الثلاثاء، 16 فبراير 2016

17- انطلق من ذاتك ــ كتاب انطلاق الـروح

17- انطلق من ذاتك ــ كتاب انطلاق الروح

إن كنـــــــت ما تـــزال تهتم بفكـــرة النـــاس عنــك ، 
وتتخذ كافة السب ليحسن رأيهم فيـــك ،
فمن الصعب أن تصــــل إلي ســــمو أنطلق الروح ..

في بعض الأحيـــــآن لا يمدحــــك النــــاس،
أو يكون مديحهم لك أقل من مديحهم لغيرك .

فبدلا من أن تسر وتبتهج ،
لأن شـــيطان المجــــد البــــاطل نائم عنــــك ولـــو إلي حـــــين ،
أراك تسعي إلي أتعاب نفسك فتجلس إلي الناس تتسول مديحهم ،
بطريقة لا تتفق مع كرامتك كابن لله، وهكذا تحدثهم عن نفسك..


فهل تسمح لي يا أخي الحبيب أن أنافش معك الأمر بنفس ما اعتدناه قبلاً من صراحة :
1) لماذا تحدث الغير عن نفسك؟ أتريدهم أن يعجبوا بك ؟
  إليــــك إذن هذا الســـــؤال الصــــريح :
 هل أنت في أعماق ذاتك معجب بنفسك ؟
  لا شك أنك في حقيقتك متضــــايق من نقـــائص كثيرة محيــــطة بك ،
  لماذا تريد أذن أن يمجدوا شخصية أنت نفسك غير مقتنع بتمجيدها ؟


2) لو اعتمدنا فرضاً مبدأ الحديث عن النفس،
   فهل أنت تعطي صورة صادقة حقيقية عن نفسك؟
   أم أنت تذكر للناس النواحي البيضاء فقط، وتترك النقط البشعة الحقيرة التي تنفرهم منك؟
  ألا تعرف يا صديقي ان أنصاف الحقائق ليست كلها حقائق؟
  ألست تري أن إذن ان في حديثك عن نفسك شيئاً من الخداع والكذب
  وتقديم وجه واحد من صورة لها عيوبها –
   تلك العيوب التي تعرفها أنت جيداً والتي يعرفها معك أبوك الروحي؟


3) أنك تعرف بلا شك ان حديثك عن { فضائل } يضيع عليك أجرك .
   ولست أشك أنك قرأت العظة علي الجبل وسمعت فيها
  { لا تعـــــرف شــــــــمالك ما تفعــــــله يمينــــك }
  { فأبوك الذي يري في الخفاء هو يجازيك علانية }
  أنني مشفق عليك يا أخي الحبيب ،
  تجــــاهد طــــويلاً في ســـبيل فضيـــلة معينــة ،
  وفي لحطة طيش من لحظات البر الذاتي اللعين ،
  يأتي الشيطان ويســـلب كل جهـــادك مـنــــــك ،
  فإذا تعبك كله قد ضاع باطلاً .


 كلمـــا أراك تتحـــدث عـــــن نفســـك ،
 يخيـــل إلي أنك شخص زرعت زرعاً ،
 فلما أنماه الله وأتي ثمرة، بدلاً من ان تحصده وتفرح به
أشغلت فيه النار، أو تركت الشيطان يحصده نيابة عنك !
 


يا صديقي العزيز،
كلما أحسست رغبة في التحدث عن نفسك ،
دع ذلك القــول الإلهـــي يرون في أذنيـــك ،
{ الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم }
                                   { مت2:6 }.


4) هناك ضرر آخر من حديثك عن نفسك ربما توضحه لك الحادثة الآتية:
   كنت أحدي المناسبات أتكلم في حماسة وإعجاب عن شخص مبارك أحبه وأقدره
  { فقاطعني أحد أساتذتي الروحيين قائلاً } :
  " أرجـــــوك، لا تكمــــــل هذا الكــــــلام  .
  أنك بهذا الحديث تجمع الشياطين حوله لتحاربه .
  أتركه يعمل في هدوء .
  أنه ما يزال مبتدئاً وفي حاجة إلي صلوات كثيرة".


 فسكتّ وقد شعرت فعلا أنني أخطأت في حق هذا الإنسان.
 الشياطين لا تطيق أن تســمع عن أعمــال طيبة لإنســان.


أن أتخذك الله وسيلة لعمل مَجيد ، فلتكن ذلك سراً بينك وبين الله.
 لا تتحدث عن هذا العمل لئلا تتعرض لحسد الشـــياطين وقتالهم .
 ولا يضيع أجرك فحسب ، وإنما قد تتعرض لحرب قاسية لا تعرف نتائجها .


5) أرأيــــت إذن بعضـــــاً من الضـــرر الذي يحيـــق بمن يتحــــدث عـــن نفســـه ؟
   أتستطيع أن تدلني – في مقابل ذلك – عن فائدة واحدة تجنبها من مديح لذاتك ؟
   لست أقصد :
تلك النزوة الحسية الخاطئة التي يشعر بها كل من يلمح نظرات الإعجاب موجهة إليه. .
   فهذه في حد ذاتها خطيئة تحتاج إلي علاج !!


هناك فائدة حقيقية أعرضها عليك :
إن ألح عليك الحديث عن نفسك الحاحـاً لم تســتطع له مقـــاومة ،
فحدث الناس عن ضعفك وعجزك ،
حدثهم عن نفسك الساقطة التي لولا معونة الله لأشبهت أهل سدوم ،
واطلب إليهم بإلحاح ان يصلوا من أجلك حتي يفقدك الله برحمته .


6) كلمة صريحة أخري . ترددت طويــلاً قبــــل أن أهمـــس بهـــا في أذنـــــك ،
   وهي أنه حتي الناس أنفسهم يشمئزون أحيانا ممن يتحدث كثيراً عن نفسه .
   أنهم يســـمونه أحيــــــاناً { المنتفخ } أو { المغرور } .
   وهكذا لا يكسب مثل هذا المادح لذاته سماءاً ولا أرضاً.


7) اخــــيراً :
   فإن تلك الأعمال التي تحاربك بالبر الذاتي ليست كلها من صنعك :
  هناك الظروف المحيطة ، والدور الذي قام به الآخـــرون ،
  والإمكانيــــــات التي منحــــــت لك مـــــــــن فـــــــــــوق .
   إنها تكون مبالغة بلا شك ان تنسب كل هذا إلى نفسك فقط ناسياً عمل الله فيك.
   أتراني ضايقتك بصراحتي يا أخي الحبيب ؟
   ســامح ضعــــــفي مصليـــــــاً من أجـــلي .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق