مدونـة رئيــس الملائكــة رافائيـــل

بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة رافائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقوال ايضا افرحوا (فيلبى 4:4)

الثلاثاء، 29 يناير 2013

كتاب : تفسير رمزى لنشيد الانشاد للقديس امبروسيوس ـ القمص تادرس يعقوب ملطي


                               

                               كتاب : تفسير رمزى لنشيد الانشاد

                             للقديس امبروسيوس  
                                           

نشيد الانشاد ـ القديس امبروسيوس ـ مقدمة القمص تادرس يعقوب ملطي


تفسير رمزى لسفر نشيد الانشاد

القديس امبروسيوس

مقدمة الناشر
يا لعظمة نفسك!
"نفسك"أعظم من أن تقدر، أثمن من العالم كله!، لذا يقول السيد المسيح:
"ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟!" (مت 16: 26).
مقال القديس أمبروسيوس عن "إسحق أو النفس" سحب أعماقي، خاصة بعد الفصلين التمهيدين الأول والثاني،
 إذ يدخل بالقارئ إلى أعماق نفسه، ليدرك قيمتها لا في عينيه فحسب،
وإنما بالحري في عينيّ عريسها السماوي السيد المسيح،
الذي يقيمها مدينته المقدسة والتي يجد فيها موضعًا مقدسًا يسند فيه رأسه،
 يجد برّه الإلهي عاملاً في الإنسان الداخلي فيسر به ويمتدحه.
 يقيمها السيد المسيح جنته الروحية الحاملة ثمر الروح الشهي!

وقد جاء في فصول المقال الثمانية الآتي:
1. يقدم لنا القديس أمبروسيوس إسحق كرمز للسيد المسيح
ليس فقط من جهة الحبل به وتقديمه ذبيحة محرقة
وإنما أيضًا من جهة اسمه "ضحك"،
إذ هو سرّ بهجة كل مؤمن وسروره. يقدمه لنا أيضًا كرمز للنفس البشرية المؤمنة والتقية.
 يرى فيه تلك النفس التي دخلت إلى حجال العريس السماوي لتشاركه حياته وطبيعته، تحمل سماته فيها، تلك النفس التي هي موضوع سفر نشيد الأناشيد كله!
2. التقت رفقة بإسحق خلال البئر، ينبوع الحكمة الحقيقية،
 وليس مجرد اتحاد الجسد، فصارت تمثل الإنسان الروحي لا الجسداني،
 الذي يطلب فيه أن يكون على صورة الله لا أن يلتصق بالماديات.
3. تعلن النفس المؤمنة التقية بسلوكها الروحي وهروبها من الالتصاق بالماديات اشتياقها الشديد إلى قبلات عريسها،
 قبلات الحب والوحدة، 
قبلات الاستنارة التي تحوّل ظلمتها إلى نور فريد،
 إذ يشرق شمس البر عليها وفي داخلها.
إنها تحِنّ إلى عريسها فتطلبه، وبحبه هو يجتذبها إليه فتجري ولا تتوانى.
4. ترى النفس عريسها قادمًا إلى عالمها
لا لتترك العالم، وإنما تسمو فوق ملذاته ومتاعبه،
يرتفع قلبها في السمويات وهي بعد لا تزال في الجسد على الأرض!
 تلتقي به على صعيد القلب فتنعم بالبركات التالية:
أ. انعكاس بهائه عليها، فتصير في عينيه جميلة جدًا بلا عيب.
ب. التمتع بالحياة السماوية المفرحة... فتصير حياتها أنشودة مفرحة.
ج. تنعم بالنور فتكره الظلمة. 
  يشرق عليها فتكتشف ضعفاتها وتتوب...
  بهذا تتعرف على نفسها وتقدير عريسها لها!
د. حرية المجد:
 لا تَقدر شهوات الجسد ولا رباطات محبة العالم أن تأسرها.
  تخلع مع موسى حذاءها المادي،
  وتتعرَّى من ثوب شهوة الجسد لترتفع في السمويات.
هـ. طاقات عريسها الغالب التي يقدمها لها فتصير كفرس في حرب تغلب وتنتصر،      
    لكن بروح الوداعة والتواضع.
و. اتساع القلب بالحب، فترى في كل البشرية إخوة لها.
ز. آبار حكمته الإلهية إذ ترويها ينابيعه العلوية.
يقدم لنا السيد المسيح هذه البركات للنفس المؤمنة،
 إذ يَقْدِم إليها ظافرًا على جبال الناموس وتلال النبوات،
 يصعدها معه خلال صليبه إلى ملكوته.
 إنه يتطلع إليها من خلال الكُوَّى لتقبل حضرته ومعيَّته.
يأتيها مسرعًا، لذا تلتزم هي أيضًا أن تُسرع إليه ولا تتوانى،
 حتى يهبها ثمره ويحميها في صليبه!

5. من جانبها تلتزم بالجهاد، تبحث عنه بجدية وفي إيمان في الأماكن التالية:
أ. الأماكن العامة للمدينة حيث يُنصَب القضاء... هو شفيعها المحامي عنها.
ب. داخلها :  حيث يقيم ملكوته هناك.
ج. في الكنيسة :  حيث كلمة الحق والتعليم الصادق.
د. وسط الضيق، : إذ هو حال في ضيقات مؤمنيه، يُعلن ذاته!
هـ. خارج القبر،:  فهو السماوي الذي لا يمسك به الموت!
وإذ تجده النفس المؤمنة وتتعرف عليه كعريس سماوي لا تقف عند لمسه
بل بالإيمان تمسك بقدميه ولا تتركه،
 فتخرج منه قوة تنزع عن النفس نزيفها.
 ترى نفسها أنها حواء الجديدة الملتصقة بآدم الثاني،
 تتستّر لا بأوراق التين بل بروح عريسها القدوس ونعمته الغنية المجيدة.
 تنال برّه فتصير كحواء الأولى قبل السقوط.
تفوح منها رائحة أطياب عريسها فتغني بنات أورشليم تسبحة الحب الزوجي.
تنطلق معهن كما في موكب، إذ تخلع عنها "الأنا"،
وتتغرب عن الجسد، وتترك محبة العالم، فتستوطن مع الرب.

تهرب من العالم والجسد والأنا
إلى عريسها الذي يمتدح طهارتها كجنة مغلقة وينبوع مختوم،
 ويطلب ثمرها الروحي.

6. إذ تثمر كرومًا نقية، تسكر بحب الله وتهيم فيه. عندئذ يتقدم عريسها السماوي :
أ. يُيقِظهـــــــــا :
  كي تتمتع   بقبلاته الروحية.
ب. يقرع باب قلبها كي تفتح له :   
    لتستريح فيه وحده دون خصمه.
ج. يُنهِضهـــا من فراشـــها  :  
   فتتحرر من قيود الجسد وحياة الترف.
د. يُعلن لها أسراره الإلهية  : 
   وسط شركة الآلام معه.
هـ. يجتذبها بحبه لها، : 
    يُخرجها من بابل لتحيا معه في أورشليمه.
و. يستر عليها بحبه : 
  بعدما تعاني من الحراس الذين يرفعون عنها إزارها.
ز. يُشبعها بالحنطة السماوية في يوم السبت العظيم  :
   حيث تجد فيه راحة أبدية.

7. إذ يعمل العريس السماوي في النفس المؤمنة، تحمل من جانبها السمات التالية:
أ. تصير مبتهجة وكاملة وجميلة، سرّ بهجتها 
  أنها تحمل كل أسرار المدينة السماوية،

  تصير أيقونة السماء،
 كل من يتطلع إليها يُعجب بها.
ب. أعمالها مدوِّية، تتحدث بصوت يُدوي،
  وكأنه بوق إلهي يستخدمه الله ليُعلن عن ضياء عمله في النفوس.
ج. تتسم بالوحدة والانسجام الداخلي؛
  كل ما فيها من قدرات وطاقات تتناغم معًا بعمل روح الله القدوس.
هـ. مُخصِبة ومثمرة،
  إذ ليس فيها من شر يُفسد تربتها ويُحوّلها إلى أرض بور.
د. تلتصق بالله 
  كمصدر خيرها.
و. ترفض ظلمة الشر،
   فتصير مُشرقة كالفجر،
   جميلة كالقمر الذي يراه كل سكان الأرض.

8. أخيرًا يحدثنا عن دور السيد المسيح في كنيسته المتألمة:
أ. يسمح لها بالمرارة والتجربة، 
  لأنه في المرارة تعرف النفس ذاتها.
ب. تدخل النفس المعركة كمركبة يقودها السيد المسيح نفسه،
   يعرف كيف يضبط الخيل الجامحة ويُشجع الخيل الصالحة.
   إنه قائد صالح يعرف كيف يَسوس الكل!
ج. كقائد للمركبة 
  يصحح مسار النفس ويرشدها.
د. يُصعِد النفس  إلى 
    نخلة النصرة.
هـ. يبلغ بها إلى
   كمال الحب وسط جهادها، فينطلق بها عبر مراحل الكمال.
و. يهتم أن
   يقوت المتعبين وسط آلامهم.
ز. يدخل أبواب النفس المتألمة
   بكونها عروسه.
ح. إذ يدخل أبواب النفس
   يرتفع بها إلى العلويات.
ط. في صعودها معه
   تتكئ عليه حتى يدخل بها إلى حجاله لتستريح.
ى. يتعهدها تحت شجرة التفاح ،
  وليس فقط ينظر إليها تحت شجرة التين.
ك. يتصور في
   داخل النفس.
ل. يهبها خاتمه، 
  فيكون الكل في الكل بالنسبة لها، هو حبنا كله!
م. يُسربِل النفس 
   بالحب الأقوى من الموت.
ن. يهب النفس
   أجنحة نار حب وغيرة.
س. يرفع النفس إليه 
   بكونه الخير الأعظم.
ش. أخيرًا ينطلق بالنفس إلى 
   أورشليم العليا.
الآن أتركك للقديس أمبروسيوس
 الذي قدم لنا بالمنهج الرمزي السكندري تفسيرًا حيًا لسفر نشيد الأناشيد،
كسفر حب واتحاد بين السيد المسيح والنفس البشرية،
 وقد قام الدكتور جرجس كامل يوسف بترجمته
                                                                             
                                                                         تعليق وتبويب ومراجعة
                                                                       القمص تادرس يعقوب ملطي
                                                                                أكتوبر 1990م

العودة إلى : 



نشيد الانشاد ـ القديس امبروسيوس ـ1ـ إسحق رمز المسيح


اولاً : إسحق رمز المسيح

[يرى القديس أمبروسيوس في إسحق رمزًا للسيد المسيح،
ليس فقط بميلاده بوعد إلهي ولا بتقديمه ذبيحة طاعة لأبيه،
وإنما حتى باسمه كمصدر فرح للغير وبزواجه من رفقة رمز الكنيسة...]

إسحق مكافأة إبراهيم العظيمة
1. لقد وصفتُ باستفاضة كُلاً من أصل القديس إسحق،
 والنعمة التي نالها، وذلك أثناء حديثي عن أبيه [1].
 وهو يزخر بالمجد، حيث وُلد (إسحق) كمكافأة لإبراهيم،
 أبيه العظيم الذي لا مثيل له. ولا عجب إذ حمل فيه رمزًا لميلاد الرب وآلامه.
 ولدته امرأة مُتقدّمة في الأيام وعاقر، وذلك بوعد إلهي
( تك 18 : 11ـ 15، 21 : 1ـ 2)،        
 حتي نؤمن بأن الله قادر أن يحقق ميلادًا حتى من عذراء.
لقد قُدّم كذبيحة بطريقة فريدة، كي لا يفقده أبوه، ومع هذا تتم الذبيحة
( تك 22 : 1ـ 19) 
أيضًا يرمز إلى النعمة باسمه، لأن " إسحق" يعني " ضحكًا "( تك 21 : 5) ،
 والضحك علامة الفرح.
الآن يعرف كل أحد أن (المسيح الذي يرمز له إسحق) 
هو فرح جميع الذين حطموا رهبــة الموت المفــــزع، 
فقد نزع رُعبه، 
وصار لكل الناس غفرانًا لخطاياهم.
إنه ذلك الوديع المتواضع والرقيق( مت 11 : 1ـ 29)، 
الذي خرج إلى الحقل ليتأمل،
 حيث جاءت رفقة (ترمز للصبر[2] )،
 لأن الإنسان الحكيم ينبغي عليه أن ينأى عن الملذات الجسدية،
 ويسمو بنفسه، منسحبًا عن (ملذات) الجسد.
 هذا بالنسبة لمن يعرف نفسه إنسانًا  Homo باللاتينية و enos بالكلدانية.
 لقد طلب أخنوخ Enos الله في رجاء ومن ثمَّ يُظن أنه قد نُقل( تك 5: 24).
هكذا يبدو الإنسان "إنسانًا"
فقط حينما يضع رجاءه في الله. أيضًا المفهوم الواضح والحقيقي للنص( تك 5 : 18ـ 24)  هو أنَّ مَنْ يضع رجاءه في الله لا يسكن الأرض بل يُنقَل، ومن ثمَّ يلتصق بالله. هكذا كان إسحق صالحًا وصادقًا، إذ كان مملوءًا نعمة وينبوع فرح.
إسحق ينبوع حكمة لا فيض دم
إلى هذا النبع جاءت رفقة لتملأ جرَّتها ماءً، إذ يقول الكتاب المقدس:
 "فنزلت إلى العين، وملأت جرَّتها وطلعت"( تك 24 : 16)  .
وهكذا أيضًا نزلت الكنيسة أو النفس إلى نبع الحكمة، لتملأ جرَّتها،
وترفع تعاليم الحكمة النقية التي لم يرغب اليهود أن يرفعوها من الينبوع الفائض. أصغوا إليه، إذ يقول الينبوع نفسه:
 "تركوني أنا ينبوع المياه الحية"(ار 2 : 31ـ 19).
تعطش نفوس الأنبياء إلى هذا الينبوع، فيقول داود:
 "عطشت نفسي إلى الله الحيّ"( تك 42 : 2ـ 3) ،
لكي يروي ظمأه بغنى معرفة الله
 ويغسل دم الحماقة بمياه المجاري الروحية.
لأن هذا هو فيض الدم كما يشير الناموس(لا 20 : 18)،
 والذي يُستبان حينما يضطجع رجل مع امرأة طامث.
 فالمرأة (هنا تشير إلى) البهجة وفتنة الجسد.
احترس
 لئلا يُقوض ثبات فكرك ويلين باللذة الجسدية التي للاضطجاع.
 فتذوب باحتضانها تمامًا،
وينفتح ينبوعها الذي يجب أن يُغلَق ويوصد بالنية الغيورة والتعقل المتزن.
أنت "جنة مغلقة، عين مختوم (نش 4: 21) .
فإنه إذ ينحل ثبات الفكر تتدفق أفكار اللذات الجسدية الضارة للغاية، المتهيجة إلى شهوة جامحة نحو خطر مميت.
 لكن متى صارت لنا اليقظة الواعية لحراسة الفكر الحيّ، تُضبط (اللذات الجسدانية).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] هذا هو عمل القديس أمبروسيوس "عن إبراهيم"، ظهرت مختارات منه بالفرنسية في:
D. Gorce: Saint Ambroise: Traite's sur L'Ancien Testaments, Namur 1967.

[2] تظهر رفقة كرمز للصبر في كتابه: "يعقوب والحياة السعيدة"، وفي رسالتيه 36، 100.

العودة إلى : 
     كتاب اسحق او النفس ـ القديس امبروسيوس ـ القمص تادرس يعقوب ملطى .

نشيد الانشاد ـ القديس امبروسيوس ـ 2 ـ الإنسان الروحي والإنسان الجسداني


ثانياً : الإنسان الروحي والإنسان الجسداني

[إذ رأى القديس أمبروسيوس في إسحق ينبوع الحكمة
 الذي تأتي إليه النفــس التقية ( رفقة ) لترتـــوي منــه،
ولا تقترب إلى ينبوع دم الجهالة المفســــد للنفـــــــس ،
يقارن بين الإنســـان الروحــاني والإنسـان الجســـداني.

 الإنسان مقدَّس نفسًا وجسدًا،
 لكن مَنْ يحيا بالروح يعيش كمــا لو كان كله روحًــــا،
 أما من يخضع لشهوات الجسد فيعيش كعبد لها ذليل!]
3. إذن تأمل يا إنســـان مَنْ أنـــــــت؟
 وإلى أية غاية تسير بحياتك وكيانك؟
ما هو الإنسان إذن ؟ 
 نفس ؟ أم جس د؟ أم وحدة من الاثنين ؟
نحن شيءٌ واحد، لكن قنيتنا شيءٌ آخر.
المتسربل هو شخص واحد، لكن ثيابه أمر آخر.

نقرأ في العهد القديم:
"جميع النفوس التي جاءت إلى مصر" ( تك 46: 27) ،
إشارة إلى البشر. وفي موضع آخر قيل:
"لا يبقى روحي في هؤلاء الناس، إنهم جسد "بشر"(راجع تك 6: 3).

أيضًا تُستخدم كلمة "إنسان" لتُشير إلى أي مِن الاثنين:
 النفس أو الجسد.

 لكن الفرق هو:
 إذا ما اُستخدم لفظ " نفس"
للإشارة إلى الإنسان يقصد هنا العبراني الملتصق بالله لا (بشهوات) الجسد،
كما في العبارة:
" تُبارَك النفس الصادقة بالتمام " ( ام 11: 25).

وحينما تُستخدم كلمة " جسد "
 لتشير إلى الإنسان فالمقصود هنا هو الخاطئ، كما في العبارة: 
... وأما أنا فجسداني مبيع تحت الخطية،
لأني لست أعرف ما أنا أفعله،
 إذ لست أفعل ما أريده بل ما أبغضه فإياه أفعله"
( تك 46: 27).

يظهر هذا الرأي فيما جاء بعد ذلك فإن الذي يريد غير الذي يكره
 وغير الذي يفعل.
 ومن ثمَّ ينتج:

 "فإن كنت أفعل ما أُبغِض فإني أُصادِق الناموس أنه حسن؛

 فالآن لست بعد أفعل ذلك أنا بل الخطية الساكنة فيَّ"( رو 7: 16 ـ17).

يظهر ذلك بمزيد من الوضوح في القول:
 "أرى ناموسًا آخر في جسدي (أعضائي) يحارب ناموس ذهني،
 ويَسْبيني إلى ناموس الخطية" (رو 7: 23).
وبالرغم من قول بولس الرسول بأن كلاً من الإنسانين - الداخلي والخارجي - كانا في حرب، لكنه يفضل مساندة الجزء الذي يشمل النفس أكثر من ذاك الذي في الجسد،

 لأنه حينما كانت نفسه - التي يفضلها - مَسْبيّة تحت الخطية،
يؤكد ما فضَّله بقوله: "ويحي أنا الإنسان الشقي! من ينقذني من جسد هذا الموت؟" (رو 7: 24).

 أي أنه أراد أن يُنقَذ من عدو خارجي، هكذا يقال!
ما هي النفس؟
[يرفض القديس أمبروسيوس تعاريف بعض الفلاسفة للنفس،
 إذ قال شيشرون عنها إنها دم، وقال أمبيدوكليس إن مركزها الدم...]
4. لهذا ليست النفس دمًا، لأن الدم هو من الجسد.
ولا هي ذلك الانسجام الذي هو أيضًا من الجسد.
النفس ليست هواءً، لأن نفخة النَفَس شيءٌ والنفْس شيء آخر.
ليست النفس نارًا، ولا هي فعلية actuality،

وإنما هي حياة، لأن آدم صار "نفسًا حية" ( تك 2: 7)
.
النفس هي التي تحكم الجسد وتعطيه حياة الذي (بدونها) يكون بلا حياة ولا شعور. 

يوجد أيضًا الإنسان الأكثر سمُوًّا، الذي قيل عنه:

"وأما (الإنسان) الروحي فيَحكم في كل شيء، 
وهو لا يُحكَم فيه من أحد"(1كو 2 : 15 ).

مثل هذا يكون أكثر سموًا من الآخرين، وعنه يقول داود أيضًا:
"فمن هو الإنسان حتى تذكره أو ابن الإنسان حتى تفتقده؟
يصير الإنسان كباطل"(مز 8 : 5 ، 144 : 3ـ 4 )

الإنسان كصورة الله ليس باطلاً،
 لكن الذي يفقدها ويسقط في الخطية ويتعثر في الماديات، 
مثل هذا يشبه الباطل.
انهيار النفس :
5. لذلك، النفس سامية بطبيعتها،
 لكنها صارت بوجه عام خاضعة للفساد من خلال لا عقلانيتها،
 فمالت إلى الملذات الجسدية وإلى الاعتداد بذاتها.

 بينما لم تحتفظ بالاعتدال خدعتها الأوهام،
وانحرفت إلى المادة، والتصقت بالجسد، 

ومن ثَمَّ تعوقت بصيرتها وامتلأت بالشر.
 وإذ هي تنوي الشر تملأ ذاتها بالرذائل،

ومن ثَمَّ تزداد في إسرافها وعزوفها عن طلب الصلح.

العودة إلى :