الميمر الثامن ( 7 )
الأنواع الثلاثة للمعرفة :
في هذه الرتب الثلاث من المعرفة ينحصر و يتحــدد
كل تدبـــير الإنســان
إن
كان بالجسـد أو بالنفس أو بالـروح ،
لأنـــــه منــذ أن يبــدأ الإنســـان :
فـــي التمـييز بين الجيـد و الرديء
فإن معرفته تنحصر في هـــذه الثـــلاثة منــــــــــــــازل ،
فهـــــــي التي تكمـــل كـــل الإثـــم و النفـــــــــــــاق ،
و حــــــد
كـــــل الـــــبر و جميـع العــدل ،
و هــــــي التي تلمس أعماق أســـــرار الـــروح كلها .
إنها معرفة و احدة فاعلة في هذه الثلاث رتب
التي فيها تكون كل حركات العقل
التي بها يصعد وينزل ، إن كان بالصلاح أو
بالشر أو بالوسط بين هذين .
و هذه الرتب يدعوها آباؤنا " الطبع
" ، " و فوق الطبع " ، " و خارج الطبع "
حسب قول أو غريس ، :
إن
كانت النفـــــــس :
تسلك حسب الطبــــــــع فهـــــــــــــــي تفعــــــل الــــــبر ،
و إن كانــــــت فوق الطبع تخطف ذاكرتها بثـــاؤريا
اللـــــه ،
و إن خارج الطبع فهي تخـــرج لترعى الخنــــازير
مثل ذلك الذي ضيع غنى تميزه بعمله مع الشـــــــيطان
.
النـــوع الأول من المعرفة : يجعـــل النفس باردة و يبعدها عن أعمال الصلاح والبر ،
و النوع الأوسط من المعرفة : يلهـــب النفس و يدفعها
لحرارة السير بدرجة الإيمـان ،
و النوع الثــــالث : هو توقف النفس عــــن العمـــــــل ،
و هو مثال لما سيكون بعد القيامة ،
حيث تتنعم النفس بالأسرار المزمعة في الدهر
الآتي بهذيذ العقل .
و لكــــن
لأن الطبــــع الآن ما زال لم يرتفـــع بعــــد عن درجــــة المــــــــوت
و عن ثقل الجسد لكي يكون بكليته في تلك
الروحانية المرتفعة عن الرغبة ،
و لا يستطاع أن يتصــــرف بكمال لا عــوز فيه فــــــــــي
عـالم المــوت هـذا
و لا يتـــــرك طبيعة اللحم نهائيـاً ، إذ هو
الآن يحيـا فيه و يتغــــير متنقـــــلاً ،
فانه يكون :
فــي وقت هذه الحـال الروحـاني ،
فــي وقت هذه الحـال الروحـاني ،
وفي وقت كمسكين و معـــــــوز تتفاوض نفسه في
الرتبة الوسطى من المعرفة بالفضـائل
التي وضعـــت في
الطبــع للممــارسة
لأجـــــل طبيعــــــــــــة الجســـــــــــــد ،
وفي وقت مثل الذين حظوا بروح كنز البنوة بأسرار الحـرية تتنعــم بموهبة الـــروح
حسبما يشعر بإنعام المعطي المانح ،
ثم تعود أيضاً لمسكنة عالمها أعني الجسد الذي هي فيه .
و هي في و قت تتنعم بموهبــة الــــــــروح
لئلا لو اســـتمرت في حـــالة مســكنة الجســــــــــد
فإنه يســـبيها بالشـــهوة الموجـــودة في عالمـــــــه
فإنه يســـبيها بالشـــهوة الموجـــودة في عالمـــــــه
بحركاتـــــه التـــي تســـجس به و تجعـــله
متقــــــلباً
فطالما هي محصورة داخل حجاب اللحم فلا ثقة لها
إذ ليـــس في هذا العـــالم
عتــــق و حــرية كامــــلة ،
أما أعمال "الإيمان " فـــلا تعمــــل بالتعـــب بل تعمــــل
بالحـــــركات الروحـــــــــانية
بفعل النفس المجرد من إرادة الجسد
فهو فوق الحواس يكمل .
لأن الإيمــــــــان هو ألطف من المعـــــــــــرفة و أدق ،
وكما أن المعرفـــــة ألطف من الأعمال المحسوسة ،
و جميع القديســـــين الذين أهــــلوا للتدبير الروحــــاني ،
الذي هو الدهش بالله فإنهم يتدبرون بقــــوة الإيمـــــــان
و بنعيــــــــم التدبـــير الذي هـــــــــو فـــــوق الطبيعـــــة .
و قولي " الإيمان " :
لا أعني إيمان الإنسان بالاقانيم الأزلية
المسجود لها وخواص طبيعتها
و بالتدبـــير العجـــيب الذي حصـــل للبشــر بتجســده من
طبيعتنــــا ،
هـــــذه و إن كانـــت عظيمـــــــــــــة جـــــــداً ،
لكني
أعني " بالإيمان ":
النور الذي يشرق في النفس من النعمة و بشهادة
الضمير يثبت القلب
و يثــق بغير شــك مقتنعـــــاً بالرجــــاء البعيــــد عن جميـــع
الظنـــــون
الذي ليس من : التقليد و
سماع الآذان
و يري النفس بالعين الروحانيـة الأســرار
المخفيــة فيها ،
وغنى
اللاهوت المكتوم والمستتر عن أعين الجسدانيين
و يظهر بالروح للذين يتربون على مائدة المســـيح
بالهذيذ بناموسه حسبما قال :
"إن حفظهم وصاياي أرسل إليكم الباراقليط الذي لا
يستطيع العالم أن يقبله ،
و هو يظهر لكم كل الحق( يو 14 : 15 ، 16 ، 17) "
و هذا المعـــــــــزي : يظهر للإنسان القوة المقدسة
و قوة هذا الإيمان : تشــــتعل كل
أجـــــزاء النفــــــس كمـــا
مــــن حرارة النـــــــــار ،
و تجســر على
الأشــياء الخطـرة بثقتهـا بالله و اتكالهـا
عليــــه .
و بأعين الإيمــــان ترتفــــع عن دائـــــرة هــذه الخليقـــة المنظـــــورة ،
و يكون كالسكران على الدوام بدهش
الاهتمام بالله بالنظر البســيط ،
و بمفاهيــــم عن الطبيعة الإلهية غـــير
المنظـــورة ،
و ينتبــــه العقـــل لينظــــــــــــــر بالهــذيذ
خفيـــــة ،
و ذلك إلى أن يأتي بغتـــــة ذلك الذي هـــو كمال
الأسأرار و يؤهل لاستعلانه .
فليجعلنا المسيح مستحقين لها
ههنا
كعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــربون
و هناك بشكل حقيقي في ملكوت السماء مع جميع
محبيه .
آمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق