الدهش :
إن قــــوة النامــوس و الوصايا التي وضعت للبشر نهايتها نقــاء القـلب حسب قول الآباء ،
و أيضاً جميع أنواع وأشكال الصلاة التي يصليها
الناس قدام الله نهايتها الصلاة النقية ،
بل و أيضاً كل التضرعـــــات القلبيـــــة و الحـــــزن و الخضــــوع
و الدمـــــوع الحـــــــــلوة
و أي نـوع آخـر من الصــلاة ، فحـــــــــــــــــــــــدها ( أي أقصي ما
توصـــل إليه )
هو الصلاة النقية حسبما ذكرت .
و عند تجاوز حد نقاوة الصلاة ( أي الوصـــول إلي ما هو أعمـــق من الصـــلاة النقيـــة ) ،
فلا يكون للضمير صــــــــلاة و لا حــــركة و لا دمـوع و لا تضــرع و لا سلطان ( أي إرادة )
و لا حـــرية و لا شهوة و لا اشــتيـاق إلي شـــيء ممكنـــاً يرجــــي ،
و ينتظر في هذا العالم و في العالـم الأتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي .
لان ما بعـد الصــلاة النقيـــة ليـس صــــــلاة ،
لان جميــع حـركات الصــلاة و أشـــكالها تقف قدرتهــا عند الوصول بالعقــل
إلي هنــا.
و لأجل هذا فيها جهاد وعناد و من بعد هذا الحد لا يبقي إلا دهش و تعجـب وليس صلاة .
فهنـــا تتوقـــف الصــــــــــــلاة ، و العقل لا يصلي صلاة بل
ينظــر نظــرا ،ً
لان كل أنــواع الصــــــــــــــلاة تتحـــــرك بالحـــــــــركات
النفســــــــانية
و لكن إذا مــا دخل الذهـــــن إلي الحركات الروحانية
فليس هناك صلاة .
الصلاة شيء ، و آخر هي الثاؤريا أي النظر
الروحي ،
و إن كانت تتولد من بعضها ، فتلك بذار وزرع ، و أما
هذه فهي حمل الأغمار ،
و إذ بالنظر الذي لا يعــبر عنــه بالكلمـــات يدهــش
الحاصــــد و يتعجـــــــب ،
فكيف من حبــوب صغــيرة بذرهـا ينبت أمامه بغتة سنبل
جليـــل ممجــــــد ،
و في نظره هذا يتوقف العقل عن أي حركة .
كل صــــــــــلاة إنما هي طلبـة أو ســؤال شــــيء ، أو تمجيــد
و شـــكر ،
فأبحث و أفحص :
إن كان العقل عندما أخترق الحـــد و عبر إلي تلك
البلدة ( أي الدهش )
هــل يكــون في أي حـال من هـــذه من حــــــــالات الصــــلاة ؟ .
و سؤالي هذا هو لمن يعرف الحقيقة ( أي حقيقة
الدهش ) ،
لان
هـــذه الإفرازات (أي الحالة المتميزة أي الدهش ) ليس لكل إنسـان أن يتفحصها ،
بل للـــذين رأوا بأنفسـهم ،و خدمـــوا هذه الأمـــــور ،
أو تربـــوا لدي أبـــاء عارفــــين ،
فمن فم هؤلاء تقبل الحقيقة ، فهم بهذه المفاوضات إجتازوا بحياتهم في فحص هذا الأمر
بالسؤال و الإجابة عن حقيقته .
و كما انه بعد جهد تجد و احداً بين ربوة من
الناس ،
قد
أكمل الناموس و الوصايا و أهل لنقــاوة النفس ،
هكذا أيضاً و احد من كثيرين تجده قد أستحق ــ
بعد تحفظ كثير و حرص ــ
للصلاة النقية و أخترق ا لحدو أستحق ذاك السر .
فليــس
كثيرون يستحقون و لا
للصلاة الزكية ،
بل أفراد
قليلون،فالسر الذي هو أسمي منها
انه بعد جهد تجد واحداً في كل جيل قد
دنا من هذه المعرفة بنعمه الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق