الميمر الحادى عشر ( 2 )
حافظك غير منظور :
إن كنت قد
آمـنت بالله تمـــــامــــاً ،
و وثقت أنه قادر أن يحفظك
و يدبرك
فلا ترجع و تهتم بشيء من هـــذه ،
مادمت أنت
تمضي وراءه وتتبع أثره ،
بل
اقنــــــع نفســــك و قل لها :
إن الذي أســـلمت نفســـي إليه كلياً فيه الكفـاية
و هـــــو الــــذي يعــــرف كيـــــــــف يدبـــــــــرني .
و عندئذ ستنظر أعمـــال الله
و كيــــــــف أن خلاصه قريب في كل وقت لخائفيه ،
و عنايتـــــه التي لا تنظـــــــر محيطـــــــة بـــــــك .
و إعلـــــــــــــــم أنـــــــــه
ليس لأن حافظــــــك غير منظــــــور لعينيـــــــك
ليس لأن حافظــــــك غير منظــــــور لعينيـــــــك
لـــــذا
تشــك في أنه غير موجـــــــــــــــــــــــود
لأنه
ثم أحيــاناً يظهـر لعيني الجســــــــد أيضـــاً
لأجل تثبيـتـك لتتحقق أنــــه يحفظـــــــــــــــــك.
العناية الإلهية الظاهرة والخفية :
إن الإنســـان إذا رفـــض كل تعضيـــــــــــــد و رجـاء بشـري
منظـــــور
و التصـــق باللـــه بالإيمـــــــان و نقـــــــاوة القـــــــــلب ،
فللوقــــــــت تلتصق به النعمة و تظهــر فيه قوتهـــا
بمعـونات متعـددة ؛
و هـــــــي تريه قوتها بعنايتها به،أولاً بالأشــياء الجسـدانية الظــاهرة ،
فهـــــــــو
بهذه يستطيع أن يحس بالأكثر بقـــدرة العنايــــة الإلهيـــة ،
لكـــــــــي
بفهمه لهــذه الظاهــرة ، يفهـــم تلك التي تكـون خفيـــة ،
و هـــــــــذا يوافــــــــــق طفـــــــولة الفكـــــــــــر غير الـــــــــــــدرب ،
إذ يـــــدرك كيف تعد له احتياجـــاته بغير تعب و من غير اجتهاد منــــه ،
و كيـــــــف زالــــت عنه أخطـــــار
كثــــيرة كانــــت قريبـــــة منـــــــــه ،
و كــــم من أخطار حرجة لا يشعر بحدوثهــــا و دون أن
يتحفــــظ منهـا ،
و قــــــــد دفعتهــا النعمـــة عنــــه عــدة مــرات بأعجــوبة
عظيمــــة ،
و تحرسه كحفــــاظ المريبــــة التي تبســط جناحيها على
أولادهـــا ،
لئــــــــلا يدنـــــــــو منهــــــــــم أي أذى :
و هكـــذا يدرك بعينيـه أن هلاكه كان قريباً،
و بهذا
يتدرج إلي الأشياء الخفية ،
لكي بسهولة يبلغ إلي فهمها و ارتباط حيل
الضلال بعضها ببعض ،
و يعرف كيف تتوالى الواحدة بعد الأخرى ، و كيف تتولــد من بعضهـــا لتهـــلك النفـــــس ،
و هكذا تشـــتهر أمامــــه كل مكــامن الشـــياطين
و أفكــارهم المنجســة المحجـــوبة ،
و ما يتبع كل واحد منها ، و تضع النعمـــــــة فيه فهماً ليـدرك الأمــور التي تحـدث ،
و يشرق في داخل بساطته نور خفي فيحس بكل شيء و بقوة هواجس الأفكار الدقيقة ،
و تشــير له كما بإصبــع ، و لــولا هـــذا ما كان يعــــــرف ما هـــــو مزمــــــع أن يظهـــــــر
و يتولــدله و عندئذ فإنه يطلب بالصلاة من مدبره
( أي الله ) كل شيء كبيراً كان أم صغيراً
وبهــــــــــذه الأمـــــــــور : تجعله النعمة متيقناً و ثابت
الضمير في الثقة باللـه ،
فعندئـــــذ يبـــــــــــدأ دخـول التجارب إليـــه قليـــلاً ،
و تســـمح النعمـــــة أن :
و تســـمح النعمـــــة أن :
تنطلق عليه حسب مقدرتـه تجـارب فيــه كفـــــاءة
لحملهــــا ،
و تظهر له معونتها محسوسة لكي يتشجع و يتقدم
قليلاً قليلا ً
و يقتني الحكمة ، فيتجـــرأ على أعـــدائه
بثقـــة باللــــــــــــه ،
لأنـــه مـــن دون هــذه :
لا يمكــن أن يكـون الإنســــــــان حكيمــــاً في القتـالات الروحانية
،
و أن يعرف مدبره و يحس بإلهه ، و يثبــــت في الإيمـــان
به خفيــة
بالقـــــوة التــــي نالهــــــــا فـــي ذاتــــــه مـن التجــــــــــــــــربة .
أما إذا نظرته (
النعمة )
و قد بدأ فكر الشك يتحـرك فيه قليلاً و بدأ يفكر في نفسه أنه
عظيم
حينئـــذ تتــــرك
التجـــــارب لتقــــوى عليـــه ليعـــرف ضعفه و عجزه
فيهــرب إلي الله و يلتجئ إليه بالاتضــاع
و بهـــذه الأمـــــور يبلـــــغ الإنســــــان
منــــزلة الرجـــــل الكامــــل
أنه لمن العجيب أن
يظهر حـب الله
و يعرف إذا وقع الإنسان في وسط أمور تؤدي بقوة الي قطع الرجاء ،
فهناك يظهر الله قوته بخلاصه
منها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق