الاثنين، 17 يوليو 2017

( 6 ) التجرد من العالمـيات ـ ميامر مار اسحق ( الميمر الرابع ) الجزء الثالث

الميمر الرابع  ( 6 )
التجــرد من العالمـــيات :
+ ســــؤال : بـــــأى وسيلة يقطع الراهـــــــــب   عـاداته القديمـــة ،
                ويعــود ذاته على العيش بالعوز ، والنسك طول حياته ؟
+ جـــواب :  الجسد لا يمكنه العيش بدون حاجـــــاته ،
                ولكـــن يمكن ضبطه بالعقل بالنسبة للغذاء .


أما بالنسبة للتراخـــي فإبعــــــاده عن الأشــــــياء التي تسبب ذلك ،
                            لأنـــــــــه إذا رأى وسائل التنعم تســــــــتيقظ فيه شهوة مضطرمة ،
                           لذلــــــــــك أوصى المخلص من أراد أن يتبعه بأن يتعـــــــــــــــــرى ،
                           ويخــــــرج من العــــــــــالم ( لو  22:18 )


فالإنســــــــــــــــــان ينبغى عليه طرح أسباب التنعم والتراخى ،
                                          ثم بعد ذلك يتقــــدم للعمـــل ،


والـــرب نفســــــــه حارب الشيطان فى برية قاحــــــــلة تماماً ،
والطوباوى بولس رســــــــــــــــم لحاملى صليب المســــــيح ،
                                           الخروج من المدينـــــــــة .


نعــــــــــــــــــــم ينبغـــــــــــــــي الخروج معـــه ونأخذ عــــاره ،
                                        لأنه تألم خارج المدينــــــــــة ،
                                                   ( عب 13 :  12 و13).
فالإنســـــــــان بانفصاله عن العـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالم ،
                            وعن أموره ينسى سريعاً عاداته الأولى ،
                             ولا يتعب فيما هو يجاهد بصدده زماناً طويلا .
أما القــــرب من العالم ومن أموره فيسبب سرعة تراخى فكر المرء .


وثبات الراهب فى قلايتـــــــــــه فى عــــــــــــــوز وعــــــــــدم ،
بحيـث تكـــــــون قلايته خاليــة من كل ما يحرك شهوة الراحة ،
                                      لهو أمر موافــــق ومـــــــلائم ،
                   معــــــــــــــــين له فى الجــــــــــــــــــــــــهاد .
لأنــــه إذا ما بعدت أسباب التراخى عــن الراهــــــــــــــــب ،
فـــلن يجد مشـــــــــقة كبــــــــــيرة فــي القتال المتضاعف ؛
أعني ( القتال ) من داخــــــــــــــل ومن خـــــــــــــــــــارج .


وأيضاً الراهب البعيد عن اللـــذات فإنه يقهر ويغلب بلا تعب ،
وهو فى ذلك أفضل من القريــب منها المتحرك نحـــــــــوها
الذى يكــون جهــــــاده مضاعفاً .


كما أن الإنسان الفقير فى مسكنه تكـــــون حاجته أيضاً تافهة ولا يهتم بها ،
ولا يجيلها فى خاطـــــــــــــــــره ، ولا حتى فى وقت الاحتياج إليهـــــــــــــا ،
ويقنع الجسد بالشيء اليســــــير ، بـــــــل وينظــــــــــر إليه باســــــــتهانة ،
وهو لا يتقدم للطعام لأجل اللــذة  ، بـــــــل  ليسند الطبيعة ويقويهـــــــا فقط .
بهذه الأمور يرقى الإنسان سريعاً  فـــــي النسك بغير تعب ولا جهـــــــــــاد ،
                                                                       وصراع للأفكار .


يليق بالراهب ألا يدنو مــن الأمور التي تحـــــــــــاربه ،
بل يتحفـــــظ حتــــــى مــن النظر إليها ، ويبتعد عنها .
وقولى هـــذا ليــــس مــن أجل البطــــن ( أى  شـــهوة الطــــعام ) فقـــــــط ،
                بـــــل وعــن كل ما يمكــــــن أن تجرب وتختبر به حرية الراهب .
فــــــــــــإذا عـــزم عــلى الاقتراب من الله
ينبغــــــــى عليـــه أن
يعاهـــــده الابتعاد عــن كل هــذه الأمور التي أذكرها وهي : -
                             ألا ينـــظر وجـــه إمـــــــــــــــرأة ،
                            ولا يدنـــو من حسنى المنظــــــــر .
                            لا يؤثـــــر التنعـــــــــــــــــــــــــم ،
                           ولا يشتهي شــــــــــــــــــــــــــــيئا ً.


لا يتطلع ببصره إلى الملابس الجميلة ، ولا إلى ترتيبات أهل العالم ،
                                                ولا يســـــــــــــمع أقوالهم ،
                                                ولا يتعـــــــــــــلق بهـــــم ،
لأن الشهوات تتقوى بالقرب منهـــم ، ومن الســــــــماع عنهــــم ،
     فيتراخى المجاهد ، وينحرف فكره عما شــــــــــرع فيــــــــه .


فرؤية  الأمـــور الفاضلة تحرك الغـــــيرة فى الضمير للانصراف إلى فعلها ،
ومــن البين الظاهر أن عكس هذه الأمور له قوة على جـــــذب القلب إليها .


وإن لم يحدث منها أمر خطير فى الفكر ( فى وقتها )
إلا أنه يلــــــــــــقي ذاتــــــــه فى حروب وقتـــــــال .


وإذا كان أحد الشيوخ النساك وهو من كبار القديسين عندما نظر شاباً دون لحية ( أجرودى ) ،
وإذا هو شــــــــــــبه النساء ، فإنه اعتبر ذلك مؤذياً لفكره ، وسبب خسارة له فى جهــــاده ،
فكيـــــف يكون حال من يتهاون بأمور أخرى مثل هـــــذه ؟
ولاسيما أن الشيخ الحكيم القديس لم يسمح بدخـــول الأخ ،
وقـــال : إن أنا فكرت فقط فى هذه الليلة إن ههنا مثل هذا ،
           فذلك يكون لي خسارة  عظيمة .


ولذلك قال :
            أمــــا أنــــا يا أولادي فــــــــــــــــــلا أخـــــــــــــاف ،
             ولكنـــــي فى غنى عن خوض حـــــــرب  بلا داعي ،
            ويدخـــــــل إلى ذكر هذه الأشياء عوض نقاوة عملى ،
            لأن ذكــــــر مثل هذه يزعج القلب إزعاجــــــاً لا فائدة منـــــــــه
           لأن للإنسان قتـــــــــــالاً في كل عضــــــــــو من أعضاء جسمه
                           فينبغـــــــي أن يحفــــــــظ ذاته ،
                          ويبعدهــــــا عن تلك القتــــــالات ،
          فإذا دنت منه تصـــــعب عليه الجهاد فى الخير ،
          وإنه على أى حال سيقاسى منها الأهـــــــوال ،
         لأنـــــــــــــه ينظرها فيستمر اشــــــتياقه لهـــا ،
          ولكنهــــــــا كلما بعدت عنه تقل الحرب التي تسببها .


إننا نرى أعشاباً متعددة مستترة في الأرض ،
         ولا يعرفهــــــــا أحـــــــد في شدة الحر ،
ولكن عندما تندى بالماء وتتنسم برودة الهواء
      حينئذ تظهـــــــــــر جميعاً مــــــن الأرض التي كانت مدفونة فيهـــا ،
      وعلى هذه الحـــال يكون الراهب فإذا كان في نعمة الســـــــــــكون ،
      وفي حرارة النسك فإنـــه يكون مستريحاً من حروب كثـــــــــــيرة .


أما إذا قرب من أمور العــالم ، وتنسم رائحة الراحة  ،
عندئذ تنهض الحــــــــــروب كل في موضـــــــــــعها ،
       وترفع رأســــــــــها ،


وأنا إنما قلت هذا حتى لا يتجاسر أحد ويثق فى جسده مــــــــادام حيـــــــاً ،
ولكى أظهر مقدار المعونة التي يحصل عليها المرء فى جهاده عند هروبه ،
وإبعاد ذاتــــــــــه عمــــا ذكرنـــــــاه .


كما أنه ينبغى أيضاً الخوف من الأشياء التي يجلب لنا ذكرها خزياً وحـــــــــــــــزناً ،
                                                  فلا نتهـــــاون بهـــــــا ، ونميت الضمير .


الأوفق أن نذهب بالجسد إلى البرية ،
       لكي يقتـــــــــــنى الصـــــــبر .


وأفضل الأمور كلها الابتعــــــــــاد عن مسببات القتال ،
                          لأن الإنسان إذا كان بعيداً عنهـا ،
وإن تضايق بالفكر بسبب قتالهـــا إلا إنه  يكون بلا خوف من السقوط بعكس ،
ما إذا كان الشيء قريباً فإنـــــــــه لو انغلب بالفكر يسقط أيضاً بالفعــــــــــــل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق