24- انطلق من الشعور بالامتلاك ــ كتاب انطلاق الروح
كثيرون يدعـــون أنهـم أغنياء يملكون من قنية العالم أشياء كثيرة ،
أما أنت يا أخي الحبيب فقــد تخلــصت مــن الشــــعور بالامتـــلاك ،
منذ أيقنت أن الملكية تقيد روحك .
لقد جئت إلي العالم :
بلا شك فقيراً مثلي لا تملك فيه شيئاً عريــاناً خـــرجت من بطـــن أمـــــك .
وكل ما { امتلكته } في العالم بعد ذلك لم يكن في الواقع الا عطيــة من الله .
لم يكن ملكك وإنما أمانة وضعها الله في يدك لفترة محدودة هي فترة العمر،
فسيدعي ملكيتها غيراك .
انك لا تملك شيئاً إذن ، حتي ذاتك .
لم يكن لك ذات من قبل إذ لم يكن لك كيان أو وجود،
كنـــــت عــــــدما . ثــــــم خــــــلق اللــــه ذاتـــــــك.
وعندما سقطت وأصبحت هذه الذات ملكاً للموت والهلاك،
عــــاد الله واشـــــتراها بـــــــدمه وافتـــــــداها لنفســـــــه .
أنت إذن من كل ناحية لا تملك شـــيئاً حتي ذاتك ،
لذلك فالذي يخطئ إلي ذاته يخطئ إلي الله نفسه ، لأنه يفسد ملكاً لله،
ويفسد جسداً سر الله بعد أن امتلكه أن يجعله هيكلاً لروحه القدوس .
وبالمثل من يخطئ إلي الآخرين ،
فإنه مخطئ ضد الله نفسه عن طريق مباشر وغير مباشر.
وليس السبب في ذلك مخالفته لله فحسب، وإنما خطيئته أيضاً ضد كائنين هما ملك لله.
أن شعرت بهذا يا أخي الحبيب أدركت خطورة الخطية وضعها الدقيق ،
أما من جهة المقتنيات
فقد شرحنا كيف أنها جميعـــاً ليســـت ملكك وإنما هي عطيـــة من الله.
أنت مجرد إنسان استؤمن عليها ليدبرها بأمانة كما يليق بوكيل صالح.
وهذا التدبير سيسألك الله عنه عندما يقول أعطني حساب وكالتك { لو2:16 } .
{ من اجل هذا نجد ملكا غنيا جداً كداود } يري الأمور علي حقيقتها فيقول :
{ أما أنا فمسكين وفقير} { مز69 }
لم يكـــن فقــــيراً حســــب العـــرف البـــــشري الخاطئ ،
ولكنه حقاً لا يملك شيئا بحسب النظرة الروحية السليمة .
وينظرون إليه كأحد الأعمدة التي تقوم عليها حيـــاتهم الرهبـــــانية.
أنك لا تعطي من مالك شيئاً، وإنما أنت تعطي لخليقة الله من مال الله.
الأمر إذن لا يدعو إلي البر الذاتي أو إلي الفخر،
ولا يدعو أيضا أن تفكر في الابتعاد عن مدح الناس لك،
بأن تمدح نفسك بالتصدق تحت إمضاء { فاعل خير }
أعجبني متبرع قرات إمضاءه فإذا هو:
إن الكائن الوحيد الذي يتصدق من ماله علي الناس هو الله.] .
وهو لا يعدو أن يكون، كما قلنا موصلاً لنعمة الله إلي الآخرين ،
وما يقال عن الصدقة يقال عن باقي الأعمال الحسنة التي لا يمكن أن تعتبر فضلاً من احد.
كيف تقبل يا أخي ان يشكر الناس علي شئ لم تدفعه من عندك ،
إن كان المال مال الله ،
فكيف تشكر أنت عليه ، وكيف ترضى بقبول هذا الشكر؟!
أعط مجداً لله، وتوار ليظهر هو، فهو الذي عمل العمل كله.
أن الشعور بالامتلاك قيد يقيد روحك، ويشعرك بما ليس فيك حقيقة ،
فاهرب منه ليس إنكار لذاتك، وإنما اعترافا بحقيقتك وليكن الله معك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق