الاثنين، 17 يوليو 2017

النعمة بقدر التجربة ـ ميامر مار اسحق ( الميمر 21 ) الجزء الثالث

الميمر الحادى والعشرون  ( 3 )
النعمة بقدر التجربة :
                       إذا وجدت فى طريقك سلاماً دائماً ، حينئذ خف ،
                       لأنــــــــك بعيد عن السبل  المستقيمة العســـرة ،
                       الـــــــتي داستها أرجل القديســـين في نصــــب .


 بقدر ما تسير فى طريق الملكوت ، وتقترب من مدينة الله
ــ بقدر ما تظهـــــــر العـــــــــلامة –
وهى أن التجارب تحيق بك بقوة ،  وبمقدار مـا تنجح ( في التقـــــــــــــــــدم فــي الروحــانيات )
                                         بمقدار مـا تتوافر عليك التجارب بتوالى محن قوية متعددة .


فاعلم أن نفسك  ارتفــــــعت ارتفـــــــاعاً خفيـاً إلى منزلة عالية ،
وقـــــــد ازدادت فيهــــــا النعمـــــــــــــة عــــن ذى قبـــــــــــــل ،


لأن الله يدخل النفس إلى ضنك التجارب بحسـب عظم الموهبـــة ،
ولا أعنى بذلك التجارب العالمية الــــتي تكـــون لأجل إلجام الرذيلة والأمور الظاهرة ،
وأيضــــاً لا تظــــن أن هذه التجــــــارب هـــــي مخـــــــــــــــــــــــاوف جســـــــــــدية ،
                               بــــــــــــــــل هـــــي محن تليق بالرهبــــــان في الوحـــدة ،
                                                   وسنفصلها أخيراً ونتكــــلم في أنواعهـــا .


إن كـــانت نفس ضعيفة غير قادرة على مواجهـــــة التجارب الشديدة ،
والتمســت مـــــن اللــــــــــــــــــــه ألا يدخلهـــــــا فيها وسـمع لهــا .


فاعلم تماماً أنه بقدر عجزهـــا عن احتمـــــــــــــــال الضيقات الصعبة ،
هى أيضــاً ليست كفء  للظفــــــر العظيم بالمواهب والنعـــــــــــــــــم ،


وكما أنـــه منـع عنها الشدائد الهائلة  
هكــــــــذا تمنع عنها الفوائد الجليلة ،
لأن البــــــاري رأى بحسن حكمته التــــي لا يدركها الذين خلقهــــم ،
                  أن تكــون النعــــم بمقــدار المحـــــــــــــــــــــــــــن ،
               لا أن تكـــــــــــــون الموهبة عظيمة والتجربة ضعيفة ،
                 لأن هذه مرتبـــــة بمقـــدار تـــــــــــــــــــــــــــــــــلك .


إذا : فإنــــــــه من الصعوبات والضيقــــــات التي تحدث لك بحكمة من الله  تـدرك ،
ما تقبله نفسك من الكـــــرامة وعظم النعمة ، لأن العـــــــــــــــزاء هو بقدر الحزن .


فإن سألت قائلاً : كيف يكــون هذا ؟
أجبتك : إما أن تأتى  التجربة أولاً ، وبعد ذلك المواهب والنعم ،
        وإما أن تقبل النعمــــة أولاً ثم تعقبهــا التجــــــــــــــربة .


( وفى كلتا الحالتين )
لا تأتى التجربة قبل  أن تقبــــــل النفس في داخلها ( قوة روحية )
                        زيـــــــــــــــــــادة عن مستواها الســــــــابق ،
أو تقبـــــــــــل  أولاً روح كنز النبــــوة ،
والدليل على حقيقة هذا تجربة الرب ، وأيضاً تجارب  الرسل ،
لأنهم ما دخلوا فيها ( أي في التجارب ) قبل أن يقبلوا المعزي ( الروح القدس ) .


والـــــــذين يشتركون معهم في الخير ( أي في نوال المواهب  والنعم )
يليق بهــم أن يحتملوا المحن مثلهــم ، لأنه مع الخـــــــــــــير حـــزنه ،
لأن اللـــه الحكيــــم رأى أن يصنـــع هــكذا مع الكـــــــــــــــــــــــــــــل ،
          ولأن الأمر كان على هذا المثال ، أي النعمة قبــــل التجــربة ،
إلا أنـــــه لابد أن يتقدم الإحساس بالمحـن على الإحساس بالنعمـــــــــة
                                               لأجل اختبـــــار الحــــــــرية ،
          لأن النعمة لا تتقدم إلى أحد البتة قبـل أن يــــذوق التجـــارب .
فالنعمة إذا تتقـــــــــــــــــدم في العقــــــل ،
            وتبـــــــــــــــطئ في الحـــــس .


فالجدير بنا أن يكـــــــــون لنــــــــــا في أوقات المحن أمران متضادان لا يتشابهان ،
           ولا يضارع أحدهما الآخر في شـــــــــــيء وهمـا : الفـــرح والخــــوف .


  اما الفرح فلأنك وجدت سائراً فى الطـــريق التي وطأها محيي الكل وجميع القديسين ،
                                                   وهذا يتبــين لنـــا مــــن المــــــــــــــــحن .
وأما الخوف الذي ينبغى اقتنـــــــــاءه ، حرصاً ألا تكون تجربتنـــــا بسبب الكبريــــــاء ،
              لأن المتواضـعين يكونون حكماء من النعمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ،
قــــــادرين على إفراز هذه الأمور والعلم بها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق