الميمر الثانى ( 16 )
الإتضــــــــــاع
كما أن النعمـــــــــة تدنــــو مــــــن الاتضـــــــــــــــــــاع ،
كــــذلك الشـــــدائد المؤلمة تقترن بالكبريــــــــــــــــــــاء ،
لأن عينــــــــى الرب عــــلى المتواضعين ليبهجهم ،
و وجهــــــــــــــــه عــــلى المتكبرين ليحقرهـــــم .
الاتضـــــــــــــــاع يجتـــــــــذب الرحمـــــــــــة من الله دائمـــــــــــــــــاً ،
أما القلب القاسى القليل الإيمان فتوافيه الأهوال والمفزعــــــــات بغتــة ،
ويقــــــوم عليه الشـــــــــــــــر حتى يسلم لحكم الإبادة ،
فحقــــر ذاتك ، وصغر قدرك فى كل أمـــــــــــر عند جميــــــــــع الناس ،
فســـــــــــــــتعلو على جميــــــع رؤساء ،
هذا العــــــــــــــــــالم .
تقدم للكل بالسلام الجميل ، والسجود مطأطئاً ، فيبجل قـــدرك ،
ويســـمو على ذوى الثياب المذهبة ،
فإذا كنت مرذولاً مهـاناً في عينـــــي نفســـــــــــــــــــــــــــــــك ،
فسترى مجد الله فى ذاتك لأنـــــــــه حيث يـــزدهـــر الاتضـاع ،
هنــــــاك يتزايد مجـــــــــــــــــد الله .
فإن أنت اجتهدت وجاهدت لتــــــــــــــــــــرذل من النـــــــــاس ،
فسيرفع الله قــدرك ويشــــــــاد به .
إن اقتنيـــــت الاتضاع في قلبـــــــك ،
أظهــــــــــــر الله مجــــده فيــــــــك .
تواضــــــع فى علــوك ،
ولا تتعاظـم فى حقارتك .
واحرص أن يزدرى بــك فستمتلئ من إكرام اللـــــــه .
لا تلتمس الكرامــة وأنت مملـــــوء من الداخل بالجروح ( كثير الخطايا ) .
ابغض الكرامة لتكرم ، ولا تحبهـــا لئـــلا تهــــــــــــــــــــــــــــــان ،
لأن مــــــن عدى وراء الكرامة هربت منه ،
ومـــــن هرب منهــــــــــــــا سعت إليه ،
وعرفت كافة النــــــــــــــاس باتضــاعه .
أما إن حقرت ذاتك لكى تُكـــــــــرم ،
فإن الـرب ســــــــيفضحك .
إن أنت امتهنت ذاتك لأجل الحق فالله يدع خلائقه يمدحونك ،
ويفتحون قدامــــــك باب مجده الأبدى الذى تكلم عنه ،
وهــــم يمجدونك كالباري
لأنك بالحقيقــــــة تكــون على صورته ومثـــــــــــاله .
من ذا الذى شاهد إنساناً مرتفعاً بالفضــــائل ،
نيراً فى ســــــيرته ، حكيماً في معرفتــــــــــــه ،
متواضعاً في نفسه ولكنــــه محتقر بين الناس ؟
إنه لسعيد ومغبوط من تواضع فى كل أمــــر ،
لأنه يرتفــع فى كل شيء ،
فمــــــــــــــــــــــن حقــــــــــــــر قــــــــــدره ،
وصغـــــــــــــر مكانتــــــه ،
من أجــــــــــــل اللــــــــــه ،
فإنه يشــــرفن قــــــــــدره .
ومن جــــــــــــــــــــاع وعطش لأجل الله ،
فإنه يرويه من خيراته ويسكره بهـــــــــا .
ومن تعـــــــــرى مـــن أجـــــــل الخــالق ،
فإنه يلبسه حلل عـــدم الفساد والكــرامة .
ومن افتقـــــر مــــــن أجـــــــــــــله .
فإنه يعزيــــــه بغنـــاه الحقيـــــــــقي .
حقــــر نفسك من أجل اللـــــــــــــــه ،
فسيزداد شـــــــــرفك ،
دون أن تـــــــــــدرى .
أعتقـــــد أنك خاطئ طول حيــــاتك ،
فتزكى دائمــــــــــــــاً .
كن أميــــــا فــــــــى حكمتــــــــك ،
ولا تتظاهر بالحكمة وأنت جـاهل .
إن كـــــان الاتضاع يعلي شأن الجـــاهل ،
فكم تكون الكرامة التي يجلبها الاتضاع ،
للقــوم الأجـــــــلاء المثاليين .
اهــرب من المجــــد الباطل فســـــــتكرم ،
وخف من العظمة فتعظـــــــــــــــــــــم ،
فإن المجد البـــــــــــــــــــــــاطل ،
لــم يوزع على بنــــــــي الناس ،
ولا العظمة على مولودى النساء .
إن أنـــــت هجــــــــرت كــــــل أمور الدنيا ،
فــــــــــــــلا تنازعن أحــد فـــي ،
شــــيء منها البتة .
إن أنـــــت هجــــــــرت المجــــد البــــاطل ،
فاهرب من المتصـــيدين لـــــه ،
والشـــــغوفين بـــــه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق