وبعد هذا العمل ســــــــيوجد عمل آخر أحسن الإنسان التدبير ،
وســــــــــــــار الســـــــــيرة الصـــــــــــــالحة ،
وارتــــقى من درجـــــــة التوبــــــــــــــــــــة ،
مقـــــترباً من تـــــــذوق ثاؤريـــــا عمـــــــله ،
وكــــــذلك إذا أدركتـــــه النعمـــة من العـــلاء ،
وذاق حلاوة معـــــــــرفة الـــــــــــــــــــروح .
فمـن هنـا يكـــــــــــــــون ويثبت ( أى العمــــــــل الثــــــاني ) ،
( حيث يتعــــجب ) خاصة من سياسة الله وللإنسان ،
ويتضــــــــــــــح ويستنير بمحبته للخليقـــــــــة ،
ورعايته للناطــــقين ( أى البشر )
واهتمـــــامه الكــثير بهــــــــــم .
ومن هنا يبتــــدئ فيـــــه الشــــــــــــغف بالله ،
واشتعال محبتـــه المضطــــــــــرمة فى قلبــه ،
تحــــرق كل شهوة النفــــس والجسد .
ويحس بهذه القوة ممثله فى كل طبائع الخليقة ، وفى كل أمر يصـــــادفه ،
ويسكر منها من وقت لآخــر كما من الخــــمر ، وتنحـــــل أعضـــــــاؤه ،
ويمكث فكـــــــــــــره مندهشــــــــــــــــــــــــــاً ، ويسـبى عقــله نحو الله ،
ويصير هكذا كما قلت كإنسان سكر من الخمر .
وحســـبما تقوى الحواس الباطنة يقوى فكره لهــذه المرحــــلة .
وحســــبما يجتهــــــــد في التدبــــير الجيــــــــد ، والحــــــرص ،
والمواظبة على القراءة والصلوات ، تتمكن فيه قوتها وتثبت .
حقاً يا إخوتى إن هذا يأتى عندما تتذكر نفس الإنسان إنــــــه بالجســــــــــــــــــــــــــــــــــــــد ،
ولكنه لا يــــــــــــــــــــــــــــــــــــدرى أنــــــه فى العــــــــــــــــــــــــــــــــــــالم .
وهــذا هو ابتــــــــداء التصــــــــــور ( التأمل ) الروحانى الموجود في الإنسان .
هـــذا هو بدء النظــــــــر الروحــانى ، و استعلان الفكر كله ،
و بــه ينمــــــــو القلب فى الخفيــــات ويتقـــــــــــــــــــوى ،
وبـــه يتدرج إلى غيره مما يعلـــــــو على الطبيعة البشرية .
وباختصار أقــــــــول إنه ببدء هذا التصور ينتقـــل الإنســــــــــان إلى كل التصورات الإلهية ،
والاسـتعلانات التي يتقبلهـــــا القديســـــــــــــــــــــــون في العـــــــــــــــــــــــــــالم ،
وهــــــــــــو ما يمكن أن تعرفه الطبيعة فى هذه الحيــاة من الاستعلانات والمواهب .
هـــــــــــذا هـــــــــو أصـــــــل إحســــــاسنا بخالقنـــا .
وسعيد حقاً الإنسان الذى إذا حل فى نفسه هــــــذا الزرع الصالح ، حفظه وأنماه ،
ولم يبــــــدده فى الأباطيــــــل ،ولا فى الطياشـــــــــــة بالأمور الزائلة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق