هوذا أنا هكذا يا رب أتدخل باستمرار فيها لا يعنيني .
لست أقصــد التدخل في شــئون غــيرى من النـاس ،
كيـف يتصـــرف ، وكيـف تتصــــرف أنــــت معــه ،
– ولو أننــــي أقـــع كثـــــيراً في هـــــذا الخطـــــــأ –
وإنمـــــا أقصــــد تدخــــلي في شــئون نفـــــــسي .
بينما هي أمور لا يعنيني أنا بقدر ما تعنيـــك أنـت ..
نفسي لســت ملكي ، وإنما هي ملكك ،
اشترها بدمك الكـــريم فأصبـــحت لك .
وليس لي بعد أن أتدخل في شــئونها ،
لأنك أنت تدبرها حسب مشيئتك الصالحة الطوباوية .
علي إذن أن أنظــــــر وأمجــــــــدك.
متي يأتي الوقـــت الذي لا أتدخــــل فيه في شـــــئون نفســـــي،
وإنما أتركها لك: حيثما تسترني أسير، وكيفما تصيرني أصير؟
متي أرض بحــــالتي التي ارتضيتهــــا أنـــــت لي،
فلا الخ عليك في تغييرها كأنك غافل عن صالحي؟.
أو متي ابحث عن شئ أطلبه فلا أجد لأني لست أجد خيرا لي الآن مما أنا فيه؟..
متي يأتي الوقت الذي يصبح فيه عملي الوحيد هو ألا أعمل شيئاً،
وإنمـــــا اتـــرك نفسي في يديــــــك وأنســــــاها هنـــــــاك،
ولا أذكر الا هاتين اليدين اللتين جبلتاني وصنعتاني واللتين ،
كنت تضعهما علي كل واحد فتشفيه.
متي أؤمـــــن بـــــك الإيمــــــان كله.
فاســــتأمنك علي حيـــــاتي تدبرهـــــا كيف تشــــاء، أنت يا صـــانع الخــــــيرات،
دون أن أقحم نفسي في عملك هذا وأتلصص متجسسا عليك لأري ماذا تعمل بي!!
وكيف تعمل.. وهل عملــــتك مقبــــــول أم لا!
وهل يستدعي الأمر تدخلاً مني أم لا يستدعي؟
آه يــــارب كم أنا وقــــح في تصرفي معـــــك!
جاهل أنا وأتدخل في أعمال حكمتك محاولا أن أوقفها لأنقذ مشـــورتي الغبيــة!!
كم يكون أحكمني لو أنني سكت وأخذت منك ومواقف المتفرج لا موقف الشريك.
إذن لكنت أري عجائب من حكمتك....
أنني يارب أفكر كثيراً في ذاتي، ولا أفكر ولو قليلاً فيك ،
أننــــــــــي أثق كثـيراً بـذاتي، ولا أثــــق ولو قليلاً بـك .
ذاتي هي صنمي :
متــــي يتحطـــــم لكــــي أعبــــــــدك العبــادة الحقـــــــة ؟
إن كنت لا أحطم بنفسي هذا الصنم لكونه جميلاً في عيني ،
أو لكونه محبـــوباً لدي جـــداً، فتـــول أنت يارب تحطيمه ،
وعند ذلك لا يبقي لك منافس في قلبي فأحبـك ،
ولا يبـقي لك منافـــس في إيمـــاني لأعبــــدك .
لو كنـــت يا رب أفكــــر فيك بقــــدر ما أفكــــر في ذاتــــي ،
ولو كنت اعتمد عليك بقدر ما أعتمد علي مقدرتي الخاصة ،
ولو كنت أحبـــــك بقــــــدر مـــــــــــا أحــــــــب نفـــــــسي ،
متي تعتنقــــني يـــــــارب مـــــن ذاتــــــي ؟
متي ؟ لا لكي أصير قديساً وإنما لكي أجدك .
متي تخرج من الحبس نفسي، وأطـــلق عبــــدك بســلام ؟
متي أضيع ذاني من أجلك لكي أجدك ؟ وحينئذ أجدها فيك .
متي أهلك ذاتي من أجلك؟
أذن لكانت تحيا بك. متي انظر إلي ذاتي فلا أجدها ،
وإنما أجدك أنت، متي أنظــــر إليهــــا فـــــأراك ؟
متي أنظر إلي العالم فأراك؟ وإلي الناس فــأراك ؟
وتصبح لي الكــــل في الكــــل وليس ســــــــواك .
هي تبيـــــــــد وأنــــــت تبـــــقي ،
وكلها كثــــــــــوب تبـــــــــــــلي ،
وكرداء تطويهـــا فتتغــــــــــــير .
ولكن أنت أنت وســنوك لا تفني .
قالـــوا لي: { أعــــرف نفســك }.
وقالوا لي: { أدخل إلي ذاتـــك }.
آه يارب هي ذاتي هذه سبب متاعبي كلها ..
متي أدخــــل إليهــــــا فـــــــلا أجــــــدها؟!...
فلما امعنت النظـــــر إليهـــا، أبصــــرتك أنــــــــت، ففرحـــــــــت .
ويخيل إلي أنني
سوف لا أجدك في كل مرة الا هناك في وادي ظل الموت ،
لأننـــي أن ســـرت في وادي ظــل المـــوت فأنـــت معي .
لقد خلقتنا للحيـــاة، ولكننا بخطيئتنا اخترنــا لنا المــوت ،
فــإذا بك أنت البســـيط الذي كل شي طــــاهر قدامـــــــك ،
تقدس الموت وتجعله لنا باباً للحيــــاة !!
بل هو البــاب الوحيــــــد للحيـــــــــــــاة .
{ من وجد نفسه يضيعها، ومن أضاع نفسه من اجلي يجدها }
{ أنكر ذاتك واحمل صليبك وأتبعني }.
الارتباط بك .
لأنني لم ادخل إلي الوحدة من أجلك، وغنما من اجل نفسي .
أمـــا لترضي هي عن ذاتهــــا، أو ليرضي النــــاس عنهـــا .
لكنني
في السنة الثانية عرفت معني الانحلال من الكل بتفســـــير آخــر،
وهو الانحلال من نفسي، لأنني أجعلها بالنسبة إلي الكل في الكل .
وفي السنة الثالثة آي معني سأعرفه لهذه العبارة ؟
ليســـــت ادري . ليتــــني أكــــون قــــد نســـــيتها ،
ونسيت التفكير في معناها، من فرط الانشــغال بك .
كنت أقول عن اجتماعي بالأخــوة ،
وربما نتسبب بذلك في عدم اجتماعنا كلنا هناك معه في الأبــــــــد .
وأريد الان أن أقول ان اجتماعي بنفسي هو الذي يعطلني بالأكــثر .
أنني اشعر أنني محتاج، بين الحين والحين، كلما أخلو إلي نفسي ،
أن أقول لها : { اتركيني الان، فهـــذا خير لنــا }
اتركيــــني لـــكي أخلــــــــو بالله ،
وبهذا استطيع أن أتمتع بوعده من ان تثبتي فيه .
فأجلس – لا مع ذاتي وإنما مع الله الحال في ذاتي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق