عمل الرحمة :
اذا وضعت لنفسك قصـــداً هو عمـــل الرحمـــة ،
فعودها ألا تطلب العدل في نواحـي أخـــــرى ،
لئلا تكون بمثـــــــابة من يعمل بإحدى يديه ،
ويهــدم بالأخــــــرى ،
لأنـــــــك هنـــاك ( مع الرحمـــــة ) مضـــــــــــطر إلى الشـفقة ،
و أمـــــا هنـــــا ( أى طلب العدل ) فهو استجابة لميول القــلب .
فالصفح عــــن المذنبين ليـــس مـــــن عمل العدل ،
ولكــن اعلــــــم انــــك ستعاين حينئـــــــذ
سلاماً يسري فى فكرك مــــن كل ناحيــــة .
إذا كنت تتدبر فى طريقك بما هو فـــوق الواجـــــب والعـــــــدل ،
فانــــك تقترن بالحرية ( التحرر مــــن سيطرة محبة العالميات )
فى كل وقت وأمــــــــر .
وقد قال أحد القديسين في هذا المعنى :
" إن كان الرحوم ظالماً فهو أعمى " ،
لأنــــــــه يمنح الآخرين مما لم يتعب فيه بنفسه ،
ويكسبه بالعـــــــدل ،
بـــــــــل مما جمعه بالكـذب والظـــلم والحيــــلة .
وقال أيضـاً في موضع آخر :
" إن أردت أن تزرع في المساكين ، فازرع ممـا يخصـــك ،
أمــــــــا إن زرعت مما تحصلت عليه من جهات غريبة ،
فاعـــــلم أن هـــــذا مـن قبيــــــل الــــــــــــــــــــــــزوان".
و أنا أقول :
إن لـــــم يكن الرحوم فوق العدل فهو ليــــس برحيـــــــــم ،
أعنى أنه ليس فقط يعطى الناس مــا يملكـــــــــــــــــــــــه ،
بل أيضاً يصبر بفرح وغبطــــة على ظالميه محسناً إليهم .
إذا ما غلبت العدل بالرحمة حينئذ تكلل لا بأكاليل أبـرار الشريعة ( أى العهد القديم ) ،
بـــــــل بأكاليل كاملي البشارة ( أي الإنجيــــــل ) .
لأن بذل المرء ما يخصه للمساكين ، وكساء العـــــــــــــــــــــــــاري ،
ومحبة الغريب كنفســـــــــــــه ،
وعــدم الظـــــلم والكـــــــــــذب ،
هــــــى أمــور أتى بها الناموس القديم .
و أما كمال بشارة التأنس فتأمر قائله : الآخذ مالك لا تطـــــــــــــــــــــالبه ،
و اعط كل مـــن يسألك ( مت 6: 30 )
فينبغى عليك الصبر ليس فقط عندما يحدث جــور عـــلى مقتنيــــــــــــــاتك ،
بـــــل ابذل نفسـك دون الأخ ، لأن الرحيـــــــــــــم هــــو الذى يرحــم أخــاه ،
لا أن يعطيه فقط ، بل إن رآه حزيناً ، أو ســمع أنه كذلك ، يلتهــــب قلبـــــه ،
فهـذا رحـــيم حقــــــــــــاً .
ومثل هذا إذا لطمـــه أخـــــــــــــــــــــوه ،
لا يقــــدم على مجاوبته بكلمة ،
او يحزنه بشـــــــــــــــــــيء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق