الأربعاء، 3 أبريل 2013

تقلب الأفكار ـ ميامر مار اسحق ( الميمر 19 ) ـ الجزء الثانى .

 الميمر التاسع عشر (1) 

ـ المعرفة الحقيقية.

ـ التجارب التي ترشدنا إلي الحق .

تقلب الأفكار

مع تقلب الفكر لا تيأس :

   إن الطبـــع الناطق ( أي البشري ) معــــــــــرض للتغـــــــــير دون استثناء ،
         فيحــــــــــــدث كثــــــــيراًَ لكل أحــد ، وفـــــــــــــــــــــــي كل الأوقات .
 العارف يســـــتطيع أن يتعلم من التجـــارب التي تعــــــــــرض له كل يـــــــوم ،
  فهي تزيده حكمة إن كــــــــــان متحفظاً لذاته حارساً لما اقتناه  )من فضائل)
 عندما يتعـــــــــــرض الفكر للتغير كل يوم ،
 فكم ينقلب من هدوئه  ، إلي الاضطراب بغتة ،
دون أن يكون هناك سبب لذلك ،
وقد  ( يكون هذا التحول ) أمراً خطيراً جداً لا يعبر عنه .

 وهـــــــــــذه ( الحالات ) كتــب عنهـــا القديس مكاريوس بعناية شديدة واهتمام
 لتذكرة الإخوة وتعليمهم لئلا يميلوا إلي قطــــع الرجـــــاء ،عند التغيرات المضادة ،
 فالقائمـــــون في مرتبة النقاوة يحدث لهم في بعض الأوقـات عوارض ضــد غرض
 وقصــــــــــد نياتهم مثلما يتغير الهواء ،
 وهـــــم لم يكونوا متهاونين أو منحلين ، بل كانوا سائرين بحميتهـــــم ،
 ويشــــــهد بهذا القديس مرقس عن تجربة حقيقيـــــة دونها في كتـــاب ،
 وهـــــــــذه تثبت حقاً وتزيد التأكيد
 لئلا يظــــن أحـــــــد أن ما قــــــاله القديس مكاريوس في رسالته
 كان كيفما اتفــــــق و ليـــــس عن اختبــار حقيقي ،
 وهكــــــذا من شاهدين حتى يقتنع الفكـــــــــــــــــر بغير تشكك أو تردد ،
ويتعــــــزى وقت الحاجة والضرورة ، قل :

 " إن التغيرات تحدث لكل أحد مثل الرياح " ،
انتبه لقوله " كل أحد " ،
لأن الطبع ( البشري) واحد
 فلا تظن أنه يحدث فقط للضعفـــاء الحقــــيرين
 وأن الكاملـــين تخلصوا وتحروا من التغــــــــير
وأنهم قائمون في حالة واحدة هي عدم التغير
 و لا تتحــــرك فيهم الآلام حسب قول ( أصحاب بدعة )  المصلين .
لأجل هذا أوضح بقوله إنها " لكل إنسان " .

ما معنى قول القديس :
 " في وقت برد وبعد قليل حرارة ؟ "
 ( ففي وقت التقلبات الجويـــــة )
 يكون برداً وبعد قليل صحـــــــــــــــــــو ، هذا لنمونا ولتعليمنا
وقت قتال ، ووقــــت معونة من النعمة .

 وقت تقع على النفس عواصــــــــف وتتواثــــــب عليها أمواج صعبة ،
 ثم يحدث التغـــــــيير ، فتفتقدهما النعمـــــــة
وتمــــــــــلأ القــــــلب فرحـــاً وســـلاماً إلهيـــاً 
وأفكــــــــــــــــــــــــاراً عفيفـــــــــــــــة سلامية  .
وقـــــــــــــــــــــــــوله " أفكــار عفيفــة سلاميـة " يشير بوضوح أنها
 تحــــــل بــــــــــــــدل الأفكار الحيوانية النجسة التي كانت قبلها ، أنه ينبه بقوله
" إلي أن بعـــــد تــــلك أفكار عفيفـة سلامية
  حتى إذا توالــــــــــت  (الأفكار النجســـــــة )على العقل لا نقصر ولا نقطع الرجاء " .

    وفي وقت افتقاد النعمة لا نفتخر ،
 بل في وقت الفرح نتوقــــع الضيقة ،
وقوله " لا نقصر " إذا ما تكاثرت علينا العوارض ،
لا يعني ألا نقاومها أو نقبلها بفــــرح الفكر ،
 أو قال ذلك كأنه بالنسبة لنا شيء طبيعي ،
بل لكــــي لا نقطع الرجــــاء
مثل إنسان يطمع ويتوقـــــع أن يكون بلا قتال وفي راحــة كاملــة
ليس فيهــا تغيـــــــــــــــــير ولم يعد له جهاد ولا تعب و لا معاناة
 ولا تحــرك لشـــــــــــــــيء من الأمور المضادة ،
فهذه ( الحالة ) لم يرد سيدنا أن يعطيها لطبعنا في هذا العــــالم
حتى لا نتــــــــوقف أبـــــــــــــــــــــداً عـــــــــــــن التعب والجهاد .
إن رأي المنحـــرف يؤدي إلي التراخـــــي بســـــبب قطع الرجـــاء ،
 فتتخلف عن سيرك وسعيك ،

 لكن تيقن 
حقيقــة
أن جميع القديسين قائمـــــــين فــــــي هذا التعـــــــــــــــب طالما هم في هذا العالم ،
 و يكون لنا عزاء خفياً متزايداً ، ففـــــــي كل يـــــوم ووقـــــت
تظهر حنكة محبتنـــــــــا لله بالجهاد مقابل التجــــــــــــــارب ،
وهذا هو معنى قوله : " لا نحزن " أي : " لا نقصر وألا نتضجر " في الجهاد ،
" لأن هذا هو ترتيب طريقنا ، والذي يتخلف عن هذا فهو من نصيب الذئاب " .

يا للعجب من قول هذا القديس ،
 كيف بكلمة صغيرة حصر هذا الفصل الذي يتردد كثيرا على الذهن ،
 و طرد الشك تماماً عن فكر القارئ ، بقوله :
" أن المتخلف عن هذا فهو من نصيب الذئاب ".

أعني يريد الســــلوك في غير طريــق ، فيقـــع تحــت قصـــاص هـذا الحـــــكم ،
أنه يريــــد أن يسلك بمفرده ( أي ) في طريق لم يســر فيه القديسـون و الآباء .
( إن القديس يقول هذا لأنه ) خشية أن تكون بعض الذئاب القديمة مرتدية لباس     الحمـــلان كي تخطـــــف بشـــــرورها النفــــوس التــي تجهــل شــكل الحــق ،
  أمــا قـــوله :" في وقــــت الفــرح تنتظــــر الضيــــــــق " ،
  فهذا معناه : أنه إذا وقع في نفوسنا بغتة ـ بفعل النعمة ـ خلجات و معاني عظيمة
                   و دهش النظـــر العقـلي عن الأشــياء التـــي هي فـــــوق الطبـــــع
حسبما قال القديس مكاريوس :
                                        إذا دنا منا الملائكة القديسون يملؤوننا من الرؤى الروحية 
                                        و يهــــــــــــــــــــــــــــــــرب جميــــــــــــــع الأعــــــــداء
                                        و يكــون لنا  ـ عندئــــــــــــذ ـ سلام و هدوء لا يعبر عنه.

ففي الوقت الذي تحدث فيه مثل هذه الأشياء تكون النعمة قد حلت ،
       والملائكة القديســون ، محيطـــــــــــون
       ولأجل هذا يبتعد عنك جميع المجــربين

فلا تتعظــــم وتظن في نفسككأنك قد بلغت 
المينــــــــــاء  غير المضطـرب 
والجـــــــــــو  غير المتقــلب
وأنـــــك قــــد ارتفعت كليـــاً    من و سط هذه  ( الأمور) المحيطة ،
 وليس شيء مضـــــــــــــاد ،   و لا ريـــــــــــــــــاح متقلبــــــــــة
 ولــم يبــــــق عـــــــــــــدو ،    و لن تـــــــــــــلاقي شــيئاً رديئــاً .

إن الكثيرين ظنوا هكذا فسقطوا في أمور خطرة ، 
مثلما قال القديــــــس نيلــــــس .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق