الخميس، 28 مارس 2013

التواضع هو الله ـ ميامر مار اسحق ( الميمر 24 ) ـ الجزء الثانى




 الميمر الرابع والعشرون ( 1 )
عظم منزلة الاتضاع
و إرتفاع درجته عند الله 



التواضع هو الله :
                         أريد يا أخوتي أن أفتح فمي و أتكلم مخبراً عن الاتضاع الشريف ،
                        و لكني خائـف كمثـــــل مـــن يـــريـــــــــــد أن يتكلـــم عن الله ،
                         لأن التواضـــع هو حلة اللاهوتالتي  لبســـها الكلمــــة الأزلي
                         عندما تجسد ، وتكلم معنا بواسطة الجســـد الذي أخذه منــا .

وكل مـــن يرتديهــــــــا فقـــد تشـــــبه حقــــــــاً بالـــذي نــزل عـــن ارتفـــــاعه
وأخفي شعاع عظمته وحجب شرف مجده حتى لا تُفني الخليقـــــة بمنظـــــره .

لأن الخليقة
   ليس لها القــــــدرة على النظر إليه إن لم يكن له ذلك الشيء الذي أخذه (أي الجسد) 
   و به تكلـــــم معنـا ،لأننا لا نقدر أن نسمع فمــه (إذا تكلم معنا ) وجهـــــاً لوجـــــه ،
   هذا الذي لم يقدر بني إسرائيل أن يســمعوا صوته عندمــا تكلم معهـم من الغمـام ،
   فكيـــــــــــــــــــف تستطيع الخليقة الآن أن تحتمل نظره ،

فلذلك قالوا لموسي :
          هو يتكلم معك و أنت تسمعنا ألفاظه ،ولا يتكلم هو معنا لئلا نموت ( خر 20 : 19 ) ،
          و كان هذا المنظر مخوفـــاً جــداً ،حــتى إن الذي كــــان وســــيطاً ( أي موسي )
          قال إني خائف ومرتجف ( عب 12 : 21 ) ،
لأنـــــه لما ظهر شعاع مجده علي طور سيناء كان كله يدخن ،
          و تزلزل بسـبب اســــــــتعلام ظهـــــوره عليــــــــــه ،
حتى إن الوحوش لما دنت من أطــراف الجبــل كانت تُنفـــق ،

 و بأمر موسي أستعد جميــع بنــي إسرائيل و طهر كل واحد منه نفسه ثلاثة أيام
                   لكي يؤهل لسماع كلام اللـــه و لنظــــــــــــــــــــر اســـــــــــتعلانه ،

ولما حان الوقت ما اســتطاعوا أن يحتمــلوا نظـر نوره و سماع شــدة صــوت رعده . 
و الآن أفـــــاض إنعامه علي العالم بمجيئه بلا صوت و لا نار و لا صراخ شديد مرعب 
                     بل نزل كالمطــــر على جــــــزة الحمــــــلان ،( مز 71 قبطي 72 : 6 )  
                    و كالنـــدى المنحــــدر بهـــدوء عـــلى الأرض ،
لأنـــــــــــه أراد أن يتكلــم بـــــزي أخــــر إي أخفي عظمته بحجــــاب الجســــــد ،
                     الذي نســجه خفيـــــــة في بطـن العــذراء و الـــدة الإله مريــــــم
 لكي منا و بنا  يتكلم معنا ،حتى إذا رأينا أن المتكلم معنا من جنسنا لا نرتعب من رؤيته ،

و لأجل هـــذه فكــل من يرتدي هذه الحُــــلة ( أي التواضــع )
                  التي بها ظهر خالقنا بالجسد الذي لبسه فهـو 
                   يلبـــــس المســــيح ،
لأنه على شبهه الذي ظهــر به لخليقتــه وتصــرف به معهــم .

 لقد اشتهي أن يلبس هذا على إنسانه الداخلي و به يظهر لرفاقه ،
                 و عوض لبُاس الكرامة و المجد الظاهري تزين بالاتضاع ،

لهـــذا فكــل من تنظره الخليقة ــ سواء الصامتة أو الناطقة ــ لابساً هذا الشبه
                 فإنهم يسجدون له كمثل الرب .

و ذلك لأجل كرامة سيدهم ،
                            لأنهم نظـــروه قد لبس هذا و تصرف به في العـالم .
                           أي من الخليقة الذي لا يستحي من نظر المتواضع !؟ .
                           إلي الوقت الذي ظهر فيه مجد التواضـــع الممـلوء من القداســــة ،
                           كان محتقراً من كل أحد ، و الآن لما ظهرت عظمته أمام العالم كله ،

فكـــــــل أحــــــــد يوقر و يكــرم هذا الشــبه في أي موضـــــع ينظـــــــــــــــــره ،
لأن بهذه الواسطة اســـتحقت الخليقـــــــة أن تعاين منظــــــر خالقهــــــــــــــا ،
ومن أجل هذا أيضاً  ، فهــــــــــــو ليــــــــــــــــــــس مرذولاً و لا من أعداء الحق ،
و لو كــان لابســــه أحقــــــــر كـــــــــــل النــــــاس .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق