الميمر السادس عشر
لا تفوتك معرفة القوة الكامنة في نعمة الروح إذا استخدمتها بمعرفة وإفــــــراز ،
لأنهــــا تسبي الفكــــــــــــــر من العـــــــــــالم وتسترق ( تستعبد ) طياشة العقل .
ولا تظن أن هذا الكلام كـــلام أطفــــال ،
فالعقل المشــــــــــوش ينتفع بهــــــــا ،
لأن نشاط الروح قوي تجاه الشهوات .
العمــل فى القــلاية :
إذا كنت وحدك فى قلايتك فاهذ دائماً في المزامـــير ، والتســـــــــــــــــابيح ،
وفي ذكر الموت ورجاء الأمور العتيدة .
فبهــــذا تحفــــــــظ قلبــــــــــــك وذاتـــــــــــــك ،
إذا كنت لم تقـــتن بعــــد قــوة الإدراك التي هي
التـــأمل الحقيـــــــــــــقي والإفــــــــــــــــــراز ،
لأنــــــه بمداومة ذكــــر المـــــــــــــــــــــــــوت ،
وتأمــل الأشياء العتيدة ( فى حياة الدهر الآتى )
مـــــع اســــــــتمرار ( الالـــــــتزام ) بالأمــور
( أى متطلبـــــــات النســـــك ) الواجبـة ،
وهي الابتعـــــــــــــــاد عمـــــــــــا يثــــــــير الشـــــــــــــــــهوات ،
مــع ممارسة التحفظ في قلايتــك فإنهـــــا تعطيك حلاوة روحانية .
إذا وجدت أنه ( أى فكرك ) بهــــذا ،
وبعد كثرة التعبد قد تقدم فى الحرية .
( أى أصبح منطلقـــــــاً في التأمـــلات الســـــــمائية ) ،
فاســمح له ( أن يمــارس عبــــادته بدون قيــــــود ) ،
وإن لــــــم يكن الأمر هكذا ( أى لم يتقدم فى الحرية ) ،
فاربطــــــه بالقوانين لأنه حينئذ يتقـــــدم بســـــهولة .
وإذا فزت بهذا التغيير الذهني في سفينة القلاية المملوءة ذخائراً وكنوزاً عظيمة ،
ومملوءة من كل ربح للنشيطين ، عندئذ تغــــرس بحـــــذق فى الأولاد ( الثمار )
الذيـــــــن يفوقون كل تشبيه المولودين لك من هذا التغيير الواضح ،
وكيـــــف إن كل حلاوة روحانيـــــة تتقدمهــا ضيقات وصــــــــليب ،
وإن كل لذة خاطئة تولد فى الجسم من الراحة والنيـــــــاح .
الطهــــارة :
فى ميناء الطهارة ، ثاؤريا الروح تشفى العقل ،
وقــــــــد جعلها (الثــــاؤريا ) ســـــــبباً لـــــــه ،
ولا يمكن وجود الثانية ( ثـــــــــــــاؤريا ) من دون اقتنــاء الأولى ( الطـــــــــــــــــــــــهارة ) ،
والفضيلة الثالثــــــــــة ( الحب الالـــهي ) لا تقتنى بـــــدون التـي قبلهــــــــــــــــــــــــــــــــــا ،
لأنـــــــك تجد أن أجنحــــة العقل تنمــــــــو في بطن الطهارة التـي بها يرتفع إلى الحب الإلهي ،
الــــــذي بواسطته يحدس العقل ويتجاسر على الدنـــــــــــو مــن الســــــــــــــــــــــــــــــحابة .
وإدراك هذه الأمـــور يمنـــح الإنســـــــان قوة عظيمــــــة ،
ليمارس التحفــــــــــظ والاحــــــــــــتراس في جميع أموره .
البصيرة الروحية :
تدبـــــير بلا بصـــــــيرة يبطــــــــــــــــــــــــــل ،
لأنـــــه بسهولة يجلب الضجر بسبب الطياشة ،
فتضرع إلى سيدنا لكى تحظى فى كل تصرفاتك بالبصيرة ،
إذ أن الفرح ينبـــــــــع ابتــداء من هنـــــــــــــــــــــــــــــا ،
وحينئذ تجد أن الأحزان أحلى من العســــــــــــــــــــــــــل ،
ويحلو لك حبس القلاية كمثـــــل حجـــــــال العريــــــس .
الفضائل المحسوسة :
لا يقــــــوى أحد على الشهوات ،
إلا بفضائل محسوسة منظــورة .
أما طياشة العقل فــلا يتمكن أحد من التغلب عليها ،
إلا بملازمــــــة طلب المعرفــــــــة الروحــــــــانية .
لأن عقلنا غير مادى ، فإن لم يرتبط بفكر ما فــــــلن يكف عن الهيام والطياشة ،
وبدون إتمام الفضائل الســــــابق ذكـــــــرها لا يمكن اقتناء هذا الاحــــــــتراس ،
لأنـــــــــه إن لم يقهر الإنسان الأعـــــداء ،
لا يمكنه أن يكـــــون في ســـــــــــــــلام .
وإن لم تملك الســــــــــــلام ،
فكيف يمكن حيازة ما بداخله ( أي النعم المترتبة عــلى اقتنــــــاء الســـلام ) ؟
لأن الشهوات هى كالسياج الذي يحوط بفضائل النفس الخفيـــة ( ليخنقها )
فإن لم يسقط هذا الســــياج أولاً بواسطة الفضـــــــائل الظـــاهرة
فلن تــــــــــــــــــــــــــرى ما بداخله .
فإن من يكون خارج الحائط ( أى السياح ) لا يقدر أن يتعـــــــــامل ،
أو يتكلم مع الذين داخله .
ولا أحد ينظــــر الشمس ، والضبــــــــاب منتـــــــــــــــــــــــــشر ،
كـــذلك لا فضيلة للنفــــس مادام اضطراب الشـهوات قـــائم بعــد .
طــلب إرادة الروح :
تضــــــرع إلى الله أن يجـــود عليك بالإحساس بإرادة الروح والاشــــتياق إليـــــه ،
لأنهما متى وفدا إلى نفســـــــــــك حينئـذ يبتعد العـالم عنـك وأنت تنفصـــل عنـــه ،
وهـــــذه الأمــور لا يمكن إدراكها من غـــــير الســـــــــكون والنســـك والقــــراءة ،
وبدونهـــــــــــا لا تطــــــــلب تلك ( أى الاحساس بإرادة الروح ) ،
لأنــــــــــــــــــك إن طلبتهـــــــــا بدونهــــــــا فهـــــي بعد قليــل تصـبح جســدانية .
ومن يستطيع أن يفهم فليفهم ، لآن الله رأى بحكمته أن يكون هذا الخبر بعــرق ،
ولم يقرر ذلك على سبيل الشر ، بل خوفــــــــــــــاً من أن يكون عســر الهضـــــم ،
ويســـبب لنا الضرر فنموت .
فكــــــــل فضيلة من الفضائل هى أم للثانيــــــــــــــــة ،
فــــــــإن أنت تركـــــــــــــــــــت الأم والدة الفضـــــائل ،
ومضيت تلتمس البنــــــــــــات قبــــل حصولك على الأم ،
تكــــون تلك ( الفضـــــــــائل ) أفاعي للنفـــــــــــــــــس ،
إن لــم تلقهــــــــا عنــــــــــــك عاجلاً وســـــــــــــــريعاً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق