الميمر الثالث ( 5 )
مــلكوت الله :
يشــــير المخلص بقوله :" منازل كثيرة عند أبى "
إلى قدر منزلة ضمـــــائر المعينيــــــــــــــــن لتــــلك البلـــــــدة ( أي الملكـــــــــوت )
أعــني تعدد العطــــــايا والدرجات الروحانية التـــــي بحسبها يتنعمــــــــــــــــــــــــون ،
أي أنه يشير إلى اختلاف درجات المواهب ، لا إلـــى اختلاف المواضع المعدة للسكنى ،
فكل واحــــــــد يتنعــــــــم بالشمـــــــــــــس بقـــــدر قـــــوة إبصـــــــــــــــــــــــــــاره ،
وبقـــدر ما يســــمح باطــن عينيــــــــــه ،
مــــــن اخــــــــــتراق نــــور الشــــــمس .
وكما فى البيت الواحد عندما يضئ مصبــاح فـــــإن قوته تكـــون عنـد واحد بخلاف الآخر ،
رغم أن الشـــــــــعاع لا يتغــــــــــــقـــــــــير ولا يختلف منظره عما يصدر من منبعــه .
هكذا الأبرار والصديقون فى الدهر الآتى :
يكونون فى مكــــــان واحــد غـــــــــــــــــــــــير مقسم إلى مواضع ،
والكــل يســــــــــتنير مـــــن شـــــــــــــــــــمس روحيـــة واحـــدة ،
حسبما يســــــــتحقه بقـــدر جهاده الذى يجذب له المسرة والتنعم .
( ورغم اختلاف تمتع الواحد عن الآخر
إلا أنهم يتنعمــــــــــــــــــــــــــــــــــون )
من هواء واحد ، ومكان واحـــد ،
ومجلس واحــد ، وشكل واحــــد .
ولا ينظر أحد منزلة من هو أعــــلى منه أو دونـــــــــــــــــــــــــــــه ،
لئلا يتعرض من قبل ذلك للحزن والكآبة إذ قاس نقصه بكمال غيره .
كلا إنه لن يكون مثل هذا ، حيث لا يوجد حــــــزن ولا تنهــــــــــــــد ،
بل كل واحد يســـــــر في داخله بالنعمة المفاضــة عليه جزاء عمله .
فالكل لهــــــــم منظــــر واحـــد من خـــــــارج .
والمكان واحد عــــــــــــــــــلى غرار مسكن الملائكة القديسين :
موضع واحد منظور ، وضــع واحد متســـــــــــــــــــــــــــــاو ،
ولكن تعدد درجاتهم الروحانية هــو أمــــــــــــــــر مخـــــــــفى .
وهو بقدر ما يستعلن لهم الثاؤريا ، أى رؤية أعمال الأقانيم الأزلية
( تلك الرؤية التي يدركونها )
بالضــــــــمائر ( أى باطنيـــــــــاً ) أى ليس خــــارجاً عــن العقـــل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق