الاثنين، 17 يوليو 2017

الميمر الثامن والعشرون ( كامل ) ــ ميامر مار اسحق ـ الجزء الثالث

الميمر الثامن والعشرون


الفكر الأول
من محبة الله للبشر أن يكون الفكر الأول الحال  في الإنســــــــــــــــــــان ،
                         هـــــــو مرشـــــــد النفس إلي الخـــــــــــــــــــــلاص .


وهــــو فى القـــــــــــــــــــــلب قبل خــــروج هـذه الطبيعة ( إلى الحياة ) ،
وينتج عن هذا الفكر الموجود فى الطبع ( الإنسانى ) الاستهانة بالعـــالم ،
ومــن هنا تبتدئ فى الإنســـان كل حركة صالحــة قائدة إياه إلى الحيـــــــــــــــــــــــــــاة ،
وذلك إن القوة الإلهية الملازمة للإنسان تكون فيه كالأساس متى أرادت تظهر له الحياة .


وهذا الفكر الذى ذكرناه إذا لم يطفئه الإنسان بالمعاملات ، والمشغوليات العالمية والكلام الباطل ،
                                  بل ينميه فى نفسه بالســكون ، ومـــــــــــــــــــــلازمة الـتـــــــــأمل  ،
فإنه يقــــــــــــــــــــــــوده إلي ثاؤريا المناظر الســـــامية التي  لا يمكــــــن لأحد وصــــــــــفها .


مـــا أشد مقت الشـــيطان لهذا الفكـــــــــــــــــــــــــــر ،
وهو ليحرص بكل قوتــــه على اقتلاعـــه مـن الإنسان ،
ولو أمكنه لأعطــــــــــــاه ملك العالم كله مقابل اقتـلاع ،
هذا الفكـــــــر  وحـــــــده مــن الإنسان بالإغـــــــــراء ،
                                               و المشغوليات ،
ولو استطاع لفعــــل ذلك دون  تأخـــــــــــــــــــــــير  ،
لأن الغـــــــــــــــــــاش ( أي الشــــــــــــــــــــــيطان )
     يعلم أن هذا الفكــر إن ثبت في الإنســـان فعقله ،
لا يســــــــــــــــــــــتقر في أرض الضــــــــــــــلال ،
ولا تدنــــــــــــــــــــــــو منه حيـــــــــــــــــــــــــــله .


وليـــس كلامنـــــــــــا عن الفكر الأول فحســـــــــــــــــــــب ،
                           مع أنــــه يحرك فينـــا تذكـــر المــوت ،
بـــــــل عن حالة الكمـــــال حيث لا يفارق الإنسان هذا الفكر ،
         ويهذى فيه باستمرار ،  ويتعجــــــــــــــب منه دائماً .


إن ذاك الفكــــــــــــــــر جســــــــــــــــــــــــــــدانى ( أى الفكر الأول السابق ذكره ) ،
أمـــــــــــا هذا فنظر روحانى ( أى حالة الكمـــال ) ، ونعمـــــة عجيبــــــــــــــــــــة ،
وهــــــــــي نظرة لابسة حركات نورانيـــــــــــــــــــــة ومعــــاني فاضــــــــــــــــــلة ،
ومــــــن له هذا التأمــل لا يهتــم بالعــــــــــــــــــالم ، ولا يجنح إلى رغبة الجســــد .


حقـــــــــــاً أيها الأحباء إن الله لو أعطى ( للبــشر ) هذه الرؤية الحقيقية ( الروحانية )
                            زماناً قليـــــلاً لأضحى العالم بلا نســـــــــــــــــــــــــــــــــــــل .


هذه الرؤيا هـــــــــي رباط لا تقــــــدر الطبيعــــــــة على مقاومتـــــــــــــــــــــــــــــــه ،
            والـــــذي حصل على هذا الهذيذ فى نفسه فقد حظى بنعمـــــــــة مـــن الله
            أقــــــوى مـــــــن كل الأعمـــــــال الأخرى .


وهذه الموهبـــــــة تمنــــــح لمن هم فى المرتبة الوسطى الــــذين يؤثرون التوبة باستقامة قلب ،
                     وتمنـــــح يقينا للـــذين عــلم البــــــاري أنــــــه يليق بهــــــم  الانفـــراد تمـاماً ،
                    عن العالم طلبـــاً لحيــــــاة أفضــــــــــــل بسبب إرادته الصالحة التي ألقاها فيهم .


هذه الموهبـــــة تنمـــــــــــــــو فيهـــــــــــــم ، وتســتمر معهـــــــــم عند التزامهم بالإقامة منفردين ،
وهـــــى التـــــي ينبغى التماسها فى صلواتنا ، وأن نسهر طــــــــويلاً من أجلهــــــــــــــــــــــــــــــــا ،
ونسكب الدموع ليجـــود الـــرب علينـــــا بهــا  إذ منزلتها منزلة نعمة لا شـــــــــــــــــبيه لهـــــــــــا .


فالجدير بنا إذا أن نطلبها لأننـــا بعد نوالهـــــا لا نكون ممن يعـــانون من شــــــقاء هذا العـــــــــالم ،


هــــــذه هــــــي بداية أفكـــــــار الحيـــــــــاة التي تبلغ بالإنســـــــــان إلى كمــــــال الـــــــــــــــــــبر .


 و لله المجد والإكرام .
آمـــين .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق