الميمر الثالث
مشورة نافعة فى سيرة معرفة الحق ( 1 )
ــ الإنسان الذي يغصب ذاته ليكون تدبيره بمقتضى حكم الضمــــير ، لــن يترك خطيــــة بلا توبـــــــــــــة .
ــ الــــــــــــذي ( ضـــــميره ) يهـــــذى دائمــــــــــــاً بالصالحـــــات فإنه لا ينظـــر إلى نقـائص قريبـــــه .
ــ الــــــــــــذي يعود لسانه أن يقول الصالحات على الأخيــــار والأشــــرار ، سريعاً ما يملك السلام على قلبه .
ــ الــــــــــــذي بالشفقة بسط مراحمه بلا تمييز على الصالحين والأشـــرار ، قــــــــد تشــــــــــــــــبه باللــــه .
ــ الــــــــــــذي يبغض صـــــورة الله ( أى النـــاس ) لا يكون محبــــــــــوباً مــــــن اللـــــــــــــــــــــه .
ــ الــــــــــــذي يغلب دائمـــــــاً ميــــــول مشيئتـــه ، فهـــــو مجاهد نشيط ، والنعمة تعمل فيه بزيادة .
ــ الــــــــــــذي يغصب ذاته دائمــــاً ويغير ضــــعف طبـــاعه إلى حســـــــــــنات ،
فهذا قد ربط ذاتـــه بأعمال التحفظ ، وإكليـــل مضاعف محفوظ له .
ــ الإنسان الذي يلام من نيته مرات متعددة ، ولكنه لا يقوم عاداته ،
ترتفـــع عنه النعمة ويترك فى التجــــارب ويشـقى .
ــ الــــــــــــذي يجـــذب هواه إلى ناحية اليمين ( أى الطريق الصحيح ) ويغلب طباعه فهذا لا يغلب أبداً .
ــ الــــــــــــذي يطـــــــــــــلب نية صالحة قبـل أن يتألم قلبـه ( بالتــوبة ) ويتضــــع ،
فهــــــــــــــذا لا فرق بينه وبين من يطلب من الشــــــوك عنبــــــــاً ،
ومن القرطـــــــــــــــــــب تينـــــــــــاً .
ــ الــــــــــــذي استحـــــــق موهبــة الإفـــــــراز فشــــــــــعر بأن الســـــماء والأرض وكل ما فيهمـــــــــا ،
وأيضــــــــاً ملكوت الله وملائكته المختارين ، كــل هـــــذه ملتزمة بما حـــــدده لهــا ( الله ) ،
وبهـــــــــذه المعرفــــــة بـــــــدأ يتجــــــــدد ، فـإن غصب ذاته بحفـــــظ واجبات الســــكون ،
فإنه يتحرر من الطياشة ، ويؤهل لعمل الروح .
ــ الـــــــــــذي يد الكل عليــــــه ويـــــــــده على الكـــــــــل ، فإنــــه لا يجد فرصــة للراحة ،
لأنــــه لا يمكن أن يكون مع واحد ( أي الله ) لكونـــه مع كثـــــــــــــــــيرين .
ــ الـــــــــــذي من أجــــل أن يكون له صيتاً حسناً فى رياء متظــــاهر بالحـــــــــــــــــــــب ،
يتقلب مع الضمائر تمشـــــياً مع رغباتهم ، فهـــــذا فاســـــــــــــــــــــــــق .
ــ لأن الــــــــذى ينشـــغل بأشــــياء كثـــــيرة لا يمكنه أن يتفاوض مع الواحـــــــــــــــــــد .
ــ المتوحد الذي أحس بالراحة التي مـــن تحـــــــــــقير الــــذات ،
لهو أفضـــل من الذي ينال كرامة تاج المملكة .
ــ المتوحد الذي ضـــــــــــــرب بشهوة حب المديح والكرامة من الناس ، ليس لجرحه شفاء ،
حتى إن كان بأعمــــــــــــــــال ســـــــيرته يقوم كثـــــــــيرين ،
إلا أنــــــــــــه فى العـــــالم المزمـــع ( أي الدهــــــر الآتــــي )
تكون تدابير سيرته مبكتة له فى عذاب الجحيم .
ــ الذي هــــــو حريص على إراحــة كثـــيرين فهـــــــــــــــــــــــذا غير ممكن له فى السكون ،
لأن الـــــــــــــذى يريد إن يكون محباً للسجس ومحباً للسكون ،
فإنــــــــــــــــــــه إن داوم فى السكون لــــــن يرضــي الكثيرين .
ــ المتوحد الذي لا يحتمــل التعيير والخسائر والتـــــــــــــــــــذمر والاســتهزاء والاحتقار ،
والضيق مع جميع التجــارب ، وذلك من أجل الســـكون ،
فإنـــــــــــــــــــه لا يمكنه التخلص من الشــكوك والمفاوضات ( أي حروب الفكر )
التي تــــــأتى عليــــــــــــــه ، ولا يقـدر أن يهــــدأ فى الســكون .
ــ الــــــــــــذي فى كل وقت طرق سيرته منحـــلة وضميره بعيداً عن الله ،
وغير منسحق القلب وحــــــــــــــــــزين بالله ،
فإنـــــــــــه لا يتحرر من الطياشة .
ــ الــــــــــــذي لا ينشق قلبه بالحصرة والتنهد ،
فهو خال من صلاة الدمـــــوع .
ــ الـــذي هــــو عديم القراءة هو ســـائر فى التيـــــــــه لأنه إذا أخطـأ لا يحــــس .
ــ الــــــــــــذي يمزج قراءته بالتــــدابير والصـــــــــــلاة والتحفـــــــــــــــــــــــظ ،
والهذيذ بالفضائل يتحرر من الطياشــة .
ــ الــــــــــــذي ضل أو زل عــــــن الحـــــق أو تهـــــاون و انحـــــل وأخطــــــــــأ ،
هذا إذا عرف سبب مرضه ( أى سقوطه ) فإنه بسهولة يشفى بالتوبة .
ــ الــــــــــــذي عــــلى الــــــــــدوام يقــــــــــــرع ، فسـيفتح لـــــــه ،
حتى وإن تأخرت الإستجابة من أجل أن يكون حكيماً .
ــ الــــــــــــذي يتســـــول دائمـــــــــاً بجــــــــــرأة ، فإنــــه قــــد يأخـــــذ ســــــريعاً ،
لكن لأجل ما يسبب من الإضطراب وعدم التأديب فإنه مراراً لا يأخذ .
ــ الــــــــــــذي يصــــوم فمــــه عن الطعـــــــــــــام ،
ولا يصوم قلبــــه عن الغضب والحقـد ،
ولسانه عن الأباطيــــــــــل ،
فصومه باطــــل هـــــــــــــــــــو ، لأن :
صــــوم اللسان أفضل من صوم الفــــــم ،
وصـــــوم القـلب والفكر أفضل من الاثنين .
ــ قوت الجسد المأكولات – وغذاء النفس الكلام والحكايات ،
وكمــــــا أن الشره للمــأكولات هو رغبة الجســــــــــــــــد ،
هكـــــــــــــذا الســـــــــــــــكوت هو ثمرة الحكمــــــة الآتية .
ــ الــــــــــــذي يزيل من ضميره هفوات قريبه ، يزرع السلام فى قلبه ،
والموضع ( أى القلب ) الذى ليس فيه طـــعن للقــــــريب لا يتحرك فيه الغضب .
ــ المتوحد الذي أهل لطفولية المعرفة ( بالعالميات ) ، وعقــله ترك عنــه الاهتمـــام بالكــلام ،
ونهض فيه صمــت الســــــر الجديـــد .
فهــــذا قد اســــتحق بالحقيقــــــة أن يرتـــــــــل مـــــــــع الملائكـــة خفيــــة .
ــ البحر الهادئ الساكن ليس لحسنه حد ، وبحر الضمير الهادئ السليم ليـس لشـــــرفه حـــد .
- الانقطـــاع عن الكـل هو بداية البســـــــــــــاطة ،
وحد البســاطة هو بداية النقــــــــــــــــاوة ، وحد النقـــــــــــــاوة هو بداية الحــــــــــــــرية ،
وحد الحـــرية هو بداية الدالة فى الصلاة ، وحد الدالة فى الصلاة هو بداية الاتحاد بالمسيح .
ــ المتوحد الذي لا يزجــر الذكـــــــر أو الفكـــر الذي يصـــــــــــــــــعد إلى قلبـه ويســــكته ،
بل يقبله وهو مطمئن ويتفاوض ويتجاوب معه بفرح ، ويخرج فى طـلبـــه ،
فهــــــــذا يكـــون في داخـــــله ســــــوق عظيـــــــم ، ومتاجـــر كـــــثيـرة ،
فيبيعون ويشـــــترون سم الموت حينــــــــــــــــــــــاً ،
وفي حـــين آخــــــر دواء الحيـــــــــــــاة ،
فــــــإن تفاوض مع هذه الأفكــــار ولم ينتهرهـــــــــــا ،
فآخرته هلاك من الحق العتيــــد ( أى يـــوم يديـــن الله المسـكونة بالعـدل ) .
ــ المتوحـــــــد الذي يفطن إلى أن الكلمة التي تنطق بها النفس تتولد من الأفكار الداخلية ،
فهذه الأفكــــار بعد أن تكدر النقـــاوة فعنــد ذلك تظـهر كلمــة منطـوقة ،
ومن يعــد ذاته بســـكون الضــمير الذي منـــه يولـــــــد الصمت البســيط ،
فإنــــــــــــــــه يسـد مســـمعه عن صـــــــوت الكــــــلام وكـــثرة الأفكــار ،
لكــــــــــــــــي لا يكون منها تجارة ( أى ســـــــوق ) للأحاديث والشكوك ،
تلك التي يتولد منها الحقد والغضب والحنق والكآبــة التي تخنق النفـــس .
وأيضــــــــــــاً فحتى وهو في السكون ( أى منفرد ) ،
فليفـــــــر مـن الذكــــــريات والأفكـــــــار ويســـــــتعين بصـــــــمت الضـــمير البســـــــيط ،
الــــــــذي هــو صلب العقل والاتحاد مع يسوع الذى هو السر الجديد وثمرة الحكمة العتيدة .
ــ إن كل شجرة تعـــرف من ثمــــارهــا حســـب الكلمـــة الســــيدية ( مت 12 : 33 ) ،
هكذا كل حكمـة أو كلام منهـــــا يعرف الأعمال التي بها تفلح التدابير .
ــ كما أنــــــه إن لم يلبــس الإنسان ثياباً مستعارة لتغـــــطى جســـــــــده ،
فإنـــــه يفتضح وتظهر عيوب جسده ويهزأ به ناظــريه ،
كذلك النفس إن لم تلبـــس زياً ( روحانياً ) لكلامهــــا تظهــــر فضيحتهـــا ،
وتحتقر ( ربما يقصد أن هذا يحـدث فى اليوم الأخــير ) .
ــ الـــــــــــــــــــــــــــــــذي وجـــــد علمـاً ( روحيـاً ) بلا تديــب ( أي بلا اختيـــــــــــــــار )
فهو لا يختلف عن الذى وجـــــد بغتـــة ذخــــيرة ليســـــت له ( أى لم يقتنيها بتعبـــــه ) ،
وبهــذه الذخيرة أهــــــلك حيـــــــاته ( لأنه ينفقهـا باســـتهتار ) .
ــ البسـيط الحكيم باللــــــــه ،
أخير من العـالم الغـــاش بضـميره .
ــ المهتم بالأعمال ينبغى أن يتكلم إذا كان صمته يسبب ضرراً لكثيرين ،
والعــــــــــــارف ينبغى أن يتكلم إذا كان كلامه يبني وينفـــع الكثيرين .
ــ الــــــــــــذي يأكل حتى يشــــــبع وينــــــــــام كثــــــــــــيراً هـــو ينبـــوع الآلام ( أى الشهوات )
لأن أتون البطن إذا أشعل بأطعمة زائدة دسمة ، فإنه يتسع ويطــلب ويتلهف للأكثر .
ــ الــــــــــــذي قمـــع واستعبد بطنــــــه ولســـانه أخير من الذى اســـــــتعبد الأســـد .
ــ الــــــــــــذي قمـــع الكلمــــــــة فى قلبــــــــــــه خير ممن طمـــر كنزه فى الأرض .
ــ الــــــــــــذي يفشى السر هو ابن جهنم ، فمن لا يحفظ سر قلبــــــــــــــــــــــــه ،
لا يمكنه أن يحفظ وديعة الروح .
ــ الإنســـــــان الخـــالى من الصــــــــــــــــــــلاح ويجادل دائمــــــاً على الفضــــــــــائل ،
لا يتميز عن الأعمى المظلم العين ويجادل على حسن النصوص الكريمة والألوان الكثيرة .
ــ الــــــــــــذي لا يفرح بالضيقات التي تواجهه من قبل التدبير ( الإلهى ) ،
فإنه يضل عن مراحم الله العــــــــادلة .
ــ الــــــــــــذي يماحـــــك ( أى يتذمر ) مقابل التأديب ،
يبعد عنه المراحـــــــم الإلهيـــــــــــة .
ــ الــــــــــــذي لا يتأدب هنـا ويضغط بالتجــــارب ، فإنه يتعذب هناك بلا رحمة ،
والــــــــــذي يصبر بفــرح وشكر على التجارب ، فإنه يجد ثمار الروح داخله .
ــ الـــــــــــذي وجـد عزاء الروح داخله ودالة وقت الصلاة ،
فقــد عتــــــــــــق الســـــــــبى .
ــ الــــــــــــذي يهـذ ضميره بكلام الله حـــــــــتى إذا كان فى الخارج ( أى خارج القلاية ) ،
فقـد ربط نفسه بعمـل متضاعف ، والنعمــــة تعمــــل فيـــــــــــــــــــــــــه .
ــ الــــــــــــذي عود نفسه أن يكــــون محترســـاً داخليــــــــاً وخارجيــــــــــــاً ،
فهـــــــــذا جهــــــــاده عظيـــــم وإن صــــمد فى الســـــــكون ،
فإنه يتقــدم إلى الأمــــــــــام .
ــ الــــــــــــذي داخـــله يتعمـــــــــق فى الســـــكون ويحـــاول دائمـــــــــــــــــاً ،
ليكون فى مفاوضة إنسانه الداخلي فإنه يعتــق من الطياشــــة .
ــ الــــــــــــذي وهــــــو فـــــــــــى داخل الســـكون ويشتت ضميره خارجاً عنه أي عـــن نفســـــــــــــــــــــــــه ،
ويرعى ( أى الفكر ) فى صــــــــلاح وشر الآخــــــــــــــــــرين ، فإن عمله فى السكون باطل هو .
ــ الـــــــــــذي يبتعـــــد عـــــــــــن تبادل الكـــــلام ونظر الوجوه زماناً طويلاً ، تنزع منه الذكريـــــــات القديمــة .
ــ المتوحــــــد إذا كان مرتبــــــط بشخص واحــــد أو بكثيرين لابد أن يتحرك ( بمشاعره ) معهـــــم ،
بالحزن وبالفرح ( حسب أحوالهم ) ، مثل أغصان الشجرة التى تتحرك مع بعضــــها ،
وهــــــــــــــــــذا ( المتوحـــــــــد ) لا يتقدم إلى الأمام نحو الله .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
| ميمر 3 |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق