التغيير الأول :
2ـ التدبير الروحي :
ــ المتوحد الذي يزرع في قلبه زرع روحاني ويؤتمـــــن عـــلى كـــــــنز ،
لكـــــــــن لــــم يجعل ذاته أخرساً و أطرشاً عن جميع المحادثات البشرية والأعمــــــال العالميـــــــــــة ،
والاهتمام بالأشياء المرئية ، فهو يضيع الوديعة التي عنده .
ــ الذي يلوم نفسه على الدوام ويشجبها تحت كل إنســـان ،
ترتعب منه الشــــــــياطين ولا يقترب إليه شـــــــيطان ،
الغــضب والحسد والحـزن ،
وتمتلئ نفسه أمناً وسلاماً وحبــــــــاً وفرحــــــــــــــــاً ،
ويصير محـــــبوباً من الله والملائكة والنـــــــــــــــاس .
أما الذي يــــــزكي ذاتـــــه ويلـــــــوم قريبـــــــــــه ويدينـــه فــــي قلبـــــــه ،
فـــــــــــإن شيطان الغضب يسلمه لشيطان الحزن ،
وشيطان الحســــــــــــد لشيطان الحنق ،
وفي كل وقت يكــــــــون متكــــــدراً متســــــــــــــــــــجساً ،
وغاضبـــــاً على الذين لا يمدحونه .
ــ بمقدار ما يستهين الإنسان بهذا العالم ويهتــــــم بعمـــــــــل مخــــــــافة الله ،
بمقدار ما تدنو منه العناية الإلهيــــــة ويحـــــس بمناصرتها ومعونتها خفية ،
وتعطيـــــــه حركـــــــات ( أي خلجات ) نقيــــــــة يتنعــــــــــــم بــــــــــــــــها ،
حتى لو كان مجرداً من خيرات هذا العالم بغــــــير إرادتـــــــــــــــــــــــــــــــه ،
لأنه بمقدار ما يكون مجرداً منها تلتصق بـــــــــه الرحمـــــــــة الإلهيـــــــــــة .
والمجد لله الذي يضـــــــع لنا أســـــــباباً للخلاص باليمــــين وبالشـــــــــــمال .
ــ إذا لم تتأصل فيك محبة المسيح وتكــــــــــــون بلا حزن في جميـع الضيقات ،
التي تقع عليك من أجـــل فرحــــك بـــــــــــه ،
فاعـــــــــلم أن العــــالم حى فيـــــــــــــــــــك أكثر من المسيح .
ــ السهر في الثاؤوريا ( التأمل في الإلهيات ) مع تدبير المعرفة لمن قد أكمل الأعمال الجسدية ،
وهو قد دنـــا مــن الشيخوخة وانحلال الجســـــد ،
فإنه بالانقطاع عن البشر فقط يــــــــــــــــــــــــــقدم إلــــــى التدبير الروحــــاني ،
وبيقظـــــة وحرص العقــــــــل يكمل فيه على الدوام القول : الليل يضيء كالنهار ( مز 139 : 21 ) .
ــ ومن هو على هذا الحال ينبغي أن يكون متيقظاً قبالة تجــــارب التجــديف ،
وإن كان له الإتضـــــــاع فبسهولة يتحرر ( منهـــــا ) بواسطة نور الإيمان ،
الذي يشــرق له بالنعمـــــة ،
أما إن كان يميل إلى التشتت ( أي الخروج من وحدته ) والأحــاديث ،
فإنه يكون مظلماً في تأملاته ويضل عقله ويمتــــــــحن بالتجـــديف .
لأن من ســـــلك في هذا التـــدبير لا تؤذيه الراحـــــــــــــــة ،
كمثل ما تضــــره الأحاديث ( مع الآخرين ) ،
وتشتت الحواس وجموحهــــــــــــــــــــــــا .
ــ الاستضاءة بالثاؤوريا مع الهدوء وعدم تصور الأشكال ،
تســـير بالعقل دائمـــــاً ليكون كفء ليقــــوم متأمـــــــــلا في أي ثاؤوريا تظهر له .
ومن يقاومنا في هـــــذا فهـــــــــو ليـــــــــــس فقـــــــــط يضــــــلل الآخـــــــــرين ،
بل هـــــــو ذاتـــــــه قـــــــــد زاغ عن الطريق ولا يشـــعر ،
وهـــــــــــــو يســــــير تابعــــــــــاً لغى تخيلات عقـــــــــله .
ــ في زمان القتـــــال والظـــلام ( الروحي ) فلنثبت في الصلاة وعمل الميطانيات إلى الأرض ـ
حــــــتى لو كنــــــا في طياشـــــــــة ( فكـــــــر ) .
وإذا لم يكن القتال متواتراً وظلاماً محزناً بل هو طياشة العادة بجموح أفكار غير منضبطة ،
فلنزيــــــد القـــراءة أكثر من الثبات في الصـلاة ،
ونمـــــزج الاثنــــين مع بعضــــــــــــــــــــــــهما ،
ونأخذ من الكــــــتب دواء نقدمه للصـــــــــــلاة .
ــ لا تبطل من قلبك ليلاً ونهاراً الصلاة قائلاً : " يارب نجني من ظلام النفـــس "
فهذا هو هدف كل صلاة صحيحة .
ــ النفس المظلمة هـــي الجحيم الثـــاني ،
والعقــــــل النير هـــو شريك السارافيم .
ــ طــــــــــــــوبي لمن انفتـــــح قلبــــــــه وأحس بالشيء المزمع أن يفعله الله مع جنس الناطقين ( أي البشر )
( وهو أنه سيعطيهم الملكوت الســـماوي ) .
ياللعجب :
كم ستكون بهجة الطبائع المعقولة ( أي الملائكـــة ) ،
لأنهــــــم يعرفون عن حق لأي رجاء دعينا نحن وهم .
ــ التدبير الروحاني هو عمل بعيد عن الحواس ،
فالعقل يكون في شركة مع الله حيث يعـــــلن له أســــــراره ،
هذا دعاه الآباء عقل عاري ( أي مجرد من الفكر الأرضي ) ،
ودعـــــــــــــوة أيضـــــــــــاً نظرة تفـــــــوق الأجســـــــــام ،
لأنه هـــــو ذاتـــــــه ينظــــر بهاء نــــــــــور نفســـــــــــــه ،
وفي وقت الصـــــلاة ينظــر في ذاته منـاظر ســــــــــمائية ،
أي يرى مجد الله في نفســـه الذي هو نظـــر أســــــــــراره .
ونظر مجد الله هو أن يتحرك فيه إدراك عن عظمــــــــــة طبيعتــه ، ويرتفع عن هذا العالم بأحاسيسه ،
وهنــــا يتحقق ( روحياً ) من الرجاء المزمــــع ( أن يكون في الحيــــاة الأبديـــة ) ،
وهــــذا هـــو اقتناع العقل الذي قــاله بولــــس .
ــ كما أن النـــــار موجودة في طبيعة الحجر والحديد ولكنها تحتاج لمـــن يحركهــــــا ( يقدحمها )
كذلك الصــلاح موجـــود في طبــع النفس ( يحتاج ) إلى نعمة الله وحرص الإنسان واجتهـــاده ،
هذه التي تربط بينهما بحريته وليس غصــــباً .
إلى أن نخـــــــاف ونمتنع عن الشرور ،
لا تتحرك في الإنسان محبـــــة الصــــلاح بحــــــــلاوة وحـــــرارة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق