23- انطلق من حب التعليم ــ كتاب انطلاق الروح
حب التعليم خطر كبير..
ابتعد عنه يا أخي الحبيب حيثما وجد وأهرب منه علي قدر ما تستطيع..
أنك تريد أن تعلم الناس . ولكن أي شئ تريد أن تعلمهم ؟
ألست معي يا أخي العزير في أننا لم ننضج بعد ، ولم نتعلـــم بعــــد ؟
هناك أشياء نفهمها من وجهة نظر واحدة ،
فنسئ فهمها .
وعندما ندفع بأنفسنا لتعليم الناس ،
لا نعلمهم الدين كما هو وإنما كما نفهمه نحن ،
وفي سن معينة، ودرجة روحية وعقلية معينة.
وقد نكبر في السن والروح والعقل ،
ونفهم الدين فهما آخـــر غير فهمنـــا له اليـــوم ،
فماذا يكون من أمر الناس الذين علمناهم قبلاً ؟!
{ لا تكونوا معلمين كثيرين يا أخوتي . عالمين أننا نأخذ دينونة أعظم ،
لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعاً } { يع3: 1، 2 }.
وأحد الآباء وهو شيخ، يأتي إليه أخ ليأخذ تعليما فيقول له :
قصص كثيرة ، أقـــــــــرأها يا أخــــــي بنفســــــــــــك ،
وأنظر أي درس يعطيك الله عن طريقها .
ولي ملاحظة قبل أن اترك هذه النقطة وهي أن :
أمــــا ان الأب الشيخ كان في أثناء حديثه مع الأخوة، يتناول راهب ورقة ويدون ما يقوله الشيخ ،
هناك يا أخي الحبيب فرق شاسع جداً بين التعليم وحب التعليم :
أما حب التعليم : ففيه خطر كبير، في أحيان كثيرة يكون إحساس متنكـــــراً ..
مع حــــب التعليــم يأتي في كثير من الأحيان إحساس خفي أو ظـاهر ،
بالجــدارة الشخصية ، وبالامتيـــاز عن الآخــرين ،
وكلمــــا يتســـــــع عند الشخص نطاق التعليم كلما يكبر عنده هذا الإحساس ،
بل لينقد ويقيم من نفسه معلماً للمعلمين .
أنه لا يأخذ ابدأ، وإنما يعطي باســــتمرار،
ومثل هذا الشخص الذي لا يأخذ يأتي عليه وقت يجــف فيه ،
ولا يعد لديه شئ ليعطيه..
أما ألآباء فكانوا علي عكس هذا تماماً.
كانوا يتعلمون باستمرار ويأخذون نفعاً من كل شئ .
{ لا تستحي أن تخلع ثيابها لتستحم، أمام راهب }.
هؤلاء الآباء كانت أرواحهم تطوف كالنحلة النشيطة فتجني من كل زهرة شهداً!
هناك خطورة أخري في حب التعليم ،
ذكرني بها إنســـــان غيــور شـــغله التعــليم عن نفسه :
ويحترس في تصــرفاته لا لأنه يؤمــــن بما يفعـــله، وإنما لكي لا يعثر الآخرين .
ويجلس إلي النـــــــاس لا ليقتبس من أرواحهم شيئاً وإنما ليمتحن حديثهم { كأستاذ }
ثم يلقي بحكمة شارحاً الأوضاع السليمة . .
بل قال مرة أنه كان يقـــف للصــــلاة فإذا ما افتقـــده روح الله،
يقطع صلاته ويجلس ليسجل هذه الاختبــــارات ليعلم بها الناس ،
وأصبح التعليم عنده هو كل شئ.
همسة أخري أريد أن أهمسها في إذنك الحبيبة إلي قلبي وهي :
{ أي شئ ســــتعلمه للنـــــاس ؟ أهـــو الـــدين ؟
هل تظــــــــن الدين مجرد معلومات يملأ بها الإنسان عقله ؟ }.
أخشي ما أخشاه يا صديقي المجاهد : إن طريقة بعض الناس
ســتحول الــدين إلي علم يدرســونه ،
ويمتحنـــون فيـــه كســــائر العــلوم ،
وما الدين الا روح وحياة كما تعرف .
قلت له { حية هي روحك يا أخي الحبيب . أنك لا تعلم تلك النفوس وإنما تحبها} .
وهذه الأرواح التي تراها منطلقة حواليك ، لم تطلقهــا التعـــــاليم وإنما المحبــة ،
المحبة التي{ لا تسقط أبداً } لأنها الله..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق