الميمر السابع ( 5 )
الاتضــــــاع :
صــــديق لا يعرف ضـــــــعفه ، لهو فى خطـــــر ، وليس بعيداً عن السقوط ،
ولا عـــن الأســــــــد المفترس أى شــــــــــيطان الاعجــــــــــــاب ( بالنفس ) .
وأيضاً من لا يعرف ضـــــــعفه أعوزه الاتضاع ،
ومن أعــــــــــــوزه ذلك ، فقـــد الكمـــال ،
ومن خلا من الكمـال فهو خائف دائمـــــاً .
لأن العـــــــدو كامــن له في الطــــــــــريق في أى وقــــــــــــت ،
لأن مدينتـــــــــــــــــــــه لم تؤســـــــــــس على عمــــد حديديــة .
ولا على أعتاب نحاسية هذه التي تشــــــير إلى الاتضــــــــــــاع .
لا يقدر أحـــــــــــــــــد على إقتناء الاتضاع من دون مســـبباته
التي بها ينسحق القلب على الـــــــــــــدوام ،
وتهدم أفكـــــــــــار و أوهام العظمـة ،
تلك العـــــــــــــــلة التي -غالبـــــــــــاً -
ما يجد فيها العدو السبيل لانحراف الإنسان .
بدون الاتضــاع لا يكمل عمل الإنســـــــــــــــــــــان ،
ولا يختم كتاب حريته بخاتم الروح ،
لا بل هو للآن عبــــــــــــــــــــــــــــد ،
وعمله مشــــــــــوب بالخـــــــــــوف ،
لأن عمــــل المرء لا يثــــــــــــــبت ،
إذا خــــــــــــــــلا من الاتضـــــــاع .
لا يقتــــــنى الأدب والحكمة بدون المحبـة .
ومن دون الحكمة لا يوجـــــــــــد الاتضاع .
لهذا السبب يطلق الــــــــــرب على القديســــــــين ،
مسببات الاتضاع وانســـــــــــحاق القـــــــــــــلب ،
والصلاة الحزينة التي بلا طياشة .
وكثيراً ما يفزعهم بألـــــم الطبيعــــة ، وبالأفكــــــــــــــار النجسة الدنســـــــــــــــــــــــة ،
وبشتائم واستهزاء الناس وتصلفهم ، وتارة بأمـــــراض وأوجاع جســـــــــــــــــــــمانية ،
وتارة بفقـــــــــــر وعــــوز للحاجــــة الضــرورية ،
ومن المعتاد أيضـــــاً أن يخيفهم بالمشقات الصـــــــــعبة والتخـلي عنهـــــــــــــــــــــــــــم ،
وبتجارب الشــــيطان الظــــــــاهرة وأحيــاناً بأهوال أخـــرى مختلفة ،
كل منهــا أشـــــــــــــــــــــــــــــــــــد مــــــن الأخــــــــــــــــــــــــــرى .
كل هذه يوردها عليهم ليظفروا بما يـــؤدي بهـــــــــــــــم إلــــــــى الاتضـــــــــــــــــــــــاع ،
ولئلا يصيبهــــــــــــــــــــم الكســل والتــــــــــــــــــــــــواني ،
أو لأجل ( تنبيههـــــم ) لإنحـــــــــرافات في تصـرفاتهم ،
أو لأجل ( تشجيعهم ) إزاء فكر الخوف من المســتقبل .
فالتجارب إذاً بحكم الضرورة نافعــة للإنسان .
ولســـــت أقول أنه ينبغى للإنسان ،
ان يتهاون أمام الرذائـــل بإرادتـه ،
حتى يكون ذكرها ســـبباً للاتضـاع ،
ولا لكــــى يحــرص على الدخــــــــــــول فى تجارب أخرى ،
بل أقول إن الخليق به صنع الخير والتيقظ فى كــــــل وقت ،
ويتذكر أنه مخلوق متقــــلب ســــــــــريع الـــــــــــــــــزلل .
فكل مخلــوق مفتــــقر إلـــى قوة الله ناصره ومســـــــــــاعده .
وكل فقـــــــــــــــــــــير إلـــى معونة غيره هو ضعيف بطبيعته ،
وكل من عـرف ضــعفه فإنـه يتواضع بالضــــــــــــــــــــــرورة
لينـال بغيته من القادر على إعطـــــائه ،
ولو عرف من البدايـة وأدرك ارتداده لمـــــــا كان قد تكاســـل ،
ولو لم يتكاسل لما كان رقــد ، فأسلم إلى يدى محزنيه لينهبوه .
والآن :
ينبغى على السالك فى طريق الله أن يشكره عند كل تجربة تأتى عليــه ،
ويلوم نفسه ويذمهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا .
ويعلـم أنــــــه : إما أهمــــــــــــــــــــــــــــــل
وتوانــــــــــــــــــــــــــــــى ،
فنبهه المجرب بأمر المــــــــــــدبر ( أى الله ) ،
أو أنه تعظــــــم وتصلـــــــف حتى يســـــــــتيقظ ويتوب ويلــــــــوم ذاته ،
وعليه ألا يقلق لئلا يتضاعف عليه الشــــــــــر إذا ما زكــى نفســـــــــــه ،
وليعــــــــــــــلم أن اللــــــــــه يفيض عــــدلاً ، ولا جـــــور عنـــــــــــــده ،
وحاشـــــــــــــا أن يكــــــــون ذلك ممــــــــــــن هو ينبوع البر والتحـــنن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق