مدونـة رئيــس الملائكــة رافائيـــل

بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة رافائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقوال ايضا افرحوا (فيلبى 4:4)

الأحد، 28 أبريل 2013

ما بعد الصلاة الطاهرة ـ ميامر مار اسحق ( الميمر السادس ) ـ الجزء الثانى .


  الميمر السادس ( 3 )
ما بعد الصلاة الطاهرة

 الصلاة هي: تضـــرع و هــــذيذ و اشـــــتياق لشـــيء مـــــــا ،
                 أو طلب الخـــلاص من الشرور الحاضرة أو الآتية ،
                 أو اشتهاء الوعود ، أو سؤال شيء ينتفع به الإنســــان بمعونة من الله ،
                 ففي هذه الخلجـــات تنحـصر و تحـــــدد كل حركـــــــات الصـــــــــــــلاة ،

 و أما طهارتها أو عدم طهارتها فهي هكذا :
في الوقت الذي يبدأ العقل في أداء احدي حركاتها (أي أفكار الصلاةالسابق ذكرها ،
و يختلط معه فكر غريب أو يطيش في أمر من الأمور ، فهذه الصلاة تدعي غير طـاهرة  ،
 فهذه هي الحيوانات التي لم يأذن الناموس بإصعادها إلي هيكل الرب الذي هو القـلب .

أما إذا غاص القلب باشتياق ببعض من خلجاته بعمـــــــــــــــــق ، 
( مثل مكان ) ضــــــــــرورياً يــوم السبت في وقــــــــت التضـــرع ، 
فبســـبب الاشتياق الكثير ينجـــــــــــــــــذب نظـــــر خلجـــــاته
 بعــــــين الإيمــــــــــــــان إلي داخل حجاب بــــاب القـــــــــلب ،
 لان بهـــذه الأشـــــــواق تصــــــــــــــــــان مداخل النفـــــــــس 
قبـــــــــالة الأفكـــــــــــار غير الطـاهرة التي تشبه بالغــــــــرباء 

الذيـــــــــن لـــم يكـــــن يــــؤذن لهم بدخـول قبــة الشــــهادة ،
و هذه ( أي عندما  يغوص القلب بالأشواق ) تسمي ذبيحة القلب المقبولة ؛
و حدود الصلاة الطاهرة هي إلي هنا ،و من هنا إلي فوق لا يسمي صـــلاة ،

و إن قال إنســـان إن هذه يســـــــميها الآبــــــــــــاء " صـــــلاة روحــــانية " ،
 فهذا لم يفهـــم معني كلامهـــم بقـــوله إنهــــا من  حـــدود الصـــــــــلاة ،
 فلــو انه كان قـــد وصــل إلي الفهــم الحقيقـــي لأدرك انه غــير صحيـــح
أن يصلى بالصلاة الروحانية ،لان كل شيء يصلي هو أقل من بلد الروحانية ،
و كل شيء روحاني هو مرتفع عن حركة الصلاة .

و لان الإنسان بعد جهد يستطيع أن
                  يصلي صلاة طاهــــرة التـــي يقـــــــال عنهـــــــــــا صـــلاة روحـانية
                     لان الآباء القديسين من عادتهــم أن يكنـوا باســم الصـــــــــــــلاة 
                      كل خلجات فاضلة وكل انفعــــال روحـاني ، 
وليس هذا فقط بل وكل نور المعرفة حتى و الأفعال الحسنة يعتبرونهـــا صـــــــلاة  ،
                  مع أن الأمر الظاهر هو أن الصــــــــــــــلاة بشيء آخر غير الأفعال .


أما تلك فأحياناً يســمونها صلاة روحانية ، وفي وقت يسمونها طـريق ،
                  و في وقت معــــــــــرفة ، وفي وقت أسـتعلان عقلي ، 
 فأنظر السبب : 

فها الآباء يشبهون أسماء الأمور الروحانية بما هو قائم في الأمـــور الحـــاضرة  ،
 لان أمور العـالم الجديـد ليس لها أســماء حقيقيــة ، بل معرفة واحدة بسيطة
تسمو عن  كل تســـمية و علم و صـــور و ألــــــوان و أشــــكال أو كنــــــــــاية ،
و ذلك تعــــرفه النفــس عنــدما ترتفـــــع عن هـــــذا الســـــياج المنظــــــــور ،
 أما الآباء فإنهم يعبرون عنهـــــا بما يدل عليه ،
و أما الأسماء الحقيقية فليس هناك من يعرف ،

 بل حســــب الأفكــــــار النفســــانية يعــــبرون عنهــــا بالكنــــــاية و الأمثـــــال ،
 مثلما قال القديس  ديوناسيوس :
أننــــــا نستعمل العلامات و الدلائل و الكلمات وذلك من أجل الــحواس ،
لكـــــن إذا تحـــركت أنفســـــنا بالإلهيـــــــات بفعـــــــل الــــــــــــــروح
فعنـــد ذلك تصبــح الحـــواس وعملهـــا كالفضـــلات( أي بلا قيمــــــة ) ،
وأيضــاً إذا ما صـارت أنفسنا في شبه اللاهــوت بالاتحاد غير المــــــدرك
فـــــأن الحركـات الروحانية للنفـس تصبـح كالفضـــلات ( أي بلا فاعلية )
و تستنير حركات النفس بإشراقات النور المرتفعة التي لا تدرك بالأعين .


لهـــذا فالصحيـــح أيهـــــا الأخ :
إن العقـــل ليس له قــدرة علي  تمييز الخلجـات التي تـــؤدي إلي الصلاة الطاهرة ،
لكنـــــــــه إذا ما وصــل إليهــــا  فلا يرجع إلي الوراء و لا يتوقف عن الصـــــــــــــلاة ،
لان الصلاة تكـــــــــــــــــــون له  كوســـيط من النفســـــــانية إلي الروحـــــــــــانية ،

لأنه إذا تحركت مشاعره بالصلاة فهـــــي في بلـــــد ( أي مجــــــال ) النفــــــــــس ،
و إذا دخلـــــــــت ذاك البـــلد بطلت الصلاة و تكون مثل القديسين في العالم الجــديد ،
                                  حيث لا يصـلون صــلوات إذ قد أبتـــــــــلع العقـل الـــروح ،
                                  بــــل يكونـــــوا في دهـــــــــش ذلـــــــــك المجــــــــــــد
                                  الذي يعطــــــــــي الشــــــــعور بالنعيــــــــــــــــــــــــــــم.

فهكــذا أيضــاً إذا أهــل العقــل ليحس بتلك السعادة المزمعة التي في الدهــر الأتي
                                    فانــــــــــــــه ينســــي ذاتـــــه و كــــل الأشياء الحاضرة
                                   و لا يكــون له منذ الآن حركــة الهذيذ بشيء من الاشياء  

 و لأجل هذا فالإنسان يجسر أن يقول بثقة : إن كـل فضيــــــــــلة كـانــــــــــــــــــــت ،
                                                   و كــــــل درجــــــــــــــات الصـــــــــــــــــلاة
                                                  إن كانت بالجســــــــد أو بالفكــــــــــــــــــر
فـــــــــــــــــإن حرية الإرادة هي التـــــي تحركهـــا
و تدبرهـــــــا بواسطة العقل فهو المتسلط على الحواس ،
 أما إذا تسلط تدبير الـروح علي العقل ــ المنظــــــــم للحــــــــواس و الأفكـــــــــــار ــ
                                   فالحرية تنزع من الطبيعة ( أي من طبيعة الإنسان )

                                   و من هنا فليس هو الذي يدبر ذاته بل يتدبر من آخر.


 ( إذاً ) :
 كيف يمكن الصلاة في ذلك الوقت الذي يكون فيه الطبع
  ليس له أي سلطان علي ذاته !؟
  فهـــــــــــو يســاق و يتـــدبر من قــــــــوة آخــــــري إلي ما لا يــــدرى ،
 فليس هو الذي يقوم و يصوب حركات الفكر كما يشاء و الي حيث يريد ،
لأنه في ذلك الوقت يملك علي الطبع سبات و يخطف إلي حيث لا يحس
 حيث ، لا تكـــون له إرادة و لا مشــيئة فهنـاك يحــق القـــول انه في تــلك الســــاعة :
 (إن كان بالجســد أم بغــــير الجسـد لا أدري حســـبما قال الكتــــــاب)2 ) كو 12 : 2  (

 فأي صلاة تكون للذي قد سبي هكذا
 حتى انه لا يعرف حتى نفسه و لهذا لا يضل أحد و يجسر أن يقول :
 انه من المستطاع تقديم الصـلاة الروحانية ،
إذ هم بهذه الجسارة يعلنون عن أنفسهم أنهم المصلين المخدوعين عديمي المعرفة 
 هؤلاء المدعين في أنفسهم انه يمكنهم أن يصلوا بالروح.

أما المتضعون ذوو الفهم الذين ينحنون ليتعلموا تعاليــــم الآباء العارفين حدود الطبيعة ،
                             فإنهم لا يســـــلمون أفكارهـــم لهذه الجسارة الخــــــــاطئة .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق