الميمر الحادى والعشرون ( 2 )
استشارة المختبر :
لا تستشر مـــن لا يمــــــاثلك في ســـــــــيرتك ،
مســــاوياً لك في التدبـــــير ،
ولو كان حكيمــــــــــــــــــــــــــــــــــاً ،
بل استرشد بالأمى الذى جرب الأمور بالفعـــل ،
وشــاوره أكثر من الحكيـــــــم المتفلســـــــف ،
ذى البحث والنظر الخالى من التجربة العملية .
وما هى التجربة ( أى الخبرة ) ؟
أقول التجربة ليســــت مجابهــــة الإنســــان للأمـــور وفحصها دون إدراكها فى ذاته ،
بل التجــربة أن يحس بمنفعتها ، أو ضررها إحساساً واضحاً بسبب طول اختبـــــاره ،
فغالبــــــــــاً ما يكون أمر ما مؤذياً حسب الظـــــاهر ،
أمـــــــا في الباطـــن فتكـــون فيه كـــــــل منفعــــة ،
لأنـــــــــــه كم من مرة يكون ظاهر الأمور يدل على خسارة ،
وأمــــــــــا باطنها ففيه تجارة جليلة مملوءة من كل منفعـة ،
وعـــــــلى هذا القيـــاس بعينـــــــه يكـــــون العكـــــــــس ،
أعــنـــــي أن شيئاً ما يبدو مفعماً بالفائدة حســــب الظاهر ،
ولكـــــــن فى البــــــــــاطن فخســــــــارة وضـــــــــــــــرر ،
ولــــــذلك كثير من الناس تلحقهــــــــــم الخســــــــــــــارة ،
من أشياء تبــدو أنهــــا مملوءة ربحـــــــاً ،
لأن هؤلاء معرفتهـــــــم ليســــــــــــــت حقــــــــــــــــــــــاً ،
وليســــت مثل من عــــرف عن خـــبرة بالصبر والإفــراز .
ولأجل هذا لا تثق فى كل أحـــد ، وتقبـــــــــل مشـــورته ،
دون أن يكون قد دبر أمــــوره أولاً أحســــن تدبــــــــير ،
ونجح فى تحرير ذاته ، وله تجربة في كل أمــر ،
ولم يحـــــــــب ذاتــه ، وتحرر من الأمور الجالبة للعبودية ،
وهو لا يخـــاف مذمة ، ولا يخـــــــــــــــشى وقيعــــــــــــــة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق