4 ـ العقل والحواس :
38 ـ إشـــاعات العقل ( أي أفكاره ) تنطلق إلى الخــارج بواسطة الكلمـــة ، ويتذوقها السامعين ،
وهذا ظل وصورة الصلاح أو الشر الموجــــــــــــود على مـرآة القـــــــلب ،
فالكلمــــــــــــة تعبر عن كل شيء عليها ، و بهــــا يعرف الآخــرين الحــسن والســـماجة ،
39 ـ وإذا كـــــانت الحواس الخارجية هى كتبـــة الكتــــاب القـــــــــــــلبي ،
فالنسخة التى عنها يكتبـــــــون هى مواد تؤخذ من الأمورالعالميــــة ، والتى تنبع من اللقاءات النافعـــة والضارة ،
مع الســــــــــــاكن معهـــــــــــــــــم ، وهــى السبب في حيــاة الإنسـان أو موته .
40 ـ إن كــــــانت الحواس الخارجية هـى فلاحـــــون يزرعـــــــون أرض القـــــــــــــــــــــــــــــــلب ،
فمعلوم أنهم من مادة البــــذار التـى توجـــد فى القريبــــــــين منهم يزرعــــــــــــــون الأرض ،
إن كان زوان أم حنطــــــــــة ، وذاك الشــــــــــــــــــــــــــــيء الــذي يزرعه الإنسان إياه يحصد .
41 ـ إن كانت الحــواس هى أنهـــار تسقى أرض القــــــــــلب ،
فبالضــــــــــرورة أنه بحسب حـــالة الماء الخـــــــارجى ،
والذي يســــــــكب فى مجـــــرى الحــــواس تسقى القلب ،
إن كانت عكرة أم صافية ، حلوة أم مرة .
لا يمكن العتق من العــــالم وأموره ولقاءاته إلا بالموت ،
ســـــــــــواء كان الموت العـــادى الحتــــــمي ،
أو الموت الإرادى العقـــــــــــلى ( عن العالميات ) .
42 ـ الذاكرة هى خازن دار القلب ، يقبــــل من ذخــــائره الصلاح والشـــــرور ،
ثم يرجــــع بذكــــره بهــــــــا بالهــــــــذيذ .
43 ـ الأفكــــــار غير المتمـــــيزة تنبع من الكلى كمثل بخــار ماء ، وفى أي وقت تستقبل التصورات من القـلب ،
حســــب ما فيه من انطبــــاع ، وإن كــــــــان لليمــــــين أو للشـــــــــــــمال .
44 ـ من بخار اليقظــــــــــــــــــــــــة تتولــدالأفكــــــــــــــــار ،
ومن بخار المستغرق فى النوم تتولــد الأحــــــــــــــلام ،
وكمـــــــا أمــــــــــــــــــــرنا أن ننقـى تـدابيرنا بالنهـــــــار لتكون أفكـــــــارنا نقيـــــــــــــــة ،
هكــــــــذا أمــــــــــــــــــــرنا أن نطهر أجسادنا ونفوســــنا ليـــــلاَ
لكـــــــى نعتــــــق من الأحــــــــــــلام الســـــمجة التــي يرسمها الشياطين بحيلهم .
45 ـ كل لهـــــج رديء يكتب على كتاب القلب هو من نسخ الحواس والذاكرة ،
يمحوه ويستأصله الإفراز الجيد للقـــــلب لكـــــى لا يخــــرج إلى الفعــــل .
46 ـ النية الصالحة ، فى كل حين تحكم وتـؤنب الإرادة ،
لكى لا تكتب ( على لــــوح القـــلب ) شـــــروراً ،
وتبكــــت الحـــــواس وتعظهـــــــــــــا ألا تقدم مــادة رديئـــة ،
وتعين الإفراز حتى إذا كتب شيء رديء يمحوه لكى لا يخرج ،
إلى الفعـــــــل .
الضمير والتمييز والذهن هى التى ترتب وتنظــــــم ،
وهى سراج كل بيت القـلب .
47 ـ اللسان الكنعانى ( الفكر الغريـــب ) يســـرق كنوز القلب ويفضـــــح النفس ويفقــــــرها .
أما النعمـــــــــة فتعين وتعضـــــــد كـــــل من يريد لنفسه عمــــــــــل الصـــــــــــــــــــلاح ،
والـــــــــــــــذي يختار لنفسه الشر يسقط من النعمــــــة ويعضده الشيطان ويعينه لهلاكه .
48 ـ كل واحد منا بقدر ما يسد طاقات الحواس ، ويحفظهـا من اللقـــاءات ، لئلا تدخل الماء العكر إلى داخل ،
فتحرك ذكريات غريبـــــة ، وتنجــــــس بيـــــــــت القـــــلب ،
هكذا يســتنير فى الصـــــــلاة .
49 ـ إذا ما انتزعت الآلام وانقشع ضــــباب ظـــــلمة الطغيـــــــان بالأعمــال ،
حتى لا يبقى شيء من ظل الشــــهوات فى النفـس ،
وقام الطبع بمجــد طبيعــة خلقتــــــــــه بالنعمـــــة ،
فإنه بنور عدم الآلام ينظــر ويمــــــيز الحــق من الشــــــبه المضـــــــل ،
ويكــــــــــــــــــــــون العمل والأفكار والكلام والجهاد بلا بلبلة ولا تخبط .
50 ـ متى لم يبق على صفحة العقل آلام ولا أشكال مادية للعــالم المحســوس لا بالذكـــــــــــــــر ،
ولا بالهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــذيذ ولا بالأفكــــــــــــار ،
حينئذ يستطيع الذهن أن يعتـــــــق من الهم والأحزان والحنــــق والغــيرة والمفاوضـــــــات ،
والتخيــــلات الـتى تنجــس الإنســـــان و ترذلـــــــــــــــه ،
و يزرع داخل القلب السلام الروحــاني والفــرح الســيدي .
51 ـ إن كان في ملكوت الله لا يوجــــد تخبط وتكدر وحــــــــــزن وكآبة وندم وتغصب وخـــــــوف وعــــــذاب ،
لأن الذهن قد مات عن الخطيــــــــــة وقــــام بالروح للبر و الصـــــــــــــــــــدوقية ،
وتحرر من الندامـــــة والحـــــزن والخــــــــــــــــــــــــوف ،
وملك فيــه الســــلام والحـــــــب والفرح بالروح القـدس .
52 ـ احذر أن تضـــل فتغــــــير السلام بالسلام والفرح بالفــــــــرح والعزاء بالعزاء وباقي ما يشبه ،
فكــــــــل ســـلام وفــــرح يتولد من ســـبب ما ، فهــــو ليس قائمــــاَ من ذاتـه ،
لأن لـــه سبب عــــالمى ، والعـالم متغــــــــــــير .
والموضع الذى ليس فيه حرية حقيقية متحررة من الميــل للآلام ،
ليس فيه ســـــــــــــلام وفــــرح حقيـــــــــــــــقي .
53 ـ الصـــــــــــبر والتجـــــــــــــــــــــــــــــــــلد هما ابنا الغصب ،
وطول الروح واتساع النفــــــــس والتمهل هن بنات الحرية .
لهــــــــــــــذا فبالصـلوات الدائمة والدموع المحــــــــــــزنة
والتضـــــرع والطـــــــــــــــــــــلبة و المطـــــــــــــــــــانيات
وتلهــــــــف القـــلب الحــزين بالله واشـــــــــــــــــــــــــتياق
و اتضـــــاع بإنسحاق الندم ننتظر و نترجــــــى كل ســـاعة فعــــــــــــــــــل النعمـــة ،
ونجــــــلس فى السكون تحت ستر ظلال العلى لنؤهل لإنعام ذلك الســلام ، والعزاء
الذي لم تنظره عين ولم تسمعه أذن ولم يخطر على قلب إنسان .
54 ـ مادام فى داخلنــا ألـــــــــــــم ، تكون النفس مرتبطة بحبه ،
ولا يفعل فينا الروح بإســــتعلاناته المجيـــــــدة ،
وإن كان يفعـــــل أحيــــــــــاناً لجذب البسطاء وعزائهــم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق