الميمر السادس ( 1 )
القتالات الموجهة من المحتال إلى السالكين في المنهج الضيق هى :
النــوع الأول : حروب العدو للمتهاونين
مـــن شيمة معاندنا المحتال أن يتلطف ويحتال على المقدمــــين على الجـــــــــــــــهاد ،
بـــــــــــأن يشـــــكل لهـــــــم حــــــــــــــــروبه من نوع سلاحهم ( الذى يوجهونه ضده )
ويغـــــــير وجهـــة قتـــاله حســـبما يظهــــر له من اتجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاهاتهم .
أما الـــــذين يراهم فاشلين وخـــــــائرى العزيمــة ونياتهم متوانيــــــــــــــــــــة ،
فمن البداية يجتهـــــــــــد في مقــــــــــــــــــاتلاتهم ويثــــير عليهم تجارب عنيفة ،
حرصـاً على أن يذيقهم أنواع شروره وصعوبة الطـــــــــــــــــــريق ،
لكــــى يحــل بهم الجـــبن مــــن بدايــــــــــــــــــــــــــــة الجهــــــاد ،
وليظهر لهــم أن الســــبل وعـرة محـــزنة شـــــــــــــاقة المســـــلك ،
فيقولون إن كانت بدايتها هكـــذا فستكون صعبة جافية في نهايتها ،
فمــــــن ذا الذى يقـــــــدر عــلي ممارسة الجهادات الواجبة في وسطها ؟
حينئذ لا يقـــــــــــــــــوى أي من الخـــــائرين ،
أو المتوانين على الثبات أو التقــــدم للأمـــام .
نعم بل لا يتمكن من النظر إلــــى شيء آخر بســـبب مــا دهمه من الهـــم .
ويصعب المحتــــــــــــــــال قتاله عليهـــــــــم قليـــلًا لكي يهربوا تمــــاماً .
والأولى القول أن الله يفســـــــــــــــــــــــح له في هـــــــــــــــذا ،
ويمكنـــه مـن أن يقوى عليهـــم ولا يعاضدهم في شيء البتــة ،
لأنهم ولجــوا إلى جهاده بشــــك وبعزائــــــــم بــــــــــــــــاردة ،
وهو القائل : ملعـــــــون مـــن يعمل عمل الرب ويمنع يده عن الدم ( أر 10:48) ،
وأيضـــــاً : الرب قريب مــن خائفيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه ( مز 8:84) ،
لأن الله تبارك اســمه يأمر أن نواجه المحتال بلا جبن ، أو همـــــة بــــاردة .
إن الله يقول : الآن أبدأ بإبادة عــدوك ،
وأنهض إليــه مبـارزاً
ومقاتلاً بشـــــــجاعة ،
فسأضع خوفك عـــــلى كل أعــــــــــــدائك الــــذين تحــت السماء ( تث 25:2 ) ،
وإنــــك إن لم تمـــــــــــــت مـــــوتاً محسوساً طوعاً بــإرادتك مــن أجل محبة اللـه ،
فإنــك بغير إرادتك تمــوت مـــــوتاً روحياً عن الله الــــــــــذي هــو نصيبــــــــــــك ،
فلا تكـــــــــره بـــــــل تقبل بإرادتــــــــــك من أجله آلاماً وقتيــة فتدخــــــــــل إلــى مجـــــــــــــــده ،
لأنــــــــــــــك إن مت بالجســد فى الجهـاد من أجل الله ، فهــــــــــــــــــــــــــو بذاته يتوجـــــــــــك ،
ويكرم أعضـــــــــــــــــاءك كما كرم أعضاء الشــــــــــــهداء .
لهـــذا السبب – كمـــــــــا قـــــــــــــــــلت –
فإن المتوانين المتكاســـــلين منذ البدايــــة ،
والذيــــــــــن لا يغصبون أنفســــــــــــــــــهم ويكرهونها حتى الموت
عـــلى مباشـــــــــــــــــــــــــرة هذا الأمر ( أى الجهاد )
فإنهم يوجدون فاشــــــــلين فى كل حــــــــــــــــــــرب ،
ونقول إن الله يســــــــــــــــمح أن يضطهـــــــــــــــدوا ،
ويقاتلوا إذا لم يطلبوه مخلصين بل كمجـــــــــــــــربين ،
وحاولوا إتمام عمــــــــــــــــــل الله كهـــــــــــــــــازئين .
لقـــــــــد عرفهم المحتال منذ البداية ، وامتحــــــن اتجاه أفكــــــــــارهم ،
وعــــرف جبنهم ومحبتهم لأنفســــهم وإشـــفاقهم علي أجســـــــــادهم ،
لـــــــذلك يكون عنيفـــــاً معهـــــــــــم إذا لم يشاهد فيهم القوة الروحية ،
التي اعتاد مشاهدتها فى القديســــين فإنـــــــــــــه كالعاصفــة يطاردهم .
وإذا انصبت إرادة الإنسان بالكليــــــة نحو اللــــــه ،
محبــاً للأتعــــــــــــــــــــــــــــاب من أجــــــله ،
فهـــو يعاضده ويريه عنايتـــــه واهتمامه به ،
ولا يقــــــدر الشيطان على الدنو منــــه ولا يورد إليه تجـــارب ،
إلا إذا تواني بإرادتــه والله يســــــــمح لــه بـــــــــــــــــــــــذلك ،
أو إذا تهاون وقبـــــل أفكاراً دنســــة ، أو تكبر وتشــكك وتردد .
فمثــــــــل هــــؤلاء يطلب الشيطان أن يجــــــــــــــــــــــربهم .
أما المبتدئون الذيــن بلا خبرة فما يســـمح الله للشــــــيطان أن يجربهم مثل الكاملين الغالبين ،
لأنــــه يعرف أن الله لا يسلمهم ليده لعجـــزهم عـن احتمـال تجــــــــــــــــــــاربه ،
إلا إذا ارتكبوا عملاً من الأعمال السابق ذكرها التي تجـــلب التجــــــــــــــــــارب ،
فحينئذ تبتعد عنهم قوة العنـاية الإلهيــــــــــة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق