الميمر الرابع ( 7 )
الصــوم بداية الجهاد :
+ ســــؤال : الــــذي ألقى وأقصى عن نفســـــه كــل متعلقات العالم ،
وولــــج أبــــواب الجهــــــــــــــــــاد ضد الخطيـــــــــــة ،
كيــــف ، ومــــــن أين يبـــــــــــــدأ فــي الصـــــــــراع ؟
+ جـــواب : المعروف لدى الكل أن جهاد الصوم هــو بداية كل جهاد ،
لاسيما مقابل الخطيــة التي في داخلنــــــــــــــا .
وتظهر علامــــة الجهاد ضد الخطية ، وشــــهواتها لــــــــدى المســـتعدين
تجـــــاه هــذا القتــــــال غـــــير المنظــــــور فى أنهم يبدأون بالصوم ،
ويساعد سهر الليــــــالي هــــذا العمــــــــل .
محب المواظبة عـــلى الصـــــــــوم كل أيام حيــاته ،
هـــــــو صديق العفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .
وإذا كانت راحـــــــــة البطـــــــــــــــــــن مبـــــدأ لكـــــــــــل الشـــــــــــرور ،
وأن خيرات العالم والاستسلام للنوم ينهض شـــــــهوة الزنـــــــــــــــا ،
فإن الصوم والسهر فى خدمة الله ،
وصلب الجسد طوال الليـــــــل
قبـــــالة عذوبــــــة النـــــــوم هــــــو بدء الطــــريق المقدسة نحـــــــو اللـــــه .
وهو أساس كل فضيلة ، وسياج الفضائل ، وبدء الجهــــــاد ، وإكليل ذويالإمســـــــــاك ،
وجمال البتوليــة ، وبهاء العفـــــــة ، وابتداء طريق المسيحية ،
وأم الصـــــــــلاة ، وينبوع التضرع ، ومعلم الســـــــــــــــكون ،
وبـــــــــــــــــــــدء ومصـــــــــــــــدر كل المناقب الجميــــــــلة .
كمــــا أن العيون الســـــــــــــــــــــليمة تشـــتاق إلى النـــــــــــور ،
هكـــــــذا الصوم المقـــــــترن بالإفـراز تتبعـــــــــــه شهوة الصلاة .
إذ عندما يبدأ الإنسان الصوم فمن ههنا يشـتاق فكره إلى محادثة الله ( أى الصلاة ) .
الجسد الصــائم لا يقبـــــــــل النوم على فراشه كل الليـــــل .
بمقدار ما يتوفر المرء على الأصــــــــوام ،
ويختــــــــــم فمه بخاتمهـــــــــا ،
بمقدار ما يســـــــــتمر فى هذيذ بخشـوع ،
ويحركه قلبــــــه للصــــــــــــــــــــــلاة ،
ويظهـر الانقباض والعبوس على وجهه ،
وتبتعـد عنــــــه الهواجس الرديئــــــــة ،
ويبتعـد عن عينيــــه الهزل والمـــــزاح ،
ويكـون معاديـــــا للشـــــــــــــــــــهوات ،
وكـــــل الأحاديث الباطلــــــــــــــــــــــــة ،
ويكــــاد لا يـــــــــرى أحد يصــوم بإفــراز،
وقـــــــد اســــــتعبدته شـــــهوة رديئــــــة .
فالصوم أساس عظيم لكل فضيلة ، وهو منزل يحوى كل خــير،
ومــــــــــــــن تهــــــاون به فقد أبعد عنـــه كل صلاح ،
وزعـــــــــــزع كل فضيلة .
إن هذه الوصية الموضوعة منذ البدء لحفظ وصيانة طبيعتنــا ،
ومن هنـا سقط أول جبلتنــــا ( آدم )
وحــــــدث المـــــــــــوت الأول .
لذلك فإن المجـــــــــــــــــاهدين في خــــــــــــــــــــــــــــــــــوف اللــــــــــــــه ،
عندما يشــــــــــــــــرعون في حفظ نواميسه يقبلون إليه ( أى الصوم ) .
والمخلص بعدما ظهر للعـــــالم في الأردن ابتدأ بالصوم ،
وأخرجه الــــــروح إلى البرية بعد العمـــــاد ،
وصام أربعين يوماً وأربعـــين ليـــــــــــــــلة .
وكل الذين خرجوا تابعـــــــــــــــــــــــين أثــــــــــــــــره ،
وضعوا جهــادهم على هذا الأســـاس ،
لأنـــــه ســــــلاح مســـلم لنا من اللــــــــــه .
فكيــــــف لا يلام من تهـــــــــــــــــــاون به ؟
وإن كــان واضع النامــــــــــــــــــــــــوس قد صــــام ؟
فمن مــن محبي حفظ الناموس لا يحتاج إلى الصوم ؟
لذلـــــك فإنه إلى ذلك الوقت لم يعرف جنس البشر النصر ،
ولا انهـــــزم الشـــــــــــــــيطان مـن طبيعتنا البتة ،
لكنه ضعف بهذا الســـــــــــــلاح منذ البدايـــــــــة ،
وكأن ربنا البادئ بالنـــصر وجاد بتاج الغلبة على رأســـــــنا منذ البدايــــــــــة .
وإذا ما نظر المحتال المعاند المـــارد واحداً من البشر يحمـــل هذا الســــــــلاح ،
فإنه للوقت يخاف ويتذكــــر ســـريعاً إنـــه خـــــــــــــــــــــــذل وانهــــــــــــزم ،
فــي البرية أمام المخلص ،
فتنكسر قوتـــــــــه عندما ينظــــر
الســــــــــــــــــلاح المسلم لنــــا
مــــــــــــــــــــــن رئيس جيشنا
( الرب يسوع )
يا ليت شعرى؛ أى ســـــلاح يكــــون أقـــــــــــوى منــــــــــــــــه ؛
أعنى الجـــوع من أجل المســـــــــيح إنـــه يعطي القلب شـجاعة ،
في مصارعة أرواح الشــر .
فبمقــــــدار ما يتعب الجسد ويشقى فى الأوان
الذى فيه يحـدق بـــه جيش الشياطين ،
بقـــــــــدر ما يقوى قلب الإنســــان وتــــــــــــــــزداد ثقتــــــــــــه .
والذى توشح بسلاح الصوم يضطرم بالغـــــــــــــيرة في كل زمان .
إيليا الغيور عندما اشتعلت غــــيرته من أجــــــــــل وصايا اللـــــه
قصــد الصوم الذى يذكر من يمارســـــه بوصايا الروح .
الصـــــوم واســـطة بين النامـــوس القديــــم والنعمة المفاضــــة علينا من المســـيح ،
ومــــــن يتهاون به فإنه يتراخى ويضعف فى بقيــــة الجهـــــــــــــــادات ،
وتراخيــه هــــــــو علامة عـــــلى أنـــــــه قد أتى إلى الجهاد مجرداً ( من السلاح )
ويعطــــى لمحــاربه فرصة الفتـــك بنفســه ،
ومن البين سيهرب من الجهـــــاد دون أن يحقــــــــــــق النصــــــــــــــــــــر ،
لأن أعضـــــاءه لــــم تلبس درع الصــوم ،
وســـــلاح الجـــــــوع الذي بواسطته يحــــــــرص الإنســــــــان ،
ويكـــــون ثابــــــــــت الفكر مستعداً لمقابلة القتالات الصــــــعبة ،
والضيقات المحــــزنة .
قيل عن جماعات من الشهداء :
إنهـــــــم كانــــوا يعلمون اليوم المحــــــــدد لقبول إكليل الشـهادة ،
ســـــواء عــرفوا ذلك بإعلان أو أخبرهم به أحــــد أصــــــــدقائهم ،
فإنهــــم ما كانوا يذوقــــــــــــــــــــون شـــــــــــيئاً تـــــــــلك الليـــــــــلة ،
بــــــــــل كانــــوا ينتصبون من المساء حتى الصباح ساهرين فى الصلاة ،
وممجدين الله بالمزامير والتسابيح والتماجيد الروحية ،
ويستقبلون تلك الساعة بفـــــــــرح وســــــــــــــــرور ،
كقـــــــــوم مســــتعدين للعـــرس .
لقــــــد كانـــــوا يتهيـــــأون للقاء السيف بصومهم .
فالخليق بنا نحن أيضاً المدعوين للاستشــــــــــــــــــهاد غــــــير المنظـــور ،
ولقبــــول إكليل القداسة أن نتيقظ ولا ندع أي عضو ،
أو جزء من جسدنا ،
تظهـــر عليه علامة الإنكســـار أمـــــام أعدائنــــــا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق