الميمر الرابع ( 8 )
الســــكون وطهـــارة النفــس :
+ ســــؤال : هناك طائفـــــــــــــــــــــــــــــــــــة من النـــاس لهم هذه الأعمال ،
ورغـــم ذلك في كــــــــــــــير من الأحيان ،
لا يشعرون بسكون الشهوات ولا هدوئها ، ولا بسلام الفكر ؟
+ جـــواب : أيهــــــا الأخ إن الشهــــوات الدفينة فى النفــس لا تهــــــــــــــدأ ،
ولا تســـــــــكن بالأعمال الجسدية فحســـــــــــــــب .
لأنها وحدهـــــــــــــــــــا لا تمنــــــــــــــــــــــــــع الأفكــــــــــــــــــــــــــــــار ،
والهواجــــــــــــــــــــــــس التي تســـببها الحـواس ،
فهـــــــذه الأتعــــــــــاب تحفظ الإنســان من الشهوات فلا يغـلب ، ولا يقهر منها
و أيضاً تحفظه من الشياطين فلا تؤذيـــه ، ولكنــــــــــها ،
لا تعطـــــــــــــــــــى الســلام والهـــــــــــــــدوء للنفـــس ،
ولا تفيدهـــــــا شــــــــــيئاً .
إنما الأعمال والأتعـــــــــــاب التي تميت الشـــــــــــهوات ،
والأعضاء الجســـــــــدية التي عــــــــــــــــلى الأرض ،
وتجــــــود بالراحـــــــــة عـلى الفكــــــــــــــــــــــــــر ،
فهي توافرنا الســــــــكوت ،
ونجعله يشــــــــــــــــترك مــع الأتعاب الجســـــــــدية ،
وحفظ الحواس الخارجيــة مــن الاضــــــــــــــــطراب ،
ومثابرتهـــا الدائمــــــــــة على عمل الحكمة زماناً مـا ،
لأن الإنسان إن لم يمتنــــــــــــــــــــــــــــــع عن لقاء النــــــــــــــــاس ،
ويصــــــون أعضـــــــــاءه من الاهتمام بأمور كــثيرة ،
ويجمـــع أفكاره داخل ذاته ، لا يقدر أن يعرف أهواءه ،
ولا يفهمهـــــــــــــــــــــــا ،
لأن السكوت حسبما قال القديس باسيليوس هو بدء طهــــارة النـــس ،
فالعقل يرجـــــــــــــــــــــــــــــع إلى ذاتـــــــــــــــــــــــــه ،
إذا ما حجبت الأعضاء الأرضية عن التشويش الخــارجى ،
وعندئذ يستيقظ القلب ليفحص عن خلجـــــات الأفكـــــار التي داخــل النفس ،
وإذا ما أحســــــن الثبـــــــــات في هذه الأمور فإنه يصل إلــى طهارة النفس .
+ ســــؤال : أما يمكن للنفس أن تتطهر بالعيش خارج الباب ( خارج القلاية ) ؟
+ جـــواب : شجر يســـــــقي كل يـــــوم لا تجف جـــــذوره ،
وإناء يقبل زيــادة كل يــــوم ، فمتى ينقـــــص ؟
فإن كانـــــــت الطهارة ليست شــيئاً آخر غير نسـيان أعمال العبودية (أى الخطية )
والتخلــص مـــــن عاداتهـــــــــــــــــــــــا ،
ولكن إذا كانت الشرور يتجدد ذكرها في الــــــــذات بواسـطة الحــــــــــــــــــواس ،
أو بالاختـلاط بآخــــــــــــــــــــــــــــــــــــرين ،
فمتى يمكــــــــــن إذاً أن تتطهـــــــر النفـــــــــــــــــــــــــــــــــــس ؟
أو متى تتخلـــــــــص من المحاربات الخارجية إن كان يراهـــــــــــا ؟
لأن القلب إذا تدنــــــــس كل يوم فمـــــــتى ينتقى ؟
نعـــــــم ولا تقـــــــــــدر أن يقاوم الفعل والسقوط .
هل يمكن لمـن هو ماثــــل فـــي وســــــط المعســـكر أن يطمـــــــــــــــــــئن ،
وهو يســمع كـــل يوم إنذارات الحرب وأخباره الصعبــــــــة ؟
فمن كان هـــذا حالـــــــــه كيف يتجـــــــــــــــــاسر ، ويبشر نفسه بالسلام ؟
أمـــا إذا ابتعــد فهو بعد قليل يقدر أن يسكن المنــادي الــــــذي في الداخــــل ،
لأن النهــر إذا لم يســد من أعلى ( أى من النبع ) لا تجف المياه أسفله .
إذا أتى الإنسان إلى السكون حينئذ تتمكن نفسه ،
من تمــــــــــــــــــــــــييز الآلام ،
وفحــــــــص ذاتهـــــــا بحكمة ،
وينهـــــــض الإنســــان الداخــــــــــلي لعمــــــل الـــــروح .
ومن يوم إلى يوم يشعر بالحكمة الخفية المزهرة في نفسه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق