مشورة نافعة فى سيرة معرفة الحق ( 4 )
ــ المتوحد الذي بحكم النيـــــة يتدبـــر ( أى يتصرف ) ويهـــتم حقــاً بسلام قلبــــه ،
فإنه بســــــــــــــرعة يجلب اللوم على ذاته سواء أخطأ أو لم يخطء وهذا يعطيه الرب نياحاً ،
لأن الشرع الروحاني الذى يتدبر به الذين بحكم النية يصــــــــبرون لأجل ســلام قــــــلوبهم ،
يضـــــــــاد لشــرع النفســـاني العـــــــــــادل .
ــ المتوحد الذي يتدبر حسب النية والذى قد جرب معاشرة الناس العظماء والحـــقيرين ، والأبرار والخطــاة ،
وأنه لا يمكنه أن يعيش معهم من دون شهوة وغضب ورياء فى المحبــة ،
وإذ قـــــد شـــــعر بالخســــارة التي من هـذه الأحوال ، فليفـر على الـدوام إلى الســـــــكون ،
وكعاجــــــز يســتعين بالصمت لئـــلا يفقــد ســـلام قلبـــــــــه .
ــ الــــــــــــذي يفحص تقصــــــير الأخـــــوة ( الرهبــان ) ليـس لضـــربته شــــــــــفاء .
ــ والــــــــــذي ينظــر الخشـــبة التي فى عينيــه لا يتفرغ لينظر الحسكة فى عين أخيـه .
ــ الــــــــــــذي رسم فى قلبه بلا نسيان صورة الفريسي والعشار ،
فلن يفتخر بأعماله وأنه نشــــــــيط .
ــ الــــــــــــذي تكون راحته ( سبب ) ضنك وتعب لآخرين ، فهــو ضد الله .
ــ الــــــــــــذي لا تتوافق بواطنه مع ظواهره ( ويتمنى أن يأتيه ) سـريعاً .
الإحساس بمـــيراث القديســــين فهــــو يضــــــــل نفســه .
ــ الــــــــــذي يعتنى ليقوم فى ذاته النقائص التي تظهر له فى آخرين ممن هو ساكن بينهم ،
فهذا فى داخله مـــــــرآة روحـــــانية .
ــ المتـــــوحد المتراخي المتهاون هو الذى يدعو الآلام ( أى الشــــهوات ) للهجـــوم عليه .
ــ النشــــــيط بالأعمال والأفعال ( أى الجهــــــــــــــادات ) ترعـــــب منــــــــــــــه الشــــــياطين ،
( أما هم فإنهم يحاولون ) بخداعهم أن يشعلوا فيه حرارة التكبر .
ــ العـــــــــارف المتدبر بالمعرفة بتمييز ، يدبــــر لـــه الشياطين أوجاعاً عظيمـــة ،
يرصـــدون عقبـــــــــه ( أى يتعقبونه) ليلاً و نهاراً لكي يصطادوه .
ــ المتوحد الذي يدوس نور ضميره ، فإنه عتيــــد أن
يُجلد منه بمرارة التبكــيت وظلمة الندم .
ــ كمـــــــــــا أن الطائرة برقاده على البيــض يسخنه فيفـــرخ ،
هكــذا أيضـــــاً يكون المتوحــــد مــــادام فى ســكون القــلاية .
فهو كمثل البيضة تحل وتحوم عليــه النعمـــــة مثل الأم فيســـــخن بالحب الإلهى ،
ويكـــــون حــــــاراً بالــــــــروح ويــــــــــــورق في قلبـــــــــــــــــه ثمرة الـــروح .
أما الـــــذي بإرادته يبعــــد نفســــــــــــه من تحت النعمـــة التي هى أم الجميع ،
ويطيش ويتشتت بالــــدوران ( خارج القلاية ) فإنه يـــبرد و يرذل .
ــ الراحة المقدسة التي تكون للنفس من النعمة بعد ( ممارسة ) أعمــــال التـــــوبة ،
ليس لحلاوتها قياس ، واللسان ليس له قـدرة أن يعبر عن مذاقها .
ــ كمـــا أن الأشجار الـتي ينثر أوراقهــا وتجــف فى فصـــل الشـــــتاء ،
فــهى من ذاتها فى شـــهر نيســــان ( أبريــــــــل )
يخرج من داخلها الجفاف - وليس من مصدر آخر -
مجــد وبهاء التي هى أوراق وأزهـــــار وأثمــــــار ،
هكــــــذا القديسون الذين بإرادتهم أماتوا أعضائهم الأرضية بالضيقات والأحـــــــــــزان وأعمـــال النســك والجهـاد ،
فمن بعـــد حفظ الوصايا تغلبوا على الآلام وتطهروا ، فإنه من داخلهم الحقير بالتواضع والصــــبر
على التجارب تحيا النفس وتتجدد بســــر القيـــامة ، وتلبس حله المجد ، ويشرق العقـــل كمثـــل
مــا سيكون فى الحياة الجديدة ، لأن قيامة الصديقين المعقولة ( أى الروحية ) ههنا هي سر ومثال
لتـــــلك ( القيامة ) العــامة .
ــ المتوحد الذي في سيرته تكون أهداف أعماله مطابقة لمشيئات ضـميره فهو ابن لأبي الـــروح ،
وسـريعاً ما يتحـــــــــــــرر مـن طياشـــة الضمـير .
ــ كمــــــــا أن الأطبـــــــــــــــــاء لا يأمرون المريض باليرقان أن يأكل شــــــهد عســــل ،
بل العكس يسقونه مرارة الإفسنتين ، فتصيبه غصــــة ،
كــــــــــــذلك الآباء الروحانيون لا يطــــــالبون من لم يتحـــــرر بعــــــــد مــــــن الآلام ،
أن يكـــــون له شهد سلام القــلب ونيـــاح فــرح الروح ،
بل عكس ذلك أي أن يــــــــذوق مـــرارة الأعمال وشـــقاء وضيقــات وتجـارب متعــــددة ،
بالوحدة الموحشة والعوز ، لأنه فى وسط المشقات توجد المراحم الإلهيـة ،
وأيضاً نقول : إن الذيــــــــــــــن عتقــــوا وصحوا هم محتاجـــــون للأدويــــــــــــــة ،
الـــتي تســـــــــبب الغصــة المعطـــرة بالإزدراء والتجارب والضيقات ،
وذلك مثـــــل بولس ( الرســول ) الإلهي الذى من أجــــــل كــــــثرة الإســـــــتعلانات
أسلم إلى شــــماتة ( ملاك الشيطان ) لئـــــلا يتعـــــــــظم ( 2كو 12: 7 ) ،
لأن جنســـنا جميعه خاطئ وحائد ومفتقر فى كل وقــــت إلى التوبـــــــة .
ــ الناســـــــــك الذي من أجل سيرته الإلهية يســـــكر بالظنــــــــون وينتفـــــــــــــــــخ ،
إن تخلت عنه النعمة قليلاً ، فإنه لا يســـــلم ليـــس ليد الشــيطان فقـط ،
بل أيضاً لضعف جسده ،
ومــــــن الاضـــــــطرار ، بســــــبب الأمــــــراض والأوجاع المختلفــــــــــة ،
يعتنى بخدمة بطنه دائماً ، حتى أنـــــه يمقــــــــت عبوديـــــــة نتنهـــــــــــــا ،
لأنه ليــس قتــــال أصـــعب ولا أردأ ولا أشـــنع منها ،
وعند ذلك فهو من ذاته يدرك موهبة الله و مراحمه وعنايته بطبيعتنا الحقيرة .
لأنــــــــــه بالحقيقــــة لهى نجسة الصـــلاة التي تخـــرج من شـــبع البــــطن
حتى على صاحبهــــــــــا .
ــ الفضـــــــــائل المقترنــــــــة بالمجد الباطل ،
آخرتها أن تبيد بمحبة المديح .
ــ المتوحـــــد الذي يشــتهى أن يعلم ويقـــوم كثـيرين على أنها فضـيلة ،
هو مســروق من محبـــة المديــــــح وهــــــو لا يحــــس ،
لأن حكمة الكلام لا تنجح فى كل وقت
ولا مـــــــع كل أحــد .
أما ســـــــــــيرة تدبير الفضيلة والنسك ففي كل حين وفي كل مكان يمدحونها حتى عنــــد الزنـــــــــاة .
ــ الكـــــــــــــلام المرتب المنمــــــــــــق عن السيرة والحكمة وعلى معرفة الحق موجود ( أى متاح )
حتى لدي النفوس النجسة ،
أما تـــــــــدبير ســــيرة الحق فهــــو ليـــــــس كلام منمـــــق مــــزين ، بــل طهــارة ونقـــاوة النفـس ،
لأنه كتـــــــب أن قلة الخبرة فى الكلام ( أى فى الوعظ ) ليست خسارة فى طريق الكمال .
ــ ميـــــاه كثيرة تخرج من الصخرة لتســقى فـــــــردوس الأفـــراح ( أى فردوس النعيم ) ،
ومعارف كثيرة عن سيرة الحــــــق تتبـــــع من قــــــلب النفسـانيين ( أى الروحـــــانيين )
لتسـقى نفـــــــوس البسطاء المجاهدين فى سيرة الروح ( محبة ) لسيدنا .
ــ المتوحد الذي يحب السكون ، إذا مُقــــت من الناجحين فى الســــيرة خارج الســـــكون ( أي غير المتوحدين ) ،
فإن تضايق من كلامهم ولم يحن عنقه خضوعاً لهـــــــــم بفرح وصـــلاة عليهـم ،
بل يريــــــد أن يكرم ويمتدح منهم ، ويُظهر أنه يجب أن يحسب من القديســـين ،
فهــــــــــــــــذا متمســــــــــــك بزى السكون بالتخيلات فقط ،
ومتصــــور أن عزاء القديسين ( ينالوه ) من الســــماع فقط ( أى دون تطبيق عملى ) .
ــ الغلوة ( الخطوة ) الأولى لســــــــيرة بساطة الإيمان هى :
أن تشـــتعل النفــــــــــــــــــوس بالدمـــــــوع ،
ويســـحقون القلب بالخوف من عذاب الجحيم ،
وأيضـــــــــاً بالوعود بالتنعم بملكوت السموات ،
والتــــــــــى تجـــذب النفس ( فهذه هى سـيرة )
جميع الناس الذين يدخلون ملكوت الســــموات .
وأما الـــــــذين يتدبرون بالحرية ( أى ليس عن خوف من العذاب ) فهؤلاء قليلون ،
وهم يفحصـــــون عن الحق ويفتشـــون عن الســيرة ( المقدســــة )
وبعد جهد يؤهلون لعلو شرف السيرة .
ــ الإيمــــــان يعطى الضمير الاقتناع بالاتكال على الله ،
ويلـــــــــــــقى الخوف إلى الخــــــــارج .
ــ ليــــــــس عذاب الجحيم إلا أن تكون النفس فى ضــنك ومتضــايقة بالكــآبة ،
ولعدم إيمانهـــا وثقتهـــا بالله تحرم من الخـــــــفي .
وملكـــــوت الســـــماء : هــــو ضمير يفرح برجاء الوعود .
ــ إن الــــــــــــــذين يسكرون بالخمر ويتلذذون بالأدوية ( المســكرة )
يخرجون عن حـــــدود المعـــــرفة النفســــــــــانية .
ومعروف أيضـــــاً أن الذين يســــــــكرون بالحب الإلهى ويسمون بعمل السيرة الروحانية ،
فإنهــــــــــــــــــــــــــــم بفـــــــــــــرح رجـائهم يثبـون إلى غايـة النقـــاوة ،
ويحســــــــــــــــــــــون بالأســـــــرار التي تفوق الطبع ( أى الروحيـــة ) .
ــ إن طبيعة الحب أنه حلو وحار طبيعيــــاً ،
لذا فمن الضرورة إذا فاض الحب الإلهي على نفوس القديسين وقت الصلاة ،
فإنـــــه يشعل القلب وينبع الفـــــــــــرح فى النفس وتؤهل للمناظر العجيبة .
ــ ليس كل أحد يؤتمــــن على ذخـــــيرة الروح ،
ولا كل أحد يحفــــظ وديعـــــة النعمـــــــــــة .
ــ المتوحد الذي سيرته يكون متشوقاً لعظائم الله ( مثل مشاهدة الرؤى وعمل المعجــــزات )
الــــــــتي أعــــــلى مـــــن رتبتــــــــــــــه ،
فإن كان غير مدرب ومحــترس ، فإنه كثير ما تصادفه عظائم من الشـيطان .
ــ أما الـــــــذي استحق أن تكون له موهبة الروح ،
ولكنـــــــــــه لم يحفظ الوديعــــة كما يجــــــــــب
بمحبته لله والتواضع فى كل سيرته ،
فإنه يُســلم للمعـــذبين ويشـهرون به .
ــ ليــــــــــس كـــــل من يتظــاهر بحفظ الوصايا يتحرر من الآلام ( أى الشـــــهوات ) ،
فكثيرون يتظاهرون بحفظ الوصايا وهم لا يحسون بالآلام القاتلة لهــم ،
لأن كل الفضــــــــائل تتــــــولد من الصبر و التغصب وبالأكثر الســـكون والتحفــــــــظ ،
فهـــــــذه هى سيرة الحرية التي منها نقـاوة النفس ونور الضمير .
ــ المحــــــــــــــــب للســــــكون والتحفـــــظ
كل الأحاديث مع آخـــــرين هى خسارة له .
ــ الصــــــــــــلاة التي يقدمها القديسون لله من أجل الخطـاة ،
تشبه الدواء الذى يقدمه الطبيب للمـرضى ،
فالدواء يعين حسب قدرة المريـض على التجــــــــاوب ( مع فاعليته ) ،
فإن كـــانت القدرات الطبيعية ( للإنسان ) توقفت عن العمل ( أى مــــاتت )
فأدوية الأطباء لا تنفع شيئاً .
فإذا كان موجود الإيمان وغرض مخافة الله فى النفس ،
فــــــإن أدويــة الصـــلاة تقــــــــدر أن تعــــــــــــــــين .
فلهـــــذين الأمـــــــرين يحتاج من كان غرضه مخافة الله :
أى أن يحيي بالأفعال ( أي الجهاد )
وأن يلتجئ إلى المعونة التي من الأدوية ( أى صلوات القديسين ) ،
لأن صلوات القديسين تشبه السلاح ، فالقوى إذا لبــس الســلاح يكون له الغلبة ،
أمـــــــــــــــــا الضعيف المستهين بالسلاح فإنه يمـــــــوت .
فلهــــذا لا نلـــوم صــلوات القديســين إذا لم ننل سؤالنا ، بل ( فى هذه الحالة علينا ) أن نقـوم تدبيرنا ،
لأن تدابير الحرية ليست هى السلوك بانحــــلال أو انحلال السيرة وتســـــــــــيب اللســـــان ،
بل تدبير الحرية هو طـــفولية ( أى ببساطة ) معرفة الصيادين .
( أي الآبـــــاء الرســــــــل ) الذين بسذاجة قلوبهم يســـــــــــبحون الله الذى انتخبهم من العالم ،
هؤلا بحقارتهم كرزوا وخزوا حكماء العالم بحســـب تدبــــــــيرهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق