الاثنين، 9 يونيو 2014

السكون عند مار اسحق ـ قداسة البابا شنودة ـ كيف يحفظ السكون ( 5 ) بعد السكن.




5 ـ بعد السكن 



للبعد عن أسباب الخطية :


+ صعب هو جداً و خطر بالحقيقة الجهاد الذي يكون بواسطة الأمور
ـ و لو كان المحارب فاتكاً و شجاعاً جداً . لان الأمــور اذا ما كانـــــت
قريبة من الإنسـان حركــت عليــه القتــال من غير معاندة الأعـــداء .
و الخــوف و الرعــب لاصقـــان به . و السـقطة ســــهله عليـــــــــه.

+ و على الــــدوام :
  للعدو عليه سبيل فى كل وقت يضطجع فيه أو يعرض له إهمال قليل ..

+ لان الانســـــــان هـــــــــو يجـــــــــلب لذاتـــــه الحـــــــــــــــــــــرب
  بمجــــــــــــــاذبة الاشـــياء الموضـــوعة تجــــاه حــــواس الجســـد ..

+ و لهـذا لما عرف القديسـون القدمــاء الذيـن ســــــاروا فى
  هـــــــذا الطريق أنه ليس فى كل وقت يكـون العقل فى صحـــة
 و يقدر أن يثبت فى رتبــــة عــدم الميــالة محتفظـــــاً بذاته ...
 لهــــــــــذا بحكمة تمـيز الأباء و تسلحوا بالتجرد مثل ترس لانه يُعتق
 من جهادات كثيـرة وينجى .. و لذلك هربوا الى البراري و القفار.
 حيث لا توجد الأمور التى هى أسباب السقطة غير موجــــــودة ..
و لهــــــــــــذا استطاع كل واحد منهم أن يكمل جهاده فى السكون ..
 حيـــــــــــــث لــــم تجـــــد الحــــــواس فرصـــــه لتكــــــون خصومــــاً
              فى الجهـــــــــــاد بمصــــادمة الأشـياء المؤذيـــــــــــــة ..

+ كم مــــن نفـــع  و معـــــونة يحـــــدث للــــذي هــو وحــــده ...
  و لو أنه كــــــل يــــــــــــــوم يسقط مـــــن الضغــــط بالأفكـــــار
  الا   انه كــــــل يــــــــــــــوم  ينهـــض ويقـــــوم ..
 ولــــــــذا كــــــل يــــــــــــــوم  يتغلب كل يوم يندم ..

+ إن الانسان ـ من انفصــــــــاله عــــن العــــــالم و عـــن أمــــــوره ـ
  ينسى سريعاً عوائده الأولى و ما يتعـب فيما بعـد عنه زماناً طـويلاً ..

+ اما القرب من العالم و من أسبابه فانه يرضى بسرعة فكر المرء ..
   لأن  أســــباب الاســــــترخاء اذ ما بعـــــــدت عــــن الإنســـــــــان
  لـــــن يتكبــــــد مشـــــقه كثــــــيرة فى القتـــــــال المتضــــــــــــاعف
  أعني الـــــذي من داخـــــــل و الـــــــذي من خــــــــــــــــــــــــارج ..
  إذ ما نغلب بالفكـــر ـ و كان الشيئ قرب ـ ســقط أيضــاً بالفعــــل ..

للبعد عن العالم و الناس .
+ ما نقـــــــدر إن ســـكنا مع كثيـــرين الا نلقـى إنســــــاناً
  هذا المتوحد الذى جعل مسكنه خارجاً عن مناظر العــالم ..
  و طلبه فرديه له فى صلاته ـ  شـــهوة العــــالم الجــــديد ..
  لا يعيـــش مع النـــــاس لأنــــه لم يعـــد يعــرف لغتهـــم ..
  لانه قد أهل للغة الملائكـــة و بهــــا يرتـــــل خفيـــــــــــاً ..

للسكون من الأفكار :
+ كما إنه لا يمكن أن تنقى نظرة القائم إلى جانب الدخان
  إلا إذا ابتعــــد عـــن المكــــــان و فـــــــــر من هنـــــاك ...
  هكذا لا يمكن أن نقتنى نقاوة القلب و السكون من الأفكار
  بدون الوحـــــدة المبتعــــدة عـــن دخـــان هــــذا العــــالم
  الذي يبخــــر قـــدام الحـــواس و يغــشى عينـي النفــس .

+ إن كنــا في ســـكن النــــاس أفكــار النـــاس تحــدث لنـا ..
و إن كنـا في القفـــــــــــــــر  أفكــار القفــــر تحــــدث لنـا ..
ما هـــــي أفكــــار القفــــــــــر إلا حركات تخرج من قلب مائت ؟!

+ البريـــة القفــرة ـ لأجــــــل الهـــــــــــــــــــــدوء الـــــذي فيهــــــــــــــــا ـ
  تتقــــــــــــــــــى ميتــوتة القــــلب و تخضــــع العقـــل و تخلطـــه بالله  
 لأجــــــــــــــــــل الشـخوص و النظـــر الدائــم إليه ضرورة ليلاً و نهـاراً ..

+ لأن نظر القفر بالطبع يميت من القلب الحركات العالمية
                    و يجمعه من تواتــر الأفكــــــــــــــــار ..

+ و إذ كنا بحركاتنا موتـى عن العــــــــالم
  فلا يمكن إلا أن نتحرك بالله بالضــرورة ..

+ لأن   ســـــكون الحـركات العالميــــــة
  يعطى   فسـحة و موضعاً للتحرك بالله ..

+  بحســـــب موضوع تصـــــــــرفك تنقص أو تكـــثر أفكــــــــــــــــــــــــــــــــارك ..
   كــــــــــــل الآبـــاء القديســـــــــين مــن أجـــل إنقــاص المجاهــدة مع الأفكــــار
  ـ الذي هــو القيـــــــــــــــــــــــــــام مـن الســــــــقوط فـــــــي الطياشـــــــــــــــة ـ
  جعلـــــــــوا مساكنهم في المواضع التي تســـــبب نقــص الأفكـــــار لا كثرتهــا ..

+ و إن كنت تقول ليست لي مقـــدرة على الحبس دائماً بلا انقطــــــــــاع ..
                  و لا على البعـد الكلي عــن العالم بالسـكن المنفـــــــرد ..
   فإن كان هــذا هو حالك يا أخي فلا تطلب الشيء الذي ما يحظى بوجـــوده
                                          إلا المنتصر فوق بما يفوق العالم
  الذي هـــــــــو السكون من تواتر الأفكــــار .. و قيام العقل دائماً بالله ..
 
+ إعلم أنه :
   حيـــــــــث تعدم انس الناس ببعدك و تفردك عن المســــكونة ـ
             بعـزاءات متـواترة  يفتقـدك الله في جميع أحـزانك ،
  و تحــــس هـــــذا الفعــــــل فــــــي نفســــــــــــــك ..
  ليس يهمل إلهنا الصالح الطيب من ــ لأجل اســــمه ــ  يزدرى
            و يــــــترك الآبـــــاء و البــــلد القفـر و البــــراري ..  
  سبى العقل و ابتلع بمحبة ذلك الذي أحبه .. وصلى فوجد ..

+ إنتهـت من فكره  كــــل الأمـــــــور الأرضيــــــة ..
و  صــــار متوحشاً عـــــن المفاوضــة البشـــــرية ..
و  نسى قصـــــــد هــــذا العـــــــالم و عـــــــزاءاته ..

+ بمقدار ما يكون للإنسان عزاء بشـــــــــــرى أو من جهة شيء من المنظورات
          فــــــــــــــــــــإن عزاء المنظر الإلهية لا يتوجه إليه إلا لأجل سياسة ما لأجل الجماعة ..

+ واحد من الآبـــــــــــــــاء : يشــــهد بهــــــــــذا
  أنــــــه توسل و تضرع من باب هذا العـــــــزاء
  فسمع  " يجـزيك للعـــــزاء مفاوضـــــة النــاس "

+ و آخـر كان بهذه الصفة ..
   فعندمــــــا كان منفرداً و متصرفاً تصرف المتوحــــــــدين
             كان يتمتع بهذا العزاء من النعمة كل ســــــاعة ..  
  و لمــــــــا اقترب من العالم التمس على العادة المألوفة فلم يلقه ..
             فابتهــل إلى اللــــه أن يـــــــــــدله على العــــــــــــــلة
  قائـــــــلاً : أترى نعمتك يأرب انصرفت عنى لأجل الأسقفية ؟!
  فقيل له : لا بل في ذاك الوقت كانت برية و كنت اهتـــم بك ..

+ فنقـــــــــــول إنه لا يمكن أن يشترك العزاء الروحــاني مع العــزاء الجــســــــــداني ..
 و لا يتوجـــه الى أحـــــــــد من الناس إلا لســــــــياسة من السياسات المتقدم ذكرها .




الرجوع للصفحة الرئيسية للسكون عند ماراسحق . قداسة البابا شنودة الثالث.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق