الميمر الأول ( 7 )
المدركات الروحية :
إذا اقتربت إلى دخـــــول ذلك البـــــلد ، فلتكـن لك هــــــــــــــــذه العــــــــــــــلامة :
إنـــــــه إذا بدأت النعمة تفتح عينيـــــك لتدرك الأمور ( الإلهية ) إدراكاً حقيقيــــاً ،
حينئــــــــذ تأخذ في سكب الدمـــــــوع حـــتى أنها كثيراً ما تبلل الخدين لغزارتها ،
وفـــــــــى ذات الوقت تشعر بلذة داخلك لأن حرب الحــــواس تهـــــدأ و تنقبـــض .
وإذا علمك إنسان بعكس هذه الأمــــور فـــلا تثق في أقواله ،
لأنه بغير الدموع لا تخطب من الجســد دليلاً واضحــــــــــــاً ،
على الإحساس الحقيـــقي ( بالنعمـــة الإلهيـــة ) ،
إلا أنه بهـــــــــدوء ثــــــــورة الأعضــــاء فحســـــب ،
وارتفاع العقل عن الكائنات تتوقف الدمــــــوع ،
ويـــــــــــزول من الجسد كل حركة وإحســاس ،
ما خــــــلا ما هو لازم لحيــــــــاته الطبيعيــــة ،
لان تلك المعرفة ( الإلهية )
لا تتنازل لتكون فى شــــركة مع شكل من أشكال هذا العالم المحسوس ،
بــــــــل ينظر العقل إن كــــان هـو بالجســــــــد ، أو بغير الجسد لا يعلم ،
اللــــــه يعلم وسمع كلامـــــــاً لا ينطــــــــــــــــق به (2 كو 12: 2-4 ) ،
لأنـــــه لم يســــمع صــــــوتاً يـــــدرك بالحواس ،
ولم ينظـــــر أشــــــكالاً متجسمة للحــواس ،
بــــــل بحركة الفكر وانخطافه من الجسد ( 2 كو 12: 2 )
دون تدخــــل الإرادة .
إنه نظر ما لم تنظر عين مثله ،
ولا سمعت أذن نظــــــــــــيره ،
ولا تخيل قلب شــــــــــــــبهه ( 1 كو 2: 9 ) .
لقـد ذكر ذلك لكي نتصور ونعــــرف ما أعده الله
لأنقياء القلوب بموتهم عن العــــالم .
إنــــه ليس نظراً جسدانياً يمكـــن تمييزه بأعــين جســــدانية ،
وليس خيــــالات مسـتعارة تتصـــــور في الفكــــــــــــــــــــــر ،
بــــل شهوة الثاؤريـــــا ( نظر الإلهيات ) عقليـــــــــــــــــــــاً ،
ونحن نثق أنها حق رغم تفوقها عــلى المقاييس والعنــاصر ،
هــــي صور توضح ذلك ، لأنـــــــــــــــه حسب قـوة نظــــرك ،
اشخص إلى قـرص الشــــــمس لتنعم بإشراق شعاعه فقـــط ،
وليس لتفحص سرعته فى الفلك لئـــلا تفقـــد النظـــر العادى .
إذا ما وجدت عسلاً فكل منــــه باعتدال (أم 25 : 16)
لئـــــــــــــلا تتقيـــــــــأ عنــــد الامتلاء ( ونقول ذلك )
لأن طبيعة النفــس سامية .
وربمــــــــا تشتاق أن ترتقي وتعلم مافوق طاقتها عندما تدرك أمراً ما
من قراءة الكتب أو التأمــــــــل فـــــي بعض الأمور ،
فإذا قارنـت ما عرفته ( من الكتب ) بما قد بلغته ( فعلاً ) ،
تشعر بأنها ناقصة وصـــــــــــغيرة في جهادها ،
لــــــــــذلك تنتابها أفكار الخـــوف والضيــــق ،
ومـــــــــن الخوف تتراجــــــــع ( عن الجهاد )
وسبب ذلك أنها تطــــــــــــــــــــــلعت إلـــــــى أمور روحانية ( فوق مستواها )
وهنـــــــا يشير ( روح ) الإفــــــــراز عــــلى العقل بالصــمت ،
وتــــــــرك هذه الجسارة ، وعدم طلب ما هو فوق طاقتهـــــا ،
أو الفحص في أمـــــــور أعـــلى منها حـــتى لا تهـــــــــــــلك .
إذا أنعـــم عليك بالقدرة على الإدراك والنظر ( للإلهيات ) ، أسجد ومجد الله ،
واشــــــكر بسكوت غـــير المــــدرك لأنــــه أظهــر لك ما يفـــوق قــــدرتك ،
ولاتكـــــن متجاسراً على الأسرار ، وتلـــح ليكشف لك بقيـــــــة أعمـــــاله ،
فكما أن أكل الكــثير مــن العســل ليـــــس مســـــــــــــــــــــــــتحباً ،
هكــــــذا ليس من الصواب الفحص عـــــــن الأعمال العالية السامية ،
لأنــــــه إذا ما أردنـــــــــا نظــــــــر الإلهيات مدة طويلة نجاهد جهاداً فوق مستوانا
وبغير حكمة وبعدما نكــون قـــــــــد دنونا لإدراكهـــــا كنعمة إلهيـــــــــــة
تضعف قوة الصلاة لأجل وعـــورة الطريق ،( الذى رسمناه لأنفسنا في الجهاد ) ،
وربما نشاهد خيالات ( شيطانية ) عوضــاً عن المنــــــــــاظر الحقيقيـــــــــــــــة ،
لأن العقـــل إذا ضجــر من البحث ينســى قصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــده .
ولقد أحسن سليمان إذ قال :
الإنسان الذي لا يقتنى الصبر هو مثــــل مدينة بلا أسوار ( أم 25 : 28 ) .
ما هى الضرورة التي تلجئنا لنبحث عن الله في السماء والأرض ،
و أن نطوف وراءه في أماكن متعــــددة ؟
طهر نفسك أيها الإنســـــان ، واترك عنـــــــك ذكر اهتمام الأمور التي ليست من طبيعتك ،
وكـــــــــــــــذلك الهذيــــــــذ بالذكريـــــات العالميــــــــــــــة ،
وعلق ستر العفة والاتضاع على باب خلجات ذهنك ، فانك بواسطة هذه تجد الله داخلك ،
والدليــــل على ذلـــــــك إن الأسرار تنكشف للمتواضـــعين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق