أقوال الآباء فى السكون
+
مُكرَّمٌ أيضاً و محبوب هو تدبير السكون ليس عنـــد الآبـــاء المتوحــدين فقط ،
و تعرف هذا مما قاله القديس باسيليوس و يوحنـا ذهبي
الفم :
إن الإخوة الحبساء لا يُسمُّون متوحــــدين و صديقين
كاملين فقط ، بل و شهداء عظاماً .
كذلك لما أراد القديس اغريغوريوس أن يعرِّف أخاه
أنه بدون
الصمت و السكون و الحبس لا يُستطاع أن يتكلَّل (بإكليل البر ) ، قال :
« إنَّ ســياجك إن تشـــاء هو بســـتان غنــى الـــــروح
و موضع المصاف (أي الجهاد) الذي تُضفّر فيه
الأكاليل » .
أعني أنه مثلما تُجمع الأزهار بعناية داخل سياجات
البساتين و الجُنيْنات ،
لكي تُضــتفر منهـا أكاليـــــل ،
هكذا أيضاً يمكنك أن تجمع أزاهير الفضائل و تُضفِّر منها أكاليل البر :
إذا سكنت في الهدوء و أحاط بك سياجٌ خارج قلايتك ،
و داومـــــت الأعمال المرضية لله فهذا هو معنى قوله :
" إن سياجك إن شئت هو غنى الروح " .
+ وقال أحد الآباء أيضاً :
إني ما وجدت غبطة في الفضائل كمثل أن :
يهــــدِّئ الإنسان ذاته من جميع الأعمال
و يصمت عن كل مفاوضــــــة و حــــديث ،
و كمالها ( يعني الغبطة ) هو مخفي عن معرفة الناطقين .
+ و فيلسوف آخر قال :
« لا ينبغي
للإنسان محب الســـكــون أن يصمــت و يهـــدأ فقــط ،
بل و ليصنـــع جهـــــاداً مـــع أفكاره , و يقمــــع آلامــــــــــــــــــه ،
و هكذا سريعاً يبلغ إلى نقاوة القـب , و يكــــــون مسكناً
للحكمة » .
+ احتراس الجسد و إفـــراز الأفكــــــــــــار يقنــــــــــي الفكــــر عفـــــــة
نقيـــــة .
و حفــظ الحواس و ترتيب الأعضاء حسناً يولِّـــــــــــد حيـــــــاءً و استحياء الأفكار ،
و ضمــــــيراً نقيـــــــاً من غــير جهـــاد .
أما عدم الاحـــــــــتراس
أما عدم الاحـــــــــتراس
والقـــرب مــن النـــــاس والأمــــــــور فقد ولَّد للشيوخ العمّالين الأعفّاء أفكارَ
الشبان
و أقامهـم في قتال الصــبوة (أي الشـهوة) .
كما أن الطياشة وعدم الانقباض تصوِّب (أو تسهِّل)
للإنسان ســقوطاً على الــــــدوام .
وإن لم ينهمك في الشيء لعدم توفر سبب السقطة
فهي (أي الطياشة) تُقنيه عقلاً مضطرباً كل وقت،
وتُبعد عنه هدوء القلــب و سكونه .
+
السكون يساعد على الاحتراس :
كذلك ينبغي للمتوحد أن يكون له احتراس لا من الأفكار فقط ، بل وبالأكثر من الأفعال .
فيجـــب أن يحـترس من الدِّنو إلى جســـد
إنســــان بالكليـــة لأي أمـــر من الأمــور ،
و أن لا
ينظر ســرير علمــاني ، لئلا نضيِّع هذا الزمـان الذي أُعطى لنا لفلاحـة الحيـاة .
و عند موتنا نطلب
زماناً للتوبة .
+ الذي يحـــب السكــــون ينبغـــي له أن يهــــــرب مــن كـــل محـــــــادثة ؛
لأنه ليس شيء يرخي نشــاط الضمير و يُكثر البـرودة في
الفكــر نحــو الله ،
مثل الأحــــاديث الباطـــلة و دوام الكـــــلام الفــــــارغ
و السِّـــير الخَرِفـــة ،
فهذه تُبطِل من النفس تماماً الاشتياق لله و محبة
سيرة الوحدة المقدسة .
فاعتفِ من هذه (المحادثات الباطلة) بكل قوتك ،
و امض ونم في البطالة ، أو طُف باطلاً (أي بلا عمل)
في الجبل و أنت وحدك ،
و لا تذكر شيئاً سمعته منها , و لا تعوِّد ذاتك القرب
و الدنو من المعتـــادين بها ،
(أي بهذه الأحاديث الباطلة) ؛ و عند ذلك تعــرف :
كم تنفـع البطــــــــــــــالة مع
الوحــــــــــــــــــدة ،
أكــثر من الاستمـــــــاع
للأمـــــــــور البـــــــاطلة .
لأن الإنســان إذا انقبض من مفاوضــــــة النــــاس ،
رجع إلى ذاته وإلى تقويــم سيرته حسناً قدام الله .
+ متوحد هادئ متواضع معترف بعجزه مع التخــلف عن تكميـــل قوانـــين الســـــيرة ،
هــو أفضــل ممـــن يقوم بتكميلها بحياة منحلة و إطلاق اللسان و تسيُّب الحواس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق