الاثنين، 17 يوليو 2017

الاتضــــــاع ـ ميامر مار اسحق ( الميمر السابع ) الجزء الثالث

الميمر السابع ( 5 )

الاتضــــــاع :
              صــــديق لا يعرف ضـــــــعفه ، لهو فى خطـــــر ، وليس بعيداً عن السقوط ،
             ولا عـــن الأســــــــد المفترس أى شــــــــــيطان الاعجــــــــــــاب ( بالنفس ) .
             وأيضاً من لا يعرف ضـــــــعفه أعوزه الاتضاع ،
                    ومن أعــــــــــــوزه ذلك ، فقـــد الكمـــال ،
                    ومن خلا من الكمـال فهو خائف دائمـــــاً .


لأن العـــــــدو كامــن له في الطــــــــــريق في أى وقــــــــــــت ،
لأن مدينتـــــــــــــــــــــه لم تؤســـــــــــس على عمــــد حديديــة .
ولا على أعتاب نحاسية هذه التي تشــــــير إلى الاتضــــــــــــاع .


لا يقدر أحـــــــــــــــــد على إقتناء الاتضاع من دون مســـبباته
التي بها ينسحق القلب على الـــــــــــــدوام ،
     وتهدم أفكـــــــــــار  و  أوهام العظمـة ،
     تلك العـــــــــــــــلة التي  -غالبـــــــــــاً -
ما يجد فيها العدو السبيل لانحراف الإنسان .


بدون الاتضــاع لا يكمل عمل الإنســـــــــــــــــــــان ،
                    ولا يختم كتاب حريته بخاتم الروح  ،
                   لا بل هو للآن عبــــــــــــــــــــــــــــد ،
                   وعمله مشــــــــــوب بالخـــــــــــوف ،
                    لأن عمــــل المرء لا يثــــــــــــــبت ،
                    إذا خــــــــــــــــلا من الاتضـــــــاع .


لا يقتــــــنى الأدب والحكمة بدون المحبـة .
ومن دون الحكمة لا يوجـــــــــــد الاتضاع .


لهذا السبب يطلق الــــــــــرب على القديســــــــين ،
مسببات الاتضاع وانســـــــــــحاق القـــــــــــــلب ،
                     والصلاة الحزينة التي بلا طياشة .


وكثيراً ما يفزعهم بألـــــم الطبيعــــة ، وبالأفكــــــــــــــار النجسة الدنســـــــــــــــــــــــة ،
وبشتائم واستهزاء الناس وتصلفهم ، وتارة بأمـــــراض وأوجاع جســـــــــــــــــــــمانية ،
                                               وتارة بفقـــــــــــر وعــــوز للحاجــــة الضــرورية ،
ومن المعتاد أيضـــــاً أن يخيفهم بالمشقات الصـــــــــعبة والتخـلي عنهـــــــــــــــــــــــــــم ،
                          وبتجارب الشــــيطان الظــــــــاهرة وأحيــاناً بأهوال  أخـــرى مختلفة ،
                          كل منهــا أشـــــــــــــــــــــــــــــــــــد مــــــن الأخــــــــــــــــــــــــــرى .


كل هذه يوردها عليهم ليظفروا بما يـــؤدي بهـــــــــــــــم إلــــــــى الاتضـــــــــــــــــــــــاع ،
                                      ولئلا يصيبهــــــــــــــــــــم الكســل والتــــــــــــــــــــــــواني ،


 أو لأجل  ( تنبيههـــــم ) لإنحـــــــــرافات في تصـرفاتهم ،
 أو لأجل ( تشجيعهم ) إزاء فكر الخوف من المســتقبل .


فالتجارب إذاً بحكم الضرورة نافعــة للإنسان .
             ولســـــت أقول أنه ينبغى للإنسان ،
             ان يتهاون أمام الرذائـــل بإرادتـه ،
            حتى يكون ذكرها ســـبباً للاتضـاع ،


ولا لكــــى يحــرص  على الدخــــــــــــول فى تجارب أخرى ،
بل أقول إن الخليق به صنع الخير والتيقظ فى كــــــل وقت ،
ويتذكر أنه مخلوق متقــــلب ســــــــــريع الـــــــــــــــــزلل .


فكل مخلــوق مفتــــقر إلـــى قوة الله ناصره ومســـــــــــاعده .
وكل فقـــــــــــــــــــــير إلـــى معونة غيره هو ضعيف بطبيعته ،
وكل من عـرف ضــعفه فإنـه  يتواضع بالضــــــــــــــــــــــرورة
                            لينـال بغيته من القادر على إعطـــــائه  ،
ولو عرف من البدايـة وأدرك ارتداده لمـــــــا كان قد تكاســـل ،
ولو لم يتكاسل لما كان رقــد ، فأسلم إلى يدى محزنيه لينهبوه .
والآن :
ينبغى على السالك فى طريق الله أن يشكره عند كل تجربة تأتى عليــه ،
                        ويلوم نفسه ويذمهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا .


ويعلـم أنــــــه : إما أهمــــــــــــــــــــــــــــــل
                     وتوانــــــــــــــــــــــــــــــى ،
فنبهه المجرب بأمر المــــــــــــدبر ( أى الله ) ،
أو أنه تعظــــــم وتصلـــــــف حتى يســـــــــتيقظ ويتوب ويلــــــــوم ذاته ،
وعليه ألا يقلق لئلا يتضاعف عليه الشــــــــــر إذا ما زكــى نفســـــــــــه ،
وليعــــــــــــــلم أن اللــــــــــه يفيض عــــدلاً ، ولا جـــــور عنـــــــــــــده ،
وحاشـــــــــــــا أن يكــــــــون ذلك ممــــــــــــن هو ينبوع البر والتحـــنن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق