التواضع هو الله :
أريد يا أخوتي أن أفتح فمي و أتكلم مخبراً عن الاتضاع الشريف ،
و لكني خائـف كمثـــــل مـــن يـــريـــــــــــد أن يتكلـــم عن الله ،
لأن التواضـــع هو حلة اللاهوتالتي لبســـها الكلمــــة الأزلي
عندما تجسد ، وتكلم معنا بواسطة الجســـد الذي أخذه منــا .
وكل مـــن يرتديهــــــــا فقـــد تشـــــبه حقــــــــاً بالـــذي نــزل عـــن
ارتفـــــاعه
وأخفي شعاع عظمته وحجب شرف مجده حتى لا تُفني الخليقـــــة بمنظـــــره .
لأن الخليقة
ليس لها القــــــدرة على النظر إليه إن لم يكن له ذلك الشيء الذي أخذه (أي الجسد)
ليس لها القــــــدرة على النظر إليه إن لم يكن له ذلك الشيء
و به تكلـــــم معنـا ، لأننا لا نقدر أن نسمع فمــه (إذا تكلم معنا ) وجهـــــاً لوجـــــه ،
هذا الذي لم يقدر بني إسرائيل أن يســمعوا صوته عندمــا تكلم معهـم من الغمـام ،
فكيـــــــــــــــــــف تستطيع الخليقة الآن أن تحتمل نظره ،
فلذلك قالوا لموسي :
هو يتكلم معك و أنت تسمعنا ألفاظه ، ولا يتكلم هو معنا لئلا نموت ( خر 20 : 19 ) ،
و كان هذا المنظر مخوفـــاً جــداً ، حــتى إن الذي كــــان وســــيطاً ( أي موسي )
قال إني خائف ومرتجف ( عب 12 : 21 ) ،
لأنـــــه لما ظهر شعاع مجده علي طور سيناء كان كله يدخن ،
و تزلزل بسـبب اســــــــتعلام ظهـــــوره عليــــــــــه ،
حتى إن الوحوش لما دنت من أطــراف الجبــل كانت تُنفـــق ،
و بأمر موسي أستعد
جميــع بنــي إسرائيل و طهر كل واحد منه نفسه ثلاثة أيام
لكي يؤهل لسماع كلام اللـــه و لنظــــــــــــــــــــر اســـــــــــتعلانه ،
ولما حان الوقت ما اســتطاعوا أن يحتمــلوا نظـر نوره و سماع شــدة صــوت رعده .
و الآن أفـــــاض إنعامه علي العالم بمجيئه بلا صوت و لا نار و لا صراخ شديد مرعب
بل نزل كالمطــــر على جــــــزة الحمــــــلان ،( مز 71 قبطي 72 : 6 )
و كالنـــدى المنحــــدر بهـــدوء عـــلى
الأرض ،
لأنـــــــــــه أراد أن يتكلــم بـــــزي أخــــر إي أخفي عظمته بحجــــاب الجســــــد ،
الذي نســجه خفيـــــــة في بطـن العــذراء و الـــدة الإله مريــــــم
لكي منا و بنا يتكلم معنا ، حتى إذا رأينا أن المتكلم معنا من جنسنا لا نرتعب من رؤيته ،
و لأجل هـــذه
فكــل من يرتدي هذه الحُــــلة ( أي التواضــع )
التي بها ظهر خالقنا بالجسد الذي لبسه فهـو
يلبـــــس
المســــيح ،
لأنه على شبهه الذي ظهــر به لخليقتــه وتصــرف به معهــم .
لقد اشتهي أن يلبس هذا على إنسانه الداخلي و به
يظهر لرفاقه ،
و عوض لبُاس الكرامة و المجد الظاهري تزين بالاتضاع ،
لهـــذا فكــل من تنظره الخليقة ــ سواء الصامتة أو الناطقة
ــ لابساً هذا الشبه
فإنهم يسجدون له كمثل الرب .
و ذلك لأجل كرامة سيدهم ،
لأنهم نظـــروه قد لبس هذا و تصرف به في العـالم .
أي من الخليقة الذي لا يستحي من نظر المتواضع !؟ .
إلي الوقت الذي ظهر فيه مجد التواضـــع الممـلوء من القداســــة ،
كان محتقراً من كل أحد ، و الآن لما ظهرت عظمته أمام العالم كله ،
فكـــــــل أحــــــــد يوقر و يكــرم هذا الشــبه في
أي موضـــــع ينظـــــــــــــــــره
،
لأن بهذه الواسطة اســـتحقت الخليقـــــــة أن تعاين منظــــــر خالقهــــــــــــــا ،
ومن أجل هذا أيضاً ، فهــــــــــــو ليــــــــــــــــــــس مرذولاً و لا من أعداء الحق ،
و لو كــان
لابســــه أحقــــــــر كـــــــــــل النــــــاس .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق