الاثنين، 17 يوليو 2017

( 13 ) الهذيذ في القـلاية ـ ميامر مار اسحق ( الميمر الرابع ) الجزء الثالث

الميمر الرابع  ( 13 )
الهذيـــذ في القــــلايــة :
+ ســــؤال : ما هو الهذيــــــذ والتـــــــــــــــأمل ،
                الـــذي ينبغى أن يمارسه الناســــك ،
                فــــي موضع ســـــكونه وحبســــه ،
                حــتى لا يتشتت عقله بأفكار باطلة ؟


+ جــواب : أعـــن الهذيذ تسأل ، وكيف  يتصرف الإنسان المائت عن العالم فى قلايته ؟
               فهـــل الإنسان الحريص اليقظ النفس يحتاج للسؤال عن : كيف يتصرف ؟!
              ومـــا هو عمله عندما يكون وحده ؟!


ما هو هذيــــــــذ الراهــــــــب فى قلايته إلا البكــــــــــــــاء ،
وهـــل مع البكاء توجد فرصة الإصغاء إلـــى فكر آخـــــر ؟
وأي هذيـــــــــــــــــــذ أفضـــــــــــــــــل مـــن هذا الهذيذ ؟!


إن جلوس الراهــــب وانفــــــراده كأنه فـــي القبر الخالى ،
من كل مفرحات العالم يعلمه أن البكاء هــــو عمـــــــــــله ،
والنوح هــــــــــــــــــــو دأبــــــــــــــه لــــذا يدعى " نواح " ،
وهذا اللقب يحثه على الاســتمرار في ذلك ،
وهو يعنـــــــــــي أنه مــــــــــــــــــر القلب .


وكل القديسين خرجوا من الدنيا وهـــــم ينـــــــــــــــــــــــــــــــــوحون ،
وإذا كانوا قد ناحوا وانتحبــــوا ،وامتلأت عيونهــــــــم دمـــــــــــــوعاً ،
                                       إلى أن خرجــــــــوا ورحلوا من العالم ،
                                       فمن هـــــــو الـــذي لا يبكــــــــــــــي ؟ .
                                                                                         عزاء الراهب  يتولد من البكــــــــــــــاء .


وإن كان الكامــــــلون الغــــالبون بكــــــوا ههنـــا ،
فكيـــــف يتوقف عن النحيب ذاك المملوء جراحاً ؟!


هــــــل يحتاج من عنده ميت ملقى بين يديه
إلــــــى إرشاد بأى فكر يذرف العـــــــبرات ؟
وهـــــا نفسك مائتة بالذنوب وملقاة بين يديك ،
وهى أفضل عنــــــــدك مـــــــــــــن كل العالم ،
ثـــم تفتقــــــــــــــــــــــــــــــــــــر إلى البكاء ؟


إننا لكى نتمكـن من الصـــبر وملازمة البكاء ،
عندما نأتــــــي إلى السكون نحتــــــــــــــاج ،
لأن يكون الرب فى فكرنا دائماً ليمنحنا ذلك .


فإن ظفــــــــــرنا بهذه النعمـــة التي هى أفضل وأجل من بقية النعم ،
                    فإننا بها ندخــــــل إلــي الطهــــارة ،
وإذا دخلنا إليها لـــن تنتزع منــــا حتى نخــــــــرج من الدنيـــــــا .


إن أتقياء القلوب لمغبوطون
إذاً لا يوجد وقت لا يتمتعون فيه بهذه النعمة ، أعنى نعمة الدموع ،
                    وبها يشاهدون الرب دائماً .


وإذا كانت الدمـــــــــــــــــــــــــــــوع فــي عيـــــــــــــــونهم ،
فإنهــــــم يؤهلون لمشاهدة إعلاناته مــــع ارتفاع صلواتهم ،
ولا تكون لهـــــم صـــــــــــــــــــــلاة بدون العـــــــــــــبرات .


هذا هو ما قاله الرب :
" سعداء الباكــــون الآن لأنهـــــم سيتعزون " ( مت 21:6 ) ،
لأنه من البكـــــاء يأتى الإنســــان إلى طهـارة النفــــــس ،
لهذا قال الرب إنهم " سيتعزون " وما فسر أى عزاء هو .


إذ استحق الراهب أن يجــــــــوز بلد الشهوات بواسطة الدمـــــــــــوع
يصل إلى ميدان طهارة النفــس التي يجد بها هذا العزاء الذى لا يزول ،
      مما وجده هنا ،
وحينئذ يفهـــــــــــــــم أى عزاء كان ثمراً للنــــوح ،
الـــــذي يجود به الله على النائحين بسبب الطهارة .


لا يمكن أن تضـــــايق الشهوات ،
         إنســاناً يبكـى دائمــــــاً ،
لأن البكـــاء يعــــزله عنهــــــا ،
لأنـــه إذا كانت الدموع تقــــــدر على إبعاد عقل النائح ،
       نوحـــــــاً وقتيـــــــــــــــاً عن الشهوات وذكرها ،
فماذا نقول عن الذين كدهم ودأبهم هذا العمل ليلاً ونهاراً ؟
مـــن هم الذين يدركون المعونة التي تنتج عن البكـــــــــاء ،
إلا الــــــــذين سلموا نفوسهم إليـــــــــه ؟
كل القديسين اشتاقوا لدخول هذا العــزاء ،
     فبواسطة البكاء فتح الباب قدامهــم ،
     ليدخـــــــــــلوا إلي أرض العـــــزاء .
التي فيها قــــــــد رسمت آثـــــــــار الله ،
     بواســــــطة الإعــــــــــــــــلانات .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق