السبت، 8 نوفمبر 2014

خدمة الملائكة وطبيعة عملهم .


                    + تسبيح الله في حياة الملائكة
                    +   خدمات أخرى للملائكة
                    +   نحن و الملائكـــــــــــة




خدمة الملائكـــــة
 تمهيد :
الملائكة رتب و لهم ترتيب و طقس و نظام  ، و قد جعل الله لكل طغمة منها اختصاصات . فبعضها مختص بخدمة السماء ، بعضها يختص بخدمة الأرض . .
و في الأرض بعضها مختص بالهواء ، البعض الأخر بالثمار ، و هناك من يختص بالأنهار ،
و البعض الأخر مختص برفع القرابين و الصلوات ،
لذلك يصلي الكاهن في نهاية القداس الإلهي مخاطبًا الملاك قائلًا :
"يا ملاك هذه الذبيحة الطاهرة الصاعد إلى السماء ، اصعدها قدام الرب ليغفر لنا خطايانا".
فالاختصاصات متنوعة ، و كلها تبرز وتعلن مجد الله على الأرض ،
و لو كشفت عن عيوننا لرأينا هذه القوات الروحية تتحرك بين السماء والأرض،
لذلك قال السيد المسيح له المجد :
"من الآن ترون السماء مفتوحة ، و ملائكة الله يصعدون و ينزلون ".

و نستطيع أن نلخص خدمة الملائكة في الأتي :
1- تسبيح الله في حياة الملائكة
 التسبيح هو لغة الملائكة ، و الكنيسة أخذت طقس التسبيح من الملائكة أنفسهم،
و قد أفصح أشعياء النبي عن هذا التسبيح قائلًا:
" السيرافيم واقفون فوقه ، لكل واحد ستة أجنحة باثنين يغطي وجهه ، وباثنين يغطي
رجليه، و باثنين يطير .
و هذا نادي ذاك و قال قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض"
( أش ٦: ٢ و ٣ ).
و من هذه التسبحة أخذت الكنيسة تسبحة الثلاث تقديسات المعروفة
(قدوس . قدوس . قدوس ).
و في البشارة المجيدة :
"ظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله و قائلين :
المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة " (لو ٢: ١٣ و ١٤  )
و يوحنا الرسول في سفر الرؤيا يقول :
" و نظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش...
و كان عددهم ربوات ربوات و ألوف ألوف قائلين بصوت عظيم :
مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة و الغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد
و البركة " (رؤ ٥: ١١ و ١٢) .
لذلك يصرخ داوود النبي قائلًا:
"سبحوه يا جميع ملائكته، سبحوه يا كل جنوده" (مز ١٤٨: ٢).

2- الملائكة و السجود لله
السجود تعبير صادق عن مشاعر الخضوع و الاتضاع،
لذلك فهـــو لائـــــق جــــدًا أبالله ،
و يسمى بســــجود العبــــــادة ،
و هو خاص بالله فقط دون سواه ،
لذلك عندما أراد يوحنا الرسول في رؤياه بالسجود أمام الملاك
من فرط تأثره بالمناظر الإلهيــــــة منعـــــه المـــــلاك...
"فخررت أمام رجليه لأسجد له، فقال لي أنظر لا تفعل.
أنا عبد معك ومع إخوتك الذين عندهم شهادة يسوع . أسجد لله " (رؤ ١٩: ١٠)
و جعله الملاك ينظر السجود الحقيقي لله...
"و جميع الملائكة كانوا واقفين حول العرش و الشيوخ و الحيوانات الأربعة
خروا أمام العرش و سجدوا لله قائلين :
آمين ، البركة و المجد والحكمة و الشكر و الكرامة و القدرة و القوة لإلهنا
 إلى أبد الآبدين،أمين " (رؤ ٧ : ١١ و ١٢) .

3- الملائكة في خدمة الله و تنفيذ أحكامه
 فالله خلق الملائكة أساسًا لخدمته و تنفيذ أوامره ، و هم في ذلك مســــرورون ،
 لأنهم يخدمون العزة الإلهية ، و واقفين أمام العـــرش الإلهــــي على الـــــدوام .
و يؤكد هذا الكلام داوود النبي قائلًا  :" الصانع ملائكته أرواحًا و خدامه نارًا ملهبة "
(مز ١٠٤: 4) و أيضًا (عب ١: ٧ ).
و يقول بولس الرسول :
 " أليس جميعهم أرواحًا خادمة مرسلة للخدمة..." (عب ١: ١٤).
و هناك أمثلة كثيرة في الكتاب المقدس ترينا كيف أن الله أرسل ملائكته لينفذوا أحكامه...

أ- في سفر صموئيل يقول :
 "وبسط الملاك يده على أورشليم ليهلكها فندم الرب على
 الشر و قال للملاك المهـلك الشعب : كفى الآن رد يـــــدك" (٢ صم ٢٤: ١٦).

ب-  و في سفر الملوك يقول :
 " و كان في تلك الليلة أن مــــلاك الرب خـــرج و ضرب من جيش
 أشور ١٨٥ ألف ، و لما بكروا صبـــاحًا إذا هم جميعًـــا جثث ميتة،
فانصرف سنحاريب ملك اشور و ذهب راجعًا و أقام في نينوى" (٢ مل ١٩: ٣٥ و٣٦).
ج- و في العهد الجديد ضـرب مــــلاك الرب هيرودس لأنه لم يعـــط مجــــدًا لله
 " ففي الحال ضربه ملاك الرب لأنه لم يعط المجد لله ، فصار يأكله الدود و مات"
(أع ١٢: ٢٣).

ج – و في سفر الرؤيا يقول يوحنا الرسول :
" و سمعت صوتًا عظيمًا من الهيكل قائلًا للسبعة الملائكة
امضـــوا و ســـكبوا جــــامات الله على الأرض " (رؤ ١١: ١).

د - و الله يرسل ملائكته لخدمة البشر ، كما فعل الملاك جبرائيل مع دانيال النبي بناء
 على أمر الله ليفهمه الرؤيا :
"و  أنا متكلم بعد بالصلاة ، إذا بالرجل جبرائيل الذي رأيته في الرؤيا في
الابتداء...  لمسني عند و قت تقدمة المساء و فهمني و تكلم معي
وقال يا دانيال إني خرجت الآن لأعلمك الفهم" (دا ٩: ٢١ و٢٢).

4- الملائكة في خدمة المؤمنين
 كان الملاك في رفقة العائلة المقدسة عندما جاءت إلى مصر هربًا من هيرودس الملك . وكان يسير معهم حتى وصلوا بسلام الله آمنين
"و بعد ما انصرفوا إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم وكن هناك حتى أقول لك . لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه" (مت ٢: ١٣).
و شجع بولس الرسول ليقف أمام قيصر...  " لأنه وقف في هذه الليلة ملاك الإله الذي
 أعبده قائلًا : "لا تخف يا بولس، ينبغي لك أن تقف أمام قيصر، و هوذا قد وهبك الله
 جميع المسافرين معك" (أع ٢٧: ٢٣).

5- الملائكة و حراسة أولاد الله و إنقاذهم
أ‌-  فدانيال النبي الذي ألقى في جب الأسود يقول :
" إلهي أرسل ملاكه و سد أفواه الأسود فلم تضرني ،
 لأني وجدت بريئًا قدامه (الله) ، وقدامك أيضًا أيها الملك ،
لم أفعل ذنبًا" (د ٦: ٢٢)

ب ـ و إليشع النبي حرسه جيش من الملائكة عندما أحاط به الجيش
"فبكر خادم رجل الله وقام وخرج ، و إذا جيش محيط بالمدينة و خيل و مركبات ،
 فقـال غــلامه له : آه يا سيدي كيف نعمل، فقال لا تخف لأن الذين معنا أكثر من الذين
معهم... ففتح الرب عيني الغلام فأبصر ، و إذا الجبل مملـــوء خيلًا و مركبــــات نار حــول
 إليشع " (٢ مل ٦: ١٥ - ١٧).

ج- لذلك يقول داوود النبي "يحل ملاك الرب حول متقيه وينجيهم" (مز ٣٤: ٧)
ويقول أيضًا "لأنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك في كل طرقك" (مز ٩١: ١١).

د- خلصوا بطرس من السجن (أع ٥: ١٩).

6- الملائكة يرفعون صلوات المؤمنين إلى الله
 فرافائيل رئيس الملائكة (أحد رؤساء الملائكة السبعة) يقول لطوبيا :
"انك حين كنت تصلي بدموع وتدفن الموتى
و تترك طعامك وتخبئ الموتى في بيتك نهارًا وتدفنهم ليلًا،
كنت أنا أرفع صوتك إلى الرب" (طوبيا ١٢: ١٢).
ويقول يوحنا الرسول في سفر الرؤيا "وجاء ملاك أخر ووقف
 عند المذبح ومعه مبخرة من ذهب، وأعطى بخورًا كثيرًا لكي يقدمه مع
صلوات القديسين جميعهم على مذبح الذهب أي أمام العرش" (رؤ ٨: ٣).

7- الملائكة يشفعون في المؤمنين
فالملائكة أيضًا شفعاء ، بمعنى أنهم يصلون من أجل المؤمنين و يطلبون من أجل
سلامهم. فقد جاء في نبوءة النبي زكريا عن الملاك الذي تشفع من أجل أورشليم
"فَأَجَابَ مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَال َ:
«يَا رَبَّ الْجُنُودِ، إِلَى مَتَى أَنْتَ لاَ تَرْحَمُ أُورُشَلِيمَ وَمُدُنَ يَهُوذَا الَّتِي غَضِبْتَ عَلَيْهَا هذِهِ
السَّبْعِينَ سَنَةً؟»
فَأَجَابَ الرَّبُّ الْمَــلاَكَ الَّذِي كَلَّمَنِي بِكَلاَمٍ طَيِّبٍ وَ كَلاَمِ تَعْزِيَةٍ . فَقَــالَ لِي الْمَــلاَكُ الَّذِي
كَلَّمَنِي: « نَادِ قَائِلًا : هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ :
غِرْتُ عَلَى أُورُشَــلِيمَ و َعَلَى صِهْيَوْنَ غَيْرَةً عَظِيمَةً.
وَ أَنَا مُغْضِبٌ بِغَضَبٍ عَظِيمٍ عَلَى الأُمَمِ الْمُطْمَئِنِّينَ.
لأَنِّي غَضِبْــــتُ قَلِيلًا وَ  هُــــمْ أَعَـــــانُوا الشّـــــــَرَّ.
لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ :
قَدْ رَجَعْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ بِالْمَرَاحِمِ" (سفر زكريا 1: 12-16).

8- الملائكة يطمئنون القديسين و يبشرونهم بالخير
 الملائكة يطمئنون القديسين ويبشرونهم بالخير :
"فتراءى ملاك الرب للمرأة (أم شمشون) و قال لها :
ها أنت عاقر لم تلدي ، و لكنك تحبلين و تلدين ابنًا...
و هو يبدأ يخلص إسرائيل من يد الفلسطينيين" (قض ١٣: ٣ - ٢١).

 9 - الملائكة يهيئون للقديسين حاجات الجسد
 أ‌- "و اضطجع (إيليا النبي) و نام تحت الرتمة، و إذا بملاك الرب قد مسه و قال قم و كل،
فتطلع و إذا كعكة ردف و كوز ماء عند رأسه ، فأكل و شرب ثم رجع فاضطجع،
ثم عاد ملاك الرب ثانية فمسه وقال: قم وكل، لأن المسافة كثيرة عليك، فقام و أكل
و شرب وسار بقوة تلك الأكلة أربعين نهارًا وأربعين ليلة" (1 مل ١٩: ٥ - ٩).

ب‌- وكان (دانيال) هناك (في الجب) ستة أيام... وكان حبقوق النبي في أرض يهــــــوذا،
 و كان قد طبخ طبيخًا وثرد خبزًا في جفنته وانطلق إلى الصحراء ليحمله إلى الحصادين،
 فقال ملاك الرب لحبقوق احمل الغذاء الذي معك إلى بابل إلى دانيال في جب الأسود،
 فقال حبقوق: أيها السيد، إني لم أر بابل قط ولا أعرف الجب، فأخذ ملاك الرب بجبتـــــه
 وحمله بشعر رأسه وضعه في بابل عند الجب باندفاع روحه، فنادى حبقوق قائلًا:
 يا دانيال يا دانيال : خذ الغذاء الذي أرسله لك الله ، فقال دانيال :
 اللهم لقد ذكرتني و لم تخذل الذين يحبونك، و قام دانيال و أكل،
ورد ملاك الرب حبقوق من ساعته إلى موضعه" (دا ١٤: ٣٠ - ٣٨).

 خدمات أخرى للملائكة
 و إن كانت خدمات الملائكة لا تحصى و لا تعد، إلا أننا أبرزنا أهمها ،
و نستطيع أن نضيف بعضًا منها في الأتي :
أ‌- أنبأوا بولادة يوحنا المعمدان ( لو ١: ١١ -  ٢١).
ب‌ - أنبأوا بولادة المسيح واحتفلوا بها (مت ١: ٢٠ و لو  1 : ١١) .
ت‌ - خدموه وقت تجربته وآلامه (مت ٤: ١١ و لو ٢٢:  ٤٣) .
ث‌ - بشــــــــروا بقيامتــــــــــه (مت ٢٨: ٢ و يو ٢٠: ١٢) .
ج‌ - أنبـــــــــــأوا بصعـــــــــوده (أع ١: ١٠ و ١١ ).
ح‌ - سيرافقون المسيح عند مجيئه الثاني (مت ٢٨: ٢ و يو ٢٠: ١٢).
خ‌ -  يجمعـــــــون شــــــعبه إلى ملكــــوته (مت ١٣:   ٣٩).

 نحن و الملائكة
 يقول نيافة الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي :
 " لا تظن أن الملائكة لا تستطيع أن تعمل أو تتحرك من دون أن تتلقى من الله أمرًا بذلك في كل كبيرة و صغيرة... كلا، ليس الأمر كذلك ، فإن الله أقام ملائكة...

و الملائكة كائنات حرة ، لهم مقدرة و لهم إمكانيات ، و لهم أن ينصرفوا في حدود
 اختصاصاتهم ، و لذلك فإن الملاك ليس في حاجة في قل مرة أن يتلقى أمرًا مباشرًا
 من الله ، مثله في ذلك مثل الشرطي الذي يقف على باب المنزل أو على رأس الطريق
للحراسة، له أن يستجيب لاستغاثة أي مواطن دون الرجوع إلى رئيس الجمهورية
مباشرة ، وله أن يندفع من تلقاء ذاته لمطاردة اللصوص، دون أن ينتظر إشارة من رئيس
البلاد... بل إن الشرطي الذي يرفض أن يستجيب لنداء أي مواطن بحجة أنه لم يتلق
 أمرًا مباشرًا من رئيس الجمهورية، فإنه لو أبلغ أمره إلى الرئيس لعاقبه
و طرده من وظيفته، لأنه بتصرفه العقيم أهان الحكومة، و أثبت أنه عديم التصرف،
و لا يصلح لمهمته التي أوكلت إليه .

و من هنا نفهم أنه يمكن أن يكون لنا صداقة مباشرة مع الملائكة وأنه يمكن أن
نستغيث بهم، ولا يكون في هذه الاستغاثة إهانة لجلالة الله وعظمته، أو إنقاص لقدرته،
 لأن الملائكة مخلوقة لخدمة الله، كما أقيموا أيضًا لخدمتنا، فقد قال الرسول :
"أليسوا جميعًا أرواحًا خادمة، مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص؟"
 (عب ١: ١٤) .

إذًا قد منحنا الله هذه العطية، وهي أن يجعل الملائكة الأقوياء في خدمتنا، وكلفهم
 بحراستنا وإغاثتنا، لذلك يمكننا أن نقول "يا ملاك أغثني، أو يا ملاك أعني"..
 و ليس في ذلك ما يتعارض مع عبادتنا لله وصلواتنا إليه.

ألا يقول الواحد منا للأخر "يا أخي أعني، ويا أخي ساعدني!!
 أفهل تكون بهذا قد جدفت على الله؟
إذًا يمكننا أن نستغيث بالملائكــــــــة ،
و أن نطلب منهم أمرًا ، مادام هذا الأمر في حدود اختصاصاتهم و إمكانياتهم ".



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق