السبت، 27 أبريل 2013

الرتبة الأولى للمعرفة ـ ميامر مار اسحق ( الميمر الثامن ) ـ الجزء الثانى .


الميمر الثامن ( 4 )
الرتبة الأولى للمعرفة :
إذا كانت المعرفة مائلة لمحبة الجسد ،
                      فإنها تجمع هذه المدخرات التي هي :
                       الغني ، المجد الباطل ، الكرامة البشرية ، الصلف ، نياح الجسد ،

                       التحـــــايل في حفظــــه من الأشــــياء المضــــادة لطبيعتــــــــه ،
و هذا النوع من المعرفة يدعى معرفة سطحية لأنها مجردة من كل هذيذ الهي ،      
                             هي تدخــــــل إلى العقــــل ضعفــــــاًً لا يعــــبر عنـــــه  ،
                             لأجل تمســـكها بالجسد و كل اهتماماتهـا بهـذا العالم ،
و هذا النوع من المعرفة لا يصـــدق أن ثـــــم قـــــوة معقــــــــولة ( أي روحيـــة )
                           و مدبراً خفيـــاً و عناية إلهية       تهتـم بالإنســان و تحفـظه ،
 بل كـــــــــل الخـــــير الذي يكـــــون للإنســــــــــان   و   كل صـــلاح يحـــــدث لـــه ،
                         و نجاتــــــه من المؤذيـــــــــات   و  حفظه من العـوارض الصعبـة
                         و المعاكســـات الكثيــــرة التي من الطبيعة الظاهر و الخفيــــــة
التــــــي يظـــــن أن: النجاة منها يكون من حرص الإنسان و حيله و حسن سياسته .

  إن هذا النوع من المعرفة  : 

  يناسب قول أولئك الذين يعتقدون أن :
   ليس مدبر يســوس هذه المنظورات ،

 لهذا لا يمكنها التخلي عن  : الهــــــــــم  و  الخوف من أجل الجسـد ،

و لأجل هــــذا  : فصغـــــــــر النفـــــــس   و  الكآبــــة و قطـع الرجـاء ،

                    و الخوف من الشياطين ، و  الرعــــب من النـــــــاس ،

                    و أخبــــار اللصـــــــوص ،  و  أخبـــــــــــار المــــــــوت ،

و الجــزع مـــن : الدبـيب  ، و الوحــوش ،  و  الوبـــــــاء و الأمــــــراض ،                   

                    و الاهتمــــام بالاحتياجــــات الطبيعيــة من القــــــوت ،

                   و الرعـــب مـن المــــوت و  ما يشــــــابه هـــــــــــذه

 تكـــون مثـــل أمواج البحر تضرب و تسجس في كل أوقات الليل و النهار  ،

                   و لا تعــرف أن تلقـي همهـــا علي الله بثقــة الإيمـان بـه

 و من أجـــل هـــــــــذا تستعمل الحيل  و  التصنــع في جميــــــــع تدابـــــيرها ،

 و إذا لـم تنجـح حيلهـا لأي سبب و مع عدم إدراكها للسياسة الإلهيـة الخفية ،

فإنها : تخاصـــم النـــاس و تعــــاديهم كمعــوقين و مـــؤذين و باغــضين لهـــــا .

                    و بهذا النوع من المعرفة ترتبط شجرة معرفة الخير و الشــــر .

إن هذا النوع من المعرفة يستأصل الحب ، و يفحــــص عيـــــــــوب النـاس الصغـيرة
                  و زلاتهم و عجزهم ،و يثير المجادلات و يكثر الكلام و التصنع و المكر ،
                  و موجــود في هــذا الصنـــف  كل الحيــل التي تعيــب الإنســــــان ،
    مثل التكــبر و العظمــــة ، و الافتخــــــار ، 

                        و يرجع لذاته كل ما هو لسلامته و ليس الله .

أما الإيمان فينسب كل أعماله لله و لأجل هذا لا يمكنه أن يتعظم 
                        حسب قول الرسول :  " على كل أمر أستطيع بقوة " . ( في 13:4) 
                                                 " و ليـس أنا بل إنعـامه معــي "  ( اكو 10:15 ) 
أما قول الرســــول :  " إن المعـرفة ينفـــــــــــــخ " ( اكو 1:8 ) 
                          فعن المعرفة غير الممتزجــــــة بالإيمان و الثقـــــــــــــة بالله  ،
                          و ليس عن المعرفـة الحقيقيــة ،حاشــاً و كلا أن يكـــون ذلك ،
                              لأن     المعـــرفة الحقيقيــة تكمــل نفـــوس من وجـدوها ،
                          كموسى و داود و اشعياء و بطرس و بولس و باقي القديسين
                         الذي أهلوا للمعرفة الكاملة حسب قدرة الطبيعة.

فإنهم كانوا مفعمين بالمناظــــر و الاســتعلانات الإلهيــــــــة
و النظرة المتعاليـــة بالروحانيات و الأسرار التي لا ينطق بها ،
تلك كانـــت تبتلــع معرفتهــــــم عــــلى الـــــــدوام ،
و بالقياس لهذه تكون أنفسهم عندهم تراب و رماد .

أما المعـــــــرفة الأخــــــرى فبالضــــــرورة تنفـــــــخ
                  لأنها سائرة في الظلام  ، و تقيس أمورها بالأرضيات ،
                  و لا تعـــــلم أن ثــــــم شـــــــــيئاً آخـــــــر أفضــــــــل .

و من يتبعونهـا فهـــم يزنــــون تدبيرهـــــم بما يضــــاهي العظمـــــــة و الأرضيــــــــــات
                 و أمور الجسد ، و يركزون على العمل ، و لا تقنع عقولهم إلا بما تدركه .

عن أولئك الذين يهدسون بأمواج لجة إشعاعات اللاهوت الممجـــــد
                    و اهتمـامهم بمـــــــا فـــــــي العــــــــــــــــــــــــــلا .
لا تميل أفكارهم ليهدســـــــــــــوا بخرافــــــات و أفكـــــار باطــــــــلة ،
                     لأن الســــائرين في النــــــــور لا يمكنهم أن يضلوا
و لأجل هـــــــذا فكل الذين تجردوا من نـــــــــــور معرفـــــة ابن الله
                   يزوغون عن الحــق و يسيروا في ذاك الســـــــــــبيل .

 هــــذه هي المرتبة الأولى مـــــــــــــن المعـرفة إذا ما تبعــت محبة الجسـد ، 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق