائكـــــــــة - مقـــــــدمة.
                                  +  ما هو المقصود بكلمة مـلاك.
                                  +  استخدامات أخرى لكلمة ملاك.
                                  +  طبيعة الملائكة | هل للملائكة أجساد.
                                  +  قوة الملائــــــــكة.

خِلقــــــة الملائكــــــــــة  :
                                + متى خُلِقَت الملائكة ؟
                                + عــــــدد الملائكـــــــة.
                                + سقوط بعض الملائكة.
                                              + الملائكة الأخيار و الأشرار 

ـ 1 ـ الملائكة - مقدمة
 بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد
"سبحوا الرب من السموات، سبحوه في الأعالي.......
سبحوه يا جميع ملائكته ، سبحوه يا كل جنـــــوده....."
مبارك الرب الإله الممجــــد و المقــــدس جــــــدا ً,
الذي يحق له كل سجود و إكرام و تسبيح منذ الأزل و إلي الأبـد...
لأن رحمته عظيمـــــة جـــــداً و محبتــــــه فاقــــت كل تصــــور....
لقد خلق الملائكة الأطهار لكي تخدمه ، و مع ذلك أمرها أن تخدم الإنسـان أيضًـــــاً ..
لقد كانت مخصصة للإله العلي الساكن في السموات , و لكن  لمحبته العجيبة جعلها
 تنزل إلي الأرض لمعونة الإنسان ..

من هم الملائكة ، و ما هي خدمتهم ، و ما هي علاقتنا بهم ، وكيف سقط عددا منهم ؟
هذا البحث المتواضع يتكلم عن الملائكة الأخيار و الأشرار , لنعرف حقيقتهم و طبيعة
عملهم... لنعرف أن الملائكة الأخيار هم أحباؤنا و أصدقاؤنا ، يفرحـــون بتوبــة الخطاة ,
 و يسرعون لإنقاذ المتضايقين و الذين في كل شدة .
أما الشياطين ، فهم أعداؤنا لأنهم علي الدوام يحاربوننا و يتمنون سقوطنا و هلاكنا .
لذلك فنحن نحب الملائكة ، و نطلب من الله أن يخزي الشياطين .

يا رب...
أحطنا بملائكتك القديسين لكي نكون بمعسكرهم محفوظين و مرشــدين لنصــل إلي
 الإيمان الواحد , و إلي معرفة مجدك غير المحسوس و غير المحدود, فانك مبارك إلي
 الأبد، آمين ".

ـ 2 ـ ما هو المقصود بكلمة ملاك
معني كلمة " ملاك " في الكتاب المقدس , في اللغة العبرانية و اليونانية و العربية هي
" رسول "، لذلك استخدمت في الكتاب المقدس بهذا المعني و هو تنفيــذ أوامــــر الله
و إعلان حلوله و إجراء مقاصده و إظهار عظمتــه و قوتــــه الجبــــارة .
و يمكن تلخيص استخدام كلمة "ملاك" في الكتاب المقدس كالآتي :

1- رسول عادي :
ففي سفر الخروج يتكلم عن المــــلاك أنه رســـول مرســــل من الله :
 "ها أنا مرسل ملاكا أمام وجهك ليحفظك في الطريق" (خر 23: 20 ) .

2- نبــــــــــي :
" هأنذا أرسل ملاكي يهيء الطريق أمامي" (ملاخي 3 :  1)
أيضاً (مر 1 : 2 ) ، و كانت هذه النبوءة نبوءة عن مجيء يوحنا المعمدان .

3-أسقف أو كاهن :
في سفر الرؤيا جاء ذكر الملاك كثيراً في الرسائل إلي الكنائس السبع ،
 و كان يقصد بها أساقفة هذه الكنائس فيقول :
" اكتب إلي ملاك كنيسة أقسس...."، و يفسر هذا الكــــلام قائـــــلاً :
" سر السبعة الكواكب التي رأيت علي يميني و السبع المناير الذهبية ،
الســـبع الكواكـــب هي ملائكــة السبع الكنائس ,
 و المناير السبع التي رأيتها هي السبع الكنائس" (رؤ 1 : 2 , 1: 20 ).
و في سفر ملاخي يقول الرب :
" و لا تقل أمام الملاك أنه سهو " و يقصد هنا الكاهن ، لأنه ملاك أو رسول رب الجنود .

4- قد يقصد بها الله نفسه أو السيد المسيح :
فيقول في سفر ملاخي النبي :
"و يأتي بغتة إلي هيكله السيد الذي تطلبونه ملاك العهد
 الذي تسرون به, هوذا يأتي قال رب الجنود " (ملا 3: 1 ) .
و يقول بولس الرسول في رسالته إلي العبرانيين :
 " لا تنسوا إضافة الغرباء , لأن بها أضاف أناس ملائكة و هم لا يدرون "
 (عب 13: 2, تك 18: 1, 2).

ـ 3 ـ  استخدامات أخرى لكلمة ملاك
و هناك استخدامات أخري لكلمة  "ملاك " جاءت في الكتاب نذكرها بمعانيها المختلفة
التي قصد بها و هي : -

أ- عمود السحاب :
"فانتقل ملاك الله السائر أمام عسكر إسرائيل و سار وراءهم و انتقل عمود السحاب
من أمامهم ووقف وراءهم" (خر 14: 19).
و يظهر هنا أن الله يستخدم الملائكة في أعمال كثيرة منها عمل السحاب .

ب- الريــــــــــــــاح :
يقول سفر المزامير عن طبيعة الملائكة :
"الصانع ملائكته رياحا , وخدامه نار ملتهبة "
( مز 104: 4 ) .

ج - الأوبئة سميت فيه ملائكة أشرار :
" أرسل عليهم حمو غضبه سخطًا ورجزًا وضيقًا جيشًا ملائكة أشرار...
 لم يمنع من الموت أنفسهم, بل دفع حياتهم للوباء" (مز 78: 49, 50) .

د- أمراض سماها بولس الرسول بالشوكة في جسده :
"ولئلا أرتفع بقرط الإعلانات أعطيت شوكة في الجسد ,
ملاك الشيطان ليلطمني لئلا  أرتفع " (2 كو12: 7).
الاستخدام الشائع لكلمة "ملاك" :
أما الاستخدام الشائع لهذه اللفظة في الكتاب المقدس علي نوع خصوصي للأرواح
 السمائية الذين يستخدمهم الله لإجراء إرادته و مقاصده .
 لذلك امتازوا باسم ملائكة الله , فيقول الرب في مجيئه الثاني :
" و متى جاء ابن الإنسان في حمده وجميع الملائكة القديسين معه ,
 فحينئـــــذ يجلـــس عــــلي كرســــــي مجـــــــده" (مت 25: 31).
أما النطق اللفظي لهذه الكلمة فهي :
"ملاك" في اللغة العبرانية والعربية .
"انجيــــــل" في اللغــــة الإنجليزية .
"أنجيلوس" في اللغة اليونانيــــــــة .
"أنجيـــــه" في اللغة الفرنســـــية .

ـ 4 ـ طبيعة الملائكة /  هل للملائكة أجساد
 تمهيد :
أن أول ما يتبادر علي ذهننا هو معرفة طبيعة الملائكة...
 هل هي أرواح فقط أم أجساد نورانية ؟!
 و ما هي أشكالها وطبيعة تكوينها... لأننا لا نراها بالعين المجردة , بل قد نحـــلم
بها ، أو قد نسمع أوصافها في كتب الكنيسة ، أو قد يراها بعض القديسين بأشكال
شتي... و هل هي قوية أم ضعيفة ؟ ..
كل هذه التساؤلات تثير انتباهنـــا، و تجعلنا نبحث في الكتــاب المقـدس عن طبيعـــــة
 الملائكة .

هل للملائكة أجساد ؟
هذا الموضوع الحساس ناقشته الكنيسة علي مر العصور و الأجيال ، و كحقيقة تاريخية
نود أن نورد هنا بعض المناقشات التي دارت بخصوص هذا الموضوع ..
فقد ذهب الكثيرون إلي أن للملائكة أجسادا روحانية غير منظورة تعمل بها كما يعمل
الإنسان بجسده الحيواني الكثيف (المادي),
و قد أشار بولس الرسول في رسالته إلي أهل كورنثوس إلي أنه يوجد جسم حيواني
وجسم روحاني , و تكلم عن الفرق بينهما فقال :
" ليس كل جسد جسدا واحدا، بل للناس جسد واحد وللبهائم جسد آخر, وللسمك آخر
و للطير آخر . و أجسام سماوية و أجسام أرضية... يوجد جســم حيــواني و وجد جسـم
روحاني " (1كو15: 40-44) . و قال أيضا في رسالته إلي العبرانيين :
" أليس جميعهم أرواحاً خادمة مرسلة للخدمة
 لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب 1 : 14 ).
و قد أيد هذا الرأي الآباء الأولون أمثال كيوستينوس الشهيد و أثينــاغورس و ايرينـــاؤس
و اكليمنضوس الإسكندري و ترتليانوس و أغسطينوس .
أما الكنيسة الغربية فلم تكتف بهذا الرأي , بل نادت -في مجمع نقية الثاني [ لا تعترف
 به الكنيسة القبطية الأرثوذكسية] سنة 787 م.- بأن للملائكة أجساد لطيفة من النار
أو الهواء استنادًا إلي بعض آيات الكتاب المقدس الآتية :

1- في سفر دانيال " فرأيت أنا دانيال....
 فإذا برجل لابس كتانا... و وجهه كمنظر البرق, و عيناه كمصباحي نار ...."
(دا10: 6, 7) . و كان هذا الرجل هو رئيس الملائكة جبرائيل .

2- في إنجيل متى : " و إذا زلـــــزلة عظيمـــــــة حدثــــــــت .
 لأن ملاك الرب نزل من السماء ، و جاء دحرج الحجر عن الباب
و جلـــس عليه وكان منظر كالــبرق و لباســـه أبيض كالثـــلج  " (مت 28: 3).

3- في إنجيل مرقس يصف الملاك الذي ظهر للمريمات :
"ولما دخلت القبر رأين شابا جالسا عن اليمين لابسا حلة بيضاء فاندهشن" (مر16: 5).

4- و يصفه إنجيل لوقا بأن ثيابه كانت براقة "
  و فيما هن محتارات في ذلك إذ رجلان وقفاً بثياب براقة " (لو 24 : 4 ) .

5- و عند صعود المسيح ظهرا ملاكان بلباس أبيض أمام التلاميذ (أع 1: 10) .

6- و في حادثة إنقاذ بطرس من السجن يقول سفر الأعمال :
 " و إذ ملاك الرب أقبل ونور أضاء في البيت .
فضرب جنب بطرس و أيقظه قائلا قم عاجلاً . فسقطت السلسلتان من يديه "
(أع 12: 7).

7- و يوحنا الرسول يصف ملاكاً ظهر له في الرؤيا قائلا :
 "ثم رأيت ملاكا آخر قوياً نازلاً من السماء متسربلاً بسحابة ، و علي رأسه قوس قزح ،
 و وجهه كالشمس ورجلاه كعمود نار..." (رؤ 10: 1).
و في سنة 1215 م نقض المجمع اللاتراني هذا الحكم و نادي بعكسه، أي أنهم بدون
 أجساد. و قد وافقه في ذلك "بطرس لومبارد " و كثيرون من علماء اللاهوت ، و قالوا بأن
 ليس لهم أجسادا حقيقية ، و ان الأجساد التي ظهــروا فيها أحيــــاناً غـــير حقيقيــــة .
و قد تطرف البعض في وصف طبيعة الملائكة فانحرفوا عن العقيــدة العامــــة للكنيسة ،
فقالوا إنهم انبثاقات من اللاهوت زائلة ، والبعض الأخر وهم مذهب الغنوسيين قالوا بأنهم
انبثاقات من اللاهوت باقية ، و لكن كلا الرأيين الأخريين لا تقبـــله الكنيســـة عمومـــــاً .
أما الرأي السائد في الكنيسة أن لهم أجساداً روحية غير منظورة ،
و هذا الرأي مقبول و موافــق لكل المذاهب الكنســـية تقريبــــــاً .

ـ 5 ـ  قــــــوة الملائكــــــــة
الملائكة أكثر اقتدارًا و قوة و سرعة و نشاطًا من الإنسان ، و كذلك هم أعلم من البشر
[ أنظر مقالة " الملائكة " لنيافة الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي ، في مجـــــلة
 مدارس الأحد – العددان الأول والثاني (يناير وفبراير سنة 1970) السنة 24]،
لأن طبيعة الملاك روحانية و نارية و نورية ، لذلك يمكنه أن يكتشف أشياء لا يمكننا نحن
أن نكتشفها بسبب كثافة أجســادنا , و بسبب ضعف هــذا الجســم و ما يصيبــــه من
 أمــراض و علل ، و ما إلي ذلك من أشياء تعطل قدرة الروح علي أن تنفـــذ إلي صميم
 الأشـياء .
أما الملاك فهو أقدر علي معرفة الأشياء ، و أسرع إلي الوصول إلي حقــائق الأمـــور من
الإنسان , من أجل ذلك يكون الملاك دائما أعلم من البشر في معرفة الأشياء و الحوادث
 الجارية الماضية و الحاضرة ...
و الملائكة فوق ذلك لا يمرضون و لا يضعفون ، و لا ينامون و لا يموتون , لأنهم كائنات
 روحانية, و هم في حالة صحو و يقظة مستمرة، و لهم قدرة عجيبة علي النفاذ إلي
طبيعة الأشياء.  ويقول المزمور :
 "باركوا الرب يا جميع خدامه العاملين مرضاته " (مز  103 : 20,  21 ) .
و في هذا ينسب إلي الملائكة أنهم مقتدرون بالقوة... و أنهــم أقويـاء، و هذا حــق...
 فان ملاكاًُ واحداً قتل في ليلة واحدة 185 ألف رجل من جيش سنحاريب ملك أشور
(2مل 19: 35)، و ملاك آخر قتل كل بكر في أرض مصر (خر  12 : 29 ) .
أليس هذا دليلاً علي قدرة الملاك ، و علي استطاعته و علي إمكانيتـــــه
 التي يمكن بها أن يصنع ما يريد ، و ما يكلفه الله به . لذلك فقد خلقهم الله
في طبيعة روحانية أعظم من طبيعة الإنسان كما يقول المزمور :
"من هو الإنسان حتى تذكره، وابن الإنسان حتى تفتقده ، أنقصته قليلاً عن الملائكة "
(مز 8 : 4 ).
و هم أيضا لا يحتاجون إلي زمن كبير في انتقالاتهم من مكان إلي آخر ، لأن ليس لهم
أجساد مادية تعوق انتقالاتهم, ففي لحظة و احدة يستطيعون أن يسافروا آلاف الأميال.
و في نفس الوقت يستطيعون أن يمروا من الأجسام المادية، لأن طبيعتهم الروحية
تسهل لهم هذا الانتقال من خلال المادة .

ـ 6 ـ متى خُلِقَت الملائكة ؟
ليس في الكتاب المقدس كلام صريح عن ميعاد خلقة الملائكة , لأن ذلك من علم الله
وحده, ولا يعني الإنسان أن يعرف شيئاً عن هذا الزمان . و لكن هناك دلائل واضحة في
الكتاب المقدس علي وجود ملائكة في السماء قبل خلقة الإنسان نستطيع أن نلخصها
 في الأتي :

متى خلقت الملائكة :
1- حين خلق الله الإنسان حاول كائن خبيث - كان موجودًا قبله -  أن يجربه و يهلكه
و سقطه ونجح في ذلك (تك 3: 1-7),
و اتضح أن هذا المجرب ( الحية ) هو إبليس اللعين و هو ملاك ساقط.
و يقول عنه سفر الرؤيا "
وحدثت حرب في السماء. ميخائيل وملائكته حاربوا التنين , و حارب التنين و ملائكته ,
 و لم يقووا فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء. فطرح التنين العظيم الحية القديمة
المدعو إبليس و الشيطان الذي يضل العالم كله ، طرح إلي الأرض و طرحت معه
 ملائكته" (رؤ 12: 7-9 ).
2- عندما طرد الإنسان بعد سقوطه من جنة عدن ، أقام الله ملاكاً حارساً علي الجنة
لكي لا يرجع الإنسان الساقط إلي هناك
 "فطرد الإنسان و أقام شرقي جنة عدن الكروبيم ( رتبة من رتب الملائكة )
و لهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة...." (تك 3 : 24 ) .
3- لما أجاب الرب أيوب من العاصفة قال له  : " أين كنت حين أسست الأرض...
 عندما ترنمت كواكب الصبح معا، و هتف جميع بني الله ؟..." (أي 38:  1 - 7  ).
 و يقصد بكواكب الصبح وبني الله بالملائكة و هذا القول صريح يثبت لنا أن الملائكة
كانت موجودة قبل خلقة الإنسان .

 خلقتهم في اليوم الأول :
و هناك رأي يقوله نتافة الأنبا غريغوريوس عن خلقة الملائكة استنتجه من بعض آيات الكتاب المقدس فيقول : إن الرسول قال عن الله : " إنه الصانع ملائكتـــــه أرواحــــــاً ،
 و خدامه لهيب نار" (عب 1: 7) , مبينا بهذا أن الله هو الذي خلق الملائكــة من النـــور
 الذي خلقه أول ما خلق، فقد قال الله " ليكن نـــور فكـان نور " (تك 1: 3) , و من النـــور
 خلق الله الملائكة ، و من هنا فهي كائنات نورانية طاهرة نقية صافية.. كائنات روحية
 ليس لها أجساد كثيفة كأجسادنا, و إنما أجسادها لطيفة.
و يؤيد هذا الرأي الأنبا ساويرس أسقف الأشمونيدس الشهير بابن المقفع قائلاً :
"إنه في يوم الأحد خلق الله السماء العليا التي فيها الملائكة و فيه خلق جميع مراتب
الملائكة الروحانيين ، وفيه خلق السماء وجميع من فيها وفيه خلق النور..."

ـ 7 ـ عدد الملائكة
 تمهيد :
لم يذكر في الكتاب المقدس أي إشارة عن عددهم بالتحديد ، و لا يعرف عددهم إلا الله
 وحده الذي خلقهم و تبهم لخدمته ، و لكن هناك أقوال كثيرة في الكتاب المقدس تدلنا
علي كثرة عددهم .
سنورد بعض هذه الأقوال لكي يأخذ القارئ فكرة عن كـــثرة عددهــــم...
1- عندما نزل الله علي جبل سيناء لإعطاء الشريعة لموسى النبي قيل له :
 "أتى من ربوات القدس (أي الملائكة) و عن يمينه نار شريعة لهم" (تث 33: 2).
2- في بستان جثسيماني قال السيد المسيح لبطرس :
" أتظن أني لا أســـتطيع الآن أن أطــــلب إلي أبي
فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشاً من الملائكة" (مت 26: 53).

3- قال دانيــــال النبــــي :
 " ألوف ألوف تخدمه, و ربوات ربوات و قوف قدامه " (دا 7: 10)
.
4- قيل في بشارة الرعاة  :
 "وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي"(لو 2: 13).

5- وبولس الرسول يقول في رسالته إلي العبرانيين :
"بل قد أتيتم إلي جبل صهيون... و إلي ربوات هم محفل ملائكة" (عب 12: 22).

6- ويوحنا الرسول يصف منظرهم في رؤياه المشهورة قائلا  : "ونظرت وسمعت صوت
ملائكة كثيرين حول العرش و الحيوانات و الشيوخ , و كان عددهم ربوات ربوات وألوف
 ألوف" (رؤ  5 : 11 ) .

7- و هناك أمثلة كثيرة تذكر أن عددهم كبير جــداً  لا تستطيع أن تحصيه , و ليســت
 المسألة بالكثرة بل بقوتهم وقدرتهم فقد عرفنا أن ملاكا واحد استطاع أن يقتل 185
ألف رجل من جيش سنحاريب ملك أشور في يوم واحد .

8- و إن كنا نود أن نستنتج عددهم التقريبي من كلام رب المجد نفسه، فنقول أن
عددهم التقريبي أكبر من : = 12 × 12500 = 150000.
و إن كان رب المجد لم يذكر أن هذا العدد هو كل الملائكة بل قال انه
" يســتطيع أن يطـــلب من أبيه أكـــثر من إثنــــي عشــــر جيشًــــــا "
 و نستطيع في الختام أن نقول أن عددهم كثير جداً لا يحصي ولا يعد،
و أن ملاكاً واحداً يستطيع أن يعمل أكثر من ألف إنسان .

9- يقول القديس ديونيسيوس الأريوباجيتي :
 " إن عدد الملائكة أكثر من عدد الأشــــياء الجســــمية الهيـــــــولية،
لأن الله تعالي حيث أنه في تكوين العالم– قصد كماله و لا حد لقدرته –
أراد أن يكثر من عدد الأشياء الأكثر كمالاً, و لذلك قال أيـــوب البــــــار
" ألعل لجنوده عدداً ؟ " (أي 25: 3) .

10- هناك رأي سائد في الكنيسة يقول أن الله عين لكل مؤمن ملاكاً حارساً يهتـــم به
 و يرافقه إلي يوم وفاته، و هو لديه كمعلم و مدبر و مرشد ليهديه طريق البر و الفضيلة ،
 و يحذره من حيل أعدائه المنظورين و غير المنظورين ( كقول رب المجد :
 "انظروا احذروا ألا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار، فإني أقول لكم إن ملائكتهم في السموات
كل حين يعاينون وجه أبي الذي في السموات " [مت 18: 10]).....
 و الكتاب المقدس ملئ بأمثلة الملائكة التي ساعدت البشر في أسفارهم وخدمتهم
في كل وقت ..
 فالملاك رافائيل رافق طوبيا وخدمه في سفره باذلا كل اعتنائه في الطريق بحفظه إياه
من حوت كان يهم أن يبتلعه، ثم تحصيل ماله من الناس وتزويجه إياه بامرأة صالحة ورد
 إلي أبيه.
"وإيليا النبي أتاه الملاك وقدم له فطيرة يأكلها ليتقوي بها في الطريق"..
و يعوزنا الوقت لو تكلمنا عن الملاك الذي سد أفواه الأسود في الجب الذي ألقي
 فيه دانيال النبي ، أو الذي نقل فيليبس الرسول من الموضع الذي عمد فيه الرجل الحبشي إلي مدينة أشدود....

11- ويقول توما الإكويني :
" إن عدد الملائكة يفوق عدد البشر و سائر المخلوقات المادية ,
 لأنهم هم الذين يدبرون العناصر المادية , و يحرسون المدن و الممالك ، لذلك اتخذتهم
 الكنيسة شفعاء لهم . ففرنسا و ألمانيا اتخذت الملاك ميخائيل شفيعا لها و هكذا أيضاً
معظم كنائس الشرق".

  ـ 8 ـ سقوط بعض الملائكة
تمهيـــــد :
إن لطبيعة الملائكة خصائص صفات خلقها الله عليها لكي تحيا بها. فقد خلقها الله عاقلة
 حرة.... بها العقل تستطيع أن تفكر، وبهذه الحرية تستطيع أن تفعل ما تريده.
و كما أن للبشر ناموس لطبيعتهم هكذا أيضاً للملائكة ناموس لطبيعتهـــــــم...
و إن كان الله قد خلق الملائكـــــة بقـــتدرات تفـــــوق قـــــدرات الإنســـــان
 فان ناموسهم أيضاً يفوق ناموس الإنسان ، لذلك فان سقوطهم يكون أخطر
من سقوط الإنسان ...
 لأن جسم الإنســان مادي يعوقه عن الانطــــلاق و التحـــرك الكثـــــير ،
أما أجساد الملائكة فهي غير مادية وتستطيع أن تتحرك بسرعة فائقة ....
و هكذا أيضاً أعطيت الملائكة معرفة وحكمة أكثر من البشر لذلك فهم يعرفــون الله ،
أكثر من البشر لأنهم واقفين أمام عرشه الإلهي... يســـبحون الله , ليـــلاً و نهــــاراً ،

ويسجدون أمام عرشه المقدس إلي أبد الآبدين.

كيف سقط بعض الملائكة ؟
و الآن يتبادر إلي ذهننا هذا السؤال الهام ...
 إن كان الله قد أعطي قدرات كثيرة و عظيمة للملائكة فلماذا سقطوا ؟!
و إن كان الله لم يخــــلق الشـــــــر ، فمــــــن أيـــــن أتـــي إليهـــم ؟!
هذا السؤال الهام ليس هو مجال بحثنا ، و لكن سنتعرض للإجابة عليه باختصار شديد...
نقول أولاً كيف دخلت الخطية إلي العالم... ليس عالم الأرض فقط، بل عــالم الســماء ؟
 الخطأ و الخطية :
ما هي الخطيــــــة ؟ و ما هـــــو الخطـــــأ ؟
كبداية للإجابة يجب أن نعرف ما هو الخطأ ؟
الخطأ هو ما حاد عن الصواب , وهو أعم من الخطيئة, فالخطيئة هي الخطأ ضد الله
 و ضد وصاياه . و عندما نفهم هذا التعريف البسيط عن الخطأ والخطيئة نلمس طريق
سقوط بعض الملائكة.
فالملائكة كائنات حرة و عاقلة , ولها أن تفكر في الصواب أو في الخطأ، و هي حرة فيما
 تريد وفيما تفعل، والله أعطاها هذه الحرية بإرادته وأوصاها بالصواب، كما أوصي الإنسان.
و لكن بعض الملائكة وعلي رأسهم سطانائيل (الشيطان) انحرف بفكره إلي غير الصواب
 أي إلي الخطأ , بأن أرد أن يساوي نفسه بالخالق... و هذا مستحيل و غير معقول
و عين الخطأ نفسه.. فهل نستطيع أن نقول أن الخالق يكون مساوياً للمخلوق ؟....
و إن كان مساوياً له فكيف يكون الخالق إذن ؟

فمعروف عن صفات الخالق أنه لا يساويه أحد, و لا يدنو منه أحد ....
بل هـــــو وحيـــــد في قدرتـــــــــه و وحيــــــــد في عظمتــــــه ....
و إذا أخذنا مثلاً في ذلك مع الفارق نجد أن المخلوق لا يستطيع أن يساوي الخالق
 بأي حال من الأحوال.
فذا افترضنا مثلاً أن إنسانا اخترع آلة ميكانيكية يستطيع أن يديرها كما يشاء عندما
بالتيار الكهربائي ، و يوقفها إن فصــل عنها هـــذا التيـــــار ،
فهل تستطيع هذه الاّلة ان تعمل بمفردها بدون هذا التيار ؟
هكذا الإنسان المخلوق لا يستطيع أن يعيش أو يتحرك أو يعمل بدون روح الله التي فيه،
فان خرجت الروح يصبح ميتا بل و يصبح كالاّلة التي لا تعمل....
هكذا الملاك مخلوق و لا يستطيع أن يعمل بدون القوة التي منحهـــا له الله عند خلقته
 و أودعها فيه.... و لكن الشيطان انحرف عن قدرات طبيعته ، وأراد أن يضيف قدرات الله
 إليه وأراد أن يكون مثل الله، وبالتالي اخطأ و سقط عن رتبته.....
اعتقد أن مجده ذاتي ، وليس مكتسبا من الله ، فدخله المجد الباطل و أراد أن يصير مثل
الله. و حزقيال النبي يحدثنا بكل تفصيل ذلك فيقول : "هكذا قال السيد الرب : أنت خـاتم
 الكمال و ملآن حكمة وكامل الجمال، كنت في عدن جنة الله. كل حجر كريم ستارتك....
 أنت الكروب المنبسط المظلل وأقمتك. علي جبل الله المقدس كنت، بين
حجارة النار تمشيت. أنت كامل في طرقك من يوم خلقت حتى وجد فيك إثم . بكثرة
تجارتك ملأوا جوفك ظلما فأخطأت ، فأطرحك من جبل الله و أبيدك أيها الكروب المظلل
 من بين حجارة النار . قد ارتفع قلبك لبهجتك ، أفسدت حكمتــــك لأجل بهـــــــائك..."
 (حز 28: 12-17).

و يؤكد هذا الكلام أشعياء النبي فيقول "كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح ؟
 كيف قطعت إلي الأرض يا قاهر الأمم؟. وأنت قلت في قلبك أصعد إلي السموات. أرفع
كرسي فوق كواكب الله , وأجلس علي جبل الاجتماع في أقصي الشمال. أصعد فوق
 مرتفعات السحاب, أصير مثل العلي ، لكنك انحدرت إلي الهاوية إلي أسافل الجب...."
(أش 14: 12-15).

فسقط الشيطان وأغوي معه بعض الملائكة من الرتب السمائية المختلفة سقطت معه.
و منذ هذه اللحظة سمي المعاند أو المقاوم لله ، لأنه لم يرجع عن سقطته و لم يشعر
بخطئه ولم يطلب التوبة إلي الله إلي وقتنا هذا .
و يقول سفر الرؤيا : " و حدثت حرب في السماء. ميخائيل و ملائكته حاربوا التنين .
و حارب التنين وملائكته و لم يقــــووا , فلم يوجد مكانهــــم بعد ذلك في الســـماء .
فطرح التنين العظيم الحية القديمة المدعو إبليس و الشيطان الذي يضل العالم كله،
طرح إلي الأرض وطرحت معه ملائكته " (رؤ 12: 7-9).
و بعد خلقة آدم تقدم إبليس الجرب لكي يسقطه , كما سقط هو أيضاً بنفس الخطية
 التي أخطـــأ بها، و هي خطيــــة عــــدم الطـــــاعة لله و رغبتـــــه في أن يكون كالله
"فقالت الحية للمرأة لن تموتا . بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما و تكونان
 كالله عارفين الخير والشر..." (تك 3 : 4 - 5 ) .
و سقطت المرأة ثم أغوت رجلها فسقط هو أيضاً ، ثم سقط الجنس البشري نتيجة لذلك
و دخلت الخطية إلي العالم إذ أخطأ الجميع كما يقول الرسول بولس :
"من أجل ذلك كأنما لإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم و بالخطية الموت ،
 و هكذا اجتاز الموت إلي جميع الناس إذ أخطأ الجميع " (رو   5 :  12 ).
لذلك صدق قول سفر الرؤيا عن حرب إبليس :
" ويل لساكني الأرض و البحر ، لأن إبليس نزل إليكم و به غضب عظيم,
عالماً أنه له زمانا قليلاً " (رؤ  12 :   12 ).

و الكتاب المقدس يشهد أن هذا الملاك الساقط قد أغوي الجميع و حـــاول إســـقاطهم
بشتى الطرق و الأساليب بمقاصده الشريرة و تجاربه المتنوعة اللعينة . حتى أنه جــرئ
و تقدم لكي يجرب السيد المسيح نفسه (مت 4:  1) , الذي كشفه و هــزمه و كســر
شوكته . لذلك يقول القديس بطرس :
 "إن الله لم يشفق علي ملائكة قد أخطأوا " (2بط  2 : 4 ) .
و يؤيد هذا الكلام المقدس يهوذا الرسول قائلاً :
 "إن الملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم , بل تركوا مسكنهم حفظهم إلي دينونة اليوم
العظيم بقيود أبدية تحت الظلام " (يه  6:6).
و قد أفصح رب المجد نفسه عن مصيرهم و مصير كل الأشرار الذين يتبعونهم قائلاً لهم
" اذهبوا عني يا ملاعين إلي النار الأبدية المعدة لإبليس و ملائكتـه " ( مت 25 : 41 ).

ـ 9 ـ الملائكة الأخيار و الأشرار
ونستطيع أن نقسم الملائكة إلي قسمين رئيسيين بعد سقوط بعضهم إلي :

أ- الملائكـة الأخيـــــار :
و هم الذين ثبتوا علي أمانتهم لله و الحق ، لذلك دعوا بالمختارين و المقدسين
(1 تي  5 :  21  , مت 25 :  31 ) .

ب - الملائكة الأشرار :
و هم الذين سقطوا أي لم يثبتوا علي أمانتهم لله ، و تكبروا و قاوموا الله , لذلك دعوا
بالمقاومين أو الشياطين (مت4: 10, يو 10 : 18 ) .
و هناك رأي يقول أن الله قد خلق الإنسان , لكي يضعه مكان الملائكة الذين سقطوا ,
علي أن ذلك ينطبق علي القديســـين فقط ، لأنه لا يسـتطيع أحد أن يعـــاين الـــرب
 إلا القديسين و من يسلك حسب وصاياه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق