4 ـ الحبس فى القلاية
حث على الوحدة والتجلد فيها :
+ إذ كان الفاضــــــــــــــــــــــل فى العشرة ..
فالعــــــــــــــــــــــــــــــــــــابد فى الوحدة .
إن الطـــــــــــــــــــــــــــــــائر يسـرع إلى و كره من كل مكـان ليفــرخ ..
و الراهب الحكيم ذو الإفراز يبـادر إلى قلايته ليضع فيها ثمر الحياة ..
+ كمـــــا أن : بجلوس الطـير على البيض يســــخن و يصنع فراريج السلام
– هكــــــذا أيضـــاً المتوحــــد ما دام فى سـكون القــلاية ،
هـــــــــو مثــــل البيضـــة و النعمـــة تحـــــــل عليـــــه و تحـــوم مثــــل الأم ..
و بالحـب الإلهي يســـخن و يحـــــــتر بالــــــــــــروح ...
+ اما الذي يبعـد نفســـه بإرادتــــه من تحـــت النعمـــــة
و يطيش و يتشـتت بالدوران فإنه يـبرد و يرذل ..
+أصعب الجهاد هو الصبر على الوحدة و الرضا بما يدبره الله ..
+ إعـدد نفسـك للجهاد مع الالام و الشـــــياطين ..
و لا تضجــــــــر إذ ما انضربت و أخذت الجراح
فى وجهك فى كل مدة مجاهــــدتك ..
و لا تهــــــــرب مــن قلايتـــــــــك كمغـــــــــــــلوب ..
بل انتظـــــــــر بالصـبر و الرجاء الحقيقــي الغلبـة
التى يعطيك إياها ربنــا فى السـكون
من بعــد مـــدة جهـــادك ..
+إن العــــــــدو – أكــــــثر مــن كــــــــل شـــــــــــــيئ –
يتحيل أن يخرجــــــك من قلايتــــــــــك
لإجـــــــل قلة صبرك فى وقت المعركة ..
+ و لإجل أن الشيطان :
دفعة واحدة قاتلك بالضجـــــــــــر و غلبك و أخرجك من قلايتك كفاشل -
هو أيضــــاً خارج قلايتك يقهرك و يعوقك و يعطلك عن عمل كل صلاح ..
فوائد الحبس فى القلاية :
++ إعلم أيها المتوحد أنك :
من حين تحبس فى قلايتك للتنعم بمحبة ربنا و لتكميــــل وصــاياه
ـــ تعطى لك قــوة لحفــــــــظ بعــض الوصــــايا التى تشــاء عملهــــا ــ
+ و عن الوصايا الأخرى التى لا يمكنك عملها أجـرك محفوظ عنــد اللــه
لإجـــــــــــــــــــــــــــــــل حـــزنك على عدم عملها و عـــدم اقتنـــــــائها ..
++ و إعلم أنك فى قلايتــــك يمكنــــك ان تعمــــــــــــــــــــل بالوصــــــــــــــــايا ..
و أما خـــــــارج القــلاية فــــــلولا هذه الإرادة لمحبـــة الفضيلة تثبت فيــك
إذ تشتتها المحادثات البشـرية و اضطـراب الاعمال ..
++ الجسد المنفرد يصــلح لعمل الفضيلة ..
إذ أن منـــــــه يقتنــــى ذهـــن مجمــــــوع
و ضمير هـــــــــــــــــــادئ
و أفكـار غير مضطــــــــربة
بمناظــــــــــر العالـــــــــــم ..
++ الوحـــــــــدة تشركنا مــــع العقل الإلهى ..
و نقاوة الضمير تدنينـا فـــي أسرع وقـــت ..
++ إعلم أيهـــا الأخ :
إننــا لهذا السبب ينبغى أن نكــــــون داخــل القــــــــــــــــلاية ..
و هــــــــــو لكى لا نعــــلم بأمـــور النـــــــــاس الرديئة ..
بــــــــــــــل يكون كل البشر فى أعيننا صالحين وأفاضل ..
++ ينبغى لنا جداً الجلوس وحدنا
لكى نبكى و ننوح على أيامنا جازت فارغة و اضمحلت باطلة ..
التى و ليس أحــــد ينفعنا فى وقت الموت لا أخوة ولا أصدقاء ..
++ ان لم تســتطيع ان تكـون مثلنــــــا
اجلس فى قلايتك و ابكي على خطاياك ..
هكذا قال السائحان للقديس مقاريوس
لاجل تجربة حــــروب الشـــــــــياطين
اجلس فى قلايتـك فى الســـــــــــــكون ..
+ الصلاة يتقدمها الخلوة .. تكون الصلاة بالقلب المنفـــــــــرد
ـ أي بالخلـــــــــــــوة و الانفـــــــــــراد لأجـل الصــــــــــــلاة ـ
لكى ما يكـــون لنا بالوحـــدة مكــــــان نتحدث فيه مع الله ..
+ و أيضاً يتقـــــــــدم الخلوة رفـــــض العـــــــــــالم ..
و إن لـــــــــــــــــــم يتــرك الإنسان العــــــــــــــالم ،
و يتعــــرى من كـل مـا له ما يقدر أن يتوحـــــــد ،
+ إن لم يبغض العالم ما يصبر على عدم مفاوضتـه و نياحه ..
و لا يقدر أن يختار له موضعاً موحشــاً
خالياً من الســــــــــــــكون ..
مضار طياشة الجسد
+ إن طياشة الجسد
تفك لجــــــام الحــــــواس و تطلقهــــــا من رباطهــــا
بعد إن كانـــــــت خاضعـــــــــــــة منقبضـــــــــــــــــة ..
و إن سالت وقلت : ماذا يحدث الآن من هذا الأمـــر ؟
أجبتك :
أن من ههنــــا تأتى أمـــــــــور شــــــــــــــنيعة
لم تخطر على بال تقـــرب أمكنـــة الزلل و الســـــقوط ..
و مصـــــــــــــــــــادمة ملاقـــــــــــــــاة ســـــــــــمجة ..
و لهيب العيون الكائن من النظر المسئول على الجسم
و الجامع فى القـــــــلب زلات ســـــهله بالفــــــــــــكر ...
و أفكار غير ممكن انضباطها مسرعه نحو الســــقوط ...
و فتــور الاشـتياق إلى أعمـال الله عـز وجل ...
و الاســترخاء قليــلاً فى إفــراز الســــــكون
و فى استيفاء القــــانون بالكمــــــــــــــــال
و تجـديد الشـرور القديمـة التى نســـيت .
و تعلم أشياء أخرى لم يكن الانسان يعرفها
من أصنـــاف المناظــــــــــر و الســــــماعات
التى تلــــم بــــه دائمـــــاً من غـير إرادتــــه
بسبب انتقاله من موضوع الى موضـــــــوع ..
+ فالأولى بنا جداً ألا نتزعــزع من مكان ســكوننا
و ننزل الى حيث تتوجه لنا العــوارض بســــهوله
و لا نصلح لنا أسباباً و حججاً كي نخرج من البرية ..
لان هذه مكيدة المحتـــال ظـــاهرة ..
قوانين الحبس فى القلاية :
+ لست أقول هذا عن :
الــــذين يمســـــكون الســــــكون بالاســـــــــــــم
و لهــــم من يدخــل اليهم و يخــرج كل يــــوم .
+ بل عـــــن الذيــــــن يســــدون بابهـــــــــــــم
و لا يفتحـونه من يــوم الأحــد الى يوم الأحــــد ..
و ما لهـــم مـــع احـــد حديــث و لا مفاوضـــــه ..
و لا يصـــــــادقون و لا يلاقــــــــــــــــون أحــــــد ..
و لا يحضرون الأعياد و الكنائس حيث الجماعات ..
ثبات داخل القلاية ..
+ و من غـــــير ضـــــرورة لا يخــــــــرج منهــــــا ..
ما خلا للصـلاة أو التنـاول من الأسـرار يوم الأحـد
أو لأمـر ضــــــــــــــــــروري للجميـــــــــــــــــــــــــع ..
+ و لا يفسح لأحد من الناس أن يعــبر إليـه ..
و لا تكــون قلايتـــــه مـــزاراً لكثـــــــــــــيرين ..
و إن أمكن و لا من الطـــاقة يتكلــم مع أحــد ..
ما خـــــلا مفاوضـــــــة شــــــــيخ واحـــــــــد
مشــــهود له بحســن الســــــــــــــــــــــــــــيرة
و معــــرفة عمـــــــــل الســــــــــــــــــــــكون ..
و معه فقط يتكلم لكى يتعلــم تدبير الواحـدة ..
+ و يكون مجتمعــاً الى ذاتـــــــه فى كل وقـــت ..
و يكــــون غــــير معروفـــــــــاً بين النــــــــــــاس
و لا مرتبطـــــاً مع أحـــــــــــد بمرافقـــــــــــــــــه ،
و لا يكــــــــون لــــه تعلــــــــــق بإنســــــــــــان ..
و يكون موضع سكناه هادئاً و يهرب من الناس ..
+ اظهـر للعــدو صـبرك فـــي الصغـار لئـلا يلتمــس منـك الكبـــــــار ..
+ لأن
من لا يطيـــع العــدو و لا يخـرج
من لا يطيـــع العــدو و لا يخـرج
من مكان سكونه و هدوئه و لا خمس خطـوات ـ
كيف يرضى أن يخرج من البرية أو يدنوا من قرية ؟!
ومن لا يتسامح أن يتطـلع من طاقة قلايته كيف يطيـــع ان يخـرج منهـــــــــــــــــــــــــــــــــــا ؟!!
الحبس فى نظام القديس مقاريوس
+ لأننا نعــــلم من الكتــاب الـذي وضعـــه القديــس مقــاريوس :
إنه بالكليـــة لا يخــــرج الأخ المبتــدئ من قلايته فى وسط الأسبوع
و لا يزور أحد أخاه أيضاً .
+ بل فى يوم الســبت
يخرجون من قلاليهـم وقت العشاء و يأتون الى المجمع و هم صيام ..
+ لان طــول السـنة صيفـــاً و شـتاءً كانوا يتقربــــون عشــية الســبت ..
و لما كان الاباء و الإخوة يخرجون كانوا ـ يقطعون عليه بحكم صعــب ..
و من بعد مــــــــا يتقربــــــــــــوا يدخـــــــــــــلون إلى المائــــــــــــــــدة ..
+ و من بعد الأكل يقفون للصلاة ليلة الأحد ساهرين بلا نوم العشية
الى باكر بخدمة المزامير و التسابيح و قراءة الكتب و تفاســــــيرها
و أســئلة الأخوة و أجــوبة الشـــيوخ و يترتبـون منهــم بالوعــــظ ..
+ و ما كانوا يعطون فسحة للشيطان و لا لأحد من الأخوة المنحلين
أن يتكلــــــــم كلمــــــــــة تجلــــــــــب خســــــــارة لأحـــــــــــد ..
و لا يثلـب أحـد رفيقــــــــه و لا أحـــــــــد يحــــــــــرك خصــومه ..
و لا أحـــد يجلب ذكــــــــر شـــيئ من العالم أو من سيرته البطالة
لكى لا يتــأذى أحـــد من الإخــــــوة الحريصـــــــــين ..
+ بل إن كان أحد يتأذى فى قلايتـــــه اما من ضجــر أو قتال ـ
عندمــــا كـــان يخرج الى المجمع كان ينتفع بمنـظر الابــاء
و يحــــــــتر بالغـــــــــــــــيرة كمـا بنـــــــــــار
عنــدما ينظر أعمال الاباء و يسمع كلامهم و يشاهد فضائلهـــم ..
فيـــــــــــتزود بمنفعة عظيــم و معــونة فى العمــل و الجهـــاد
فى حبسـه مما نظــر و ســـمع ..
+ و مع أن هذه المعونة كلها كانت تصير من اجتمـــــاعهم ليلة الأحـــــــد ـ
الا أنهم ما كانوا يفســحون للإخـــــــــوة أن يخرجــوا وسـط الأســبوع ..
+ و أما فى زماننا هذا العادم من الاستقامة
الذى بــــرد فيـــــه الحــــــب و الحـــــرارة و عــــدم التحفــظ ـ
ففى كل وقــــــــت نخرج الى المجمع نوسق خسارة ليست بقليلة
بســــــــــــــــــــبب كلامنا الباطـل و لا تكون فى صـلاتنا قــــوة ..
و إن كان فينـــــــا إخــوة حريصـين يتشــتت حرصـــهم طــــول الأسبوع
بســــــــــــــــــبب الكـلام الردئ الذى يسـمعونه من المعتـادين الانحـلال ..
معذور المتوحد اذا يفتح قلايته للطارقين :
+ فى أوقات كثيرة يتفق وسط ساعات النهـــار أنه :
لو أعطيت للمتوحد مملكـة الأرض
ما يطيـــع أن يخــــــــرج مــــــن قلايتــــــــــه فى تـــــلك الســــــــــاعة ..
و لا يرى أن يدق له أحد .. لانه قد اتفق له وقت التجارة والريح بغته ..
فلا يلم أحد المتوحد فى الأيام التى يمســك فيهـــــا قانـــون الحبــــــس
+ إذ مـــــــــا تعطــــــل عـــن الصــــــــلاة الجامعــــــــــة ..
و إذ اتفــق أن يأتيــه إنسان و يــدق بابه و لا يجيبـه ـ
فليرجـــــع مـــن ســــــــاعته و لا يلــــم أخــــــــــــاه ..
لانــــــــــه ما يعــــرف فى أي أمـــر هــــــو فى تلك الســاعة ..
لان قلاية المتوحد هى مغارة الصوان ـ حسب قول أبائنا ـ
حيـــث تكلــــــــــــم اللـــــــــــــــــه مــــع موســــــــى ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق