الميمر الأول ( 13 )
الانشغال بالله :
فى الوقت الــــــذي فيـــــه يعطــــــــــــى الله قلبك خشوعاً داخليـــــاً ،
ثابر على السجود والمطانيات متواترً ، ولا تترك عقلك يهتم بشيء .
وإذا حاولت الشياطين إقناعك بالاشتغال بأمـــور أخرى ،
فانظـــــر وتعجب مما هــو عتيد لك منهـــا ،
لأنه ليس شيء أفضل من أن :
يلقي الإنسان ذاته قدام صليب المسيح ليلاً ونهـــــــــــاراً ،
كالمربوط اليـــــــــــــــــدين إلى الــــــــــوراء ،
ولازم ذلك دائماً إذا آثـــرت ألا تبرد حــرارتك ،
وألا تجف دموعك .
طوباك أيها الراهب إذا اهتممت بالروحيات ليــــلاً ونهاراً ،
ولا تطــــلب معهــــــــا شــــيئاً آخــــر ،
لأنـــــه حينئذ يشرق لــــك نور من داخـــــــل مثل الصبح ،
ويلمــع برك سريعاً وتصير كالفردوس المــــــــــــــــــزهر ،
وكعـــــين مـــــاء لا تنقــــص .
تأمل أي خيرات تتولد للإنســــــــــان من الجهــــــــــــــــــــــــــــاد :
فكثيراً عندما يكــــون الإنسان جاثياً على ركبتيــــــــــــــــــــــــــــه
ويــــــــــــداه ممــــــــــــــــــدودتان إلى الســــــــــــــــــــــــــــــماء
وشاخصــــــاً بوجهـــــــــــــــــــــــه إلى صليب المســــــــــــــــيح ،
وجامعــــــــاً كل خلجــــــات فكـــــره في الله بالصــــــــــــــــــــــلاة .
وإذ هو متوسل إليه فبغتة يتحـــــرك في قلبه ينبــــــوع حـــــــلاوة ،
وتنحل أعضاؤه وتغمض عينــــاه ، ويلتفــــــت وجهـه إلى الأرض ،
وتتبــدل أفكـاره حتى أنــــــــــــــــــه لا يقدر أن يســــجد من الفـرح
الذى يغمــــــــــــــــر كل جســــــــــــــــده .
تأمـل يا إنســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان ماذا قــــــــرأت ،
لأنك إن لم تجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاهد لا تجــــــــــــد ،
وإن لم تدق الباب دائماً بحرارة مواصلا ًالسهر فلن يسمع منك .
من ذا الذى يسمع هذه الأمـــــور ( السابق ذكرها )
ثــــــم يشتاق إلى البر الخارجى ( أى القراءة فقط ) .
فافهم أيها الإنسان ،
ألعـــــل من قراءة الكتب ( فقط ) يدرك الإنسان هذه الأمــــور ؟
وهــــــل تعطي مذاق العسل لفم القارئ دون أن يكون له عمل ؟
( أعلم ) أنك إن لم تجــــــاهد لا تجد .
إن من لا يقدر على الصــبر فــي الســـــــــــــــــــــكون ،
والحبـــــس فـــي القـــــــــــــــــــــــــــــلاية فإنه يكون منحــــــــلاً ،
وحواســـه غــــير منضبطة بسبب الاختلاط مع كل أحــــــــــــــــــد ،
وبـــــــأي حـــــال لـــــــــن يقـــــــــــــــدر على إتقـــــــــــــان ذلك ،
لأن ثبــات الإنسان داخـــــــل البــــــــــــــاب هو إنعام مـــــــــن الله ،
فلا يتخلف عـــــن هــــــــــــــذا الســـــــلوك لئلا يفقد طريق الحياة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق