الميمر الرابع ( 5 )
من يهـــلك نفســه ؟
+ ســــؤال : ماذا أصنــــــع بالجســـــــــــــــد إذا أحدق به المرض ، والثقـــــــــــــل
وتراخت معـــه العزيمة والإرادة لمحبـــة الصـــلاح ، والنشاط الأول ؟
+ جـــواب : يحدث هذا الأمر مع من خــروج وراء الله بنصف قلبـــــه ،
ونصفه الآخـــــر مــــــــازال في العــالم ،
وأغراض قلبه لم تنحصــر عما هنــــــــا . فنفسه منقسمة ، تارة تنظر إلى قــــدام ،
وتــــــــارة إلى وراء .
واعتقــــــد أن الحكيم يقول لمثل هؤلاء : لا تقترب منها أي من الحكمـــــة بقلبين
بل أقبل إليهــا كزارع وحـــــــــــــــاصد
( سيراخ 26:1) .
والرب تعالى إذا يعرف أن هناك من لم يرفضوا العالم تماماً ، بل هــــم منقســـــــــمون ( ذو قلبين – يع 8:1)
ومرتدون بأفكارهم إلى وراء بسبب الشـــــدائد ، وإنهـــم لم يطرحوا عنهم شهوة الجسد بعد ،
وإذ يؤثر الرب أن ينبذوهــــا مــــــن ألبابهـــــم فـــــــإنه وضع لهم حداً بقوله :
من أراد أن يــــــأتى ورائى فليجحد ذاتــــه أولًا ( مت 16 : 4 )
وما هو الجحود الذى يذكره هنا إلا جحد الجسد ،
والاســتعداد كمـــن دعى ليعـــــلق على الصــــــليب متفكــــــــراً فــي المــــــــــوت ،
وهكــــــــذا من يخـــــــــرج للجهـاد لا يفكر فى شيء من أمــور هذه الحيــــــــــــاة ،
فمن يؤثـــر إتمام هذا القول يجـب أن يكـــــــــــــــون عــــــــلى هذه الصــــــــــــفة ،
لأن الصليب يـــــــــــــــــــــــــــــدل على الإرادة المســتعدة للقـاء كل الضيقــــــــات .
وقد وضح الرب لأى ســـــــبب أمر بهذا ، قال :
مــــن يريد أن يحيا فى هـذا العالم يهلك ذاتـــــــه من الحيــاة الحقيقيـــــــــــــة ،
والذي لا يهلك ذاته من الرجــــاء الذي من أجـله خرج للقاء الضيق والضنــك ،
لأن اهتمامــــه بالحيــاة الحاضرة لا يدعه يدنـــو من الحزن الذى من أجل الله ،
بــــل فى زمن قليل يجذبه إليــه ، ويخرجــــــــه من جهاد الحيـــاة الســــعيدة ،
ويظل ينمو فيه هذا الفكــر حـــتى يقهــــــــــــره .
أما الذى يهلك نفسه من أجـــــــــــــــل الاشـــــــتياق إلى اللـــه ،
فهو يحفظ للحياة الأبدية بلا لوم أو ضرر ،
أي الذى يهلك نفسه من أجلي ســــــيجدها
( مت 39:10 ).
إذاً فأعد نفسك ههنا لهــــــــلاك كـــــــــامل مـــــن الحيــــــــــــاة ،
نعــــــــــــــــــــــــــم ؛
سأجود عليك بحياة دهرية حسبما وعدتك ،
وسأظهر لك بالفعل وعدى بهذه الحيـــــاة ،
وحقيقة الخــــــــيرات المســـــــــــــــــتقبلة .
إنـــــــــــــــــــــــك إذا استهنت بهـذه الحياة فستتهيأ للحيــــاة الأبديــة ،
وحينئذ يصغر فى عينيك ما يظن أنه متعب ومخيف ،
والعقـــــــــــــــل الذى تهيـــــأ هكــــــــــذا لــــــــــن يعـــــــــــــــــــانى ،
أو يحـــــزن وقــــــــــت هــــــــول المــــــــــــــــــوت .
لهـــــــــــــــــــذا فإن لم يبغض الإنسان حياته حقاً في الدنيا ،
شــــــوقاً للحيـــــــــــاة المنتظـــــــرة .
فلا يقـــدر على احتمال الضيــــــــقات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق