18- ذاتك أمام الله ــ كتاب انطلاق الروح
ومرة أخري يا أخي الحبيب :
أريد أن أحدثك عن ذاتك ، ذاتك التي تحبها وتثق بها أكثر من الله أحياناً .
أن لم تنكـــر هذه الـــذات فهيهــات ان تتمتــع بجمال إنطـــلاق الـــروح .
إن كانت المحبة هي الوصية الأولي في المسيحية ،
فان إنكار الذات هو الطريق الأول إلي المحبـــــة .
أنك لا تستطيع مطلقــــاً أن تحــــب الله والنــــاس ،
طالمـــــا أنت تهتــــــم بذاتــــك ولذاتـــك .
لذلك عليك أن تنطلق أولاً من هذه الذات ،
فقد قال السيد له المجد :
من أراد أن يتبعي فلينكر ذاته ويحمل صليبه ويتبعني { مر 34:8 }.
وهكذا جعل إنكار الذات أول كل شئ .
ليكن هدفك إذن يا أخي الحبيب :
هو أخفاء ذاتك في الله بحيث لا يكون لك وجود مستقبل عنه،
إن أردت أن يكون لك مجد، فلا يكن مجدك من الله وعند الله كرر هذه الآية دائماً :
{ مجدني أنت أيها الآب عن ذاتـــك } { يو5:17 }.
لا تبحث عن مجدك في العالميات { فالعالم يبيد وشهوته معه }
أما أنت فأبن الله، وأما أنت { فهيكل الله وروح الله حال فيك } ،
لست من دم ولا مشيئة جسد ولا مشيئة رجل بل من الله ولدت ،
وروحك نفخـــة من الله، نســـمة من فيـــه..
والله يريــدك أن تتحــد به ، تثبــــت فيـــه ،
لماذا يهمك رأي الناس فيك، فتسر بمديحهم .
وتدافع عن نفسك أن هاجموك، وتتسول رضاهم بحديثك عن نفسك؟
أما زالت نفسك تمثالا تقدم له الذبائح والقرابين – أنكر ذاتك، وركز محبتك كلها في الله وحده.
أتتهامس في تذمر وتقول : { لا أريد أن أنقص } .
أعلم إذن أنك سوف لا تنقص الا الشوائب التي تعكر نقاوة عنصرك ، سوف لا تنقص ألا المجـــد العـالمي،
هذا من وجهة علاقتك بالناس ،
ولكني أريد أن أخاطبك أيضاً من جهة نظرتك إلي نفسك وموقفـك أمام الله .
إن أردت لروحـــك ان تنطـــلق فقـف أمام الله كجـــاهل لا تعـــرف شـــيئاً .
لست اقصد أن تدعي الجهل أو تتظاهر به، فالله لا ينخدع ولا يحب المدعين ،
ليس أمام الناس فحسب، وإنما أمام نفسك أيضاً .
قل له يارب :
أني احكم حسب الظاهر،
قل له أيضاً أنم النتائج في يده وأطلب منه أن يتدخل فيرشدك، أو يسكن فيك ويعمل بك .
وعندما يأتي الناس ليمدحوك علي فعلك ، لا تفتخر ولا تتظاهر بالتواضع،
لولا أن الرب كان معنا، حين قام الناس علينا ، لابتلعونا ونحن أحياء..
إذن لغــــرقنــــا في المــــاء وجــــازت نفوســنا الســـيل } { مز123 } .
وعندما تعرض لك خطية، لا تثق بقوة روحك، ولا بماضيك في الانتصار
{ فقد طحت كثيرين جرحي وكل قتلاها أقوياء } { أم26:7 }.
إنما اعتقد أن النصرة من عند الله ،
{ وأنت عرفت سبيلي. في الطريق التي أسلك اخفـوا لي .
نظـــرت إلي اليمـــين وأبصـــرت وليــس من يعرفـــني .
ضــاع المهـــرب مني وليـــس من يســـأل عن نفســي .
فصرخت إليك يارب وقلت :
أنت هو ملجـــأي ورجـــائي في أرض الأحيــاء..
نجني من مضطهدي لأنهم قد اعتزوا أكثر مني } { مز 141 } .
يا أخي الحبيب .
أنك لســت شــيئاً ، فاعــترف بهــــذا أمــــام الله وأمـــــام نفســــــك،؟
وكلما فكرت أنك تستطيع عمل شئ، ارجع إلي ذاتك مرة أخري، وقل :
{ خر 11:3 }
فإن أقنعك الله بأنه :
ســـيكون لـك فمـــاً، وأنــه ســـيتكلم عـلي لســــانك ،
وأنك سوف لا تكون إلا أداة، حينئذ استمر في حياتك .
ان سرت في وداي ظل الموت فسوف لا تخاف شـراً ،
وان قـــام عليـــك جيــش ففي ذلك سـتكون مطمئنـاً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق